22 ديسمبر، 2024 8:31 م

الهيئات المستقلة … وإرادة السيطرة وامتداد النفوذ ؟!

الهيئات المستقلة … وإرادة السيطرة وامتداد النفوذ ؟!

القسم الثالث
نصت المادة (110) من الدستور ، الخاصة بالإختصاصات الحصرية للسلطات الإتحادية ، وفي البند (ثالثا) منها على ( رسم السياسة المالية ، والكمركية ، وإصدار العملة ، وتنظيم السياسة التجارية عبر حدود الأقاليم والمحافظات في العراق ، ووضع الميزانية العامة للدولة ، ورسم السياسة النقدية ، وإنشاء البنك المركزي ، وإدارته ) ، ولعل ما يهمنا في هذا هو موضوع إنشاء البنك المركزي وإدارته ، الذي لا ينسجم أو يتناسب مع تأسيس وإنشاء البنك المركزي بموجب القانون رقم (72) في 18/6/1956 ، مع سبق تأسيس مصرف زراعي– صناعي بالقانون رقم (51) في 14/9/1935 ، وإصدار قانون مراقبة المصارف رقم (61) في 9/5/1938، وتأسيس مصرف الرافدين بالقانون (33) في25/3/1941، والمصرف الوطني العراقي بالقانون (43) في 20/7/1947، وقبل كل ذلك خضوع المعاملات المالية المصرفية لقواعد البنك العثماني السلطاني ، إضافة إلى أن كلمة ( وإدارته ) هي الأخرى تتعارض مع نص المادة (103/ثانيا) من الدستور ، التي تقضي بأن ( يكون البنك المركزي العراقي مسؤولا أمام مجلس النواب ) ، بإعتباره من الهيئات المستقلة إداريا وماليا بموجب البند (أولا) من المادة ذاتها ، والتي تعني عدم إرتباطه به إلا من جهة الرقابة فقط ، إلا إن ممارسات الحكومة تهدف إلى نزع إستقلالية تلك المؤسسة بحجة مسؤوليتها أمام مجلس النواب ، وعدم نص الدستور على تحديد جهة إرتباطها ، بغية السيطرة على خزينة الدولة والتصرف بموجوداتها بما في ذلك الإحتياطي المالي للبنك المركزي خلافا للقانون ، وذلك ما أعلنه محافظ البنك المركزي العراقي سابقا ( سنان الشبيبي ) بعدما أثير في نهاية العام 2012 ، موضوع سوء إدارة السياسة النقدية بسبب شبهات الفساد الدائرة حول بيع الدولار الأمريكي بالمزاد العلني اليومي ، وحالات غسيل الأموال وإنخفاض قيمة النقد العراقي مقابل العملات الأجنبية ، وتهريب الملايين من الدولارات إلى خارج العراق لأغراض وغايات وأهداف شتى ؟!. ومنها إصدار فئات من العملة الورقية العراقية بإسم محافظ البنك المركزي العراقي وكالة ، خلافا لصلاحياته وخرقا للدستور والقانون ، ولأعراف إدارة البنك والسياسية المالية والنقدية ، التي تطرقنا إليها في مقالتنا المؤرخة في 9/ 10/2008 تحت عنوان (مجلس النواب ليس جسرا لتحقيق مصالح حزبية وشخصية ) .

أما المواد ( 134 – 135- 136 ) من الدستور ، فتؤكد نصوصها على قيام المحكمة الجنائية العراقية العليا بأعمالها الخاصة إلى حين إلغائها بقانون ، والهيئة الوطنية العليا لإجتثاث البعث إلى حين إنتهاء مهمتها وحلها بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب ، وكذلك الحال بالنسبة لهيئة دعاوى الملكية وحلها بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس المذكور ، بوصفها من الهيئات المستقلة إرتباطا إداريا ، والمؤقتة أو الإنتقالية حكما وعملا ، إلا إن أصحاب النوايا السيئة والأجندات الحزبية والفئوية الضيقة الهادفة إلى عدم إستقرار العراق ، إتخذوا من أركان الإستناد إلى تأويل أو تفسير بعض المفاهيم السياسية البائسة ، وإسقاطها على بعض نصوص مواد وفقرات الدستور ، ومنها نص المادة (7/أولا ) منه ، بأن ( يحظر كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي ، أو يحرض أو يمهد أو يمجد أو يروج أو يبرر له ، وبخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه ، وتحت أي مسمى كان ، ولا يجوز أن يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق ، وينظم ذلك بقانون ) ، ليجعل من مهام تلك المؤسسات المؤقتة أو الإنتقالية ذات صفة دائمة ومؤقتة في آن واحد ، لغرض ديمومة تنفيذ مضمون المواد المذكورة خارج حدود زمن الإجراءات المقررة ، بدوافع المعايير المزدوجة في التعامل المغمس بمطلق شرور الإنتقام والعدوانية ، وتلك غاية ومراد الخصوم السياسيين الساعين إلى تجسيد وترسيخ الأعمال المؤقتة وغير العادلة ، إلى حين يشفي إجتثاث الموظف والمعلم البسيط صدور قوم ملئت عقولهم وقلوبهم وأنفسهم غلا وغيضا وحقدا أزليا ، في الوقت الذي يتولى أمثالهم منصب مدير عام أو قائد وحدة عسكرية أو وزير ومن بدرجتهم ، دون الإنتباه والتحوط من خشية إعادة تطبيق ذات الإجراءات على من سنها ، والأيام دول بين الناس ، سيما وأن الجرائم المرتكبة بشكل مباشر أو غير مباشر ، من قبل أعضاء العملية السياسية البائسة خلال وبعد مدة الإحتلال ، والتي سيرفع عنها الغطاء يوما ، وتتكشف حقائقها بعد خلاف كل إثنين من المشاركين في إدارة ومسؤولية سلطاتها ، تؤكد ما يمثله الإجتثاث من ممارسات إنتقامية إنتقائية ، لا يمكن تجاهل آثار نتائجه السلبية لأمد بعيد ، بل وتقتضي توجهات العمل السياسي في العراق ، إحياء ذات الإجراءات بحق المنتمين إلى الأحزاب المؤيدة والعاملة على تطبيق تلك المفاهيم ، المخالفة لكل أنواع العمل السياسي والديمقراطي وما نص عليه الدستور في فصل الحريات ، المتعارض مع مساءلة ومعاقبة من لم تثبت إدانته قضائيا ، وذلك رأي معظم المشاركين في إدارة ومسؤولية السلطات الثلاث ، وكذلك هو رأي العقلاء من الناس .