23 ديسمبر، 2024 1:48 ص

الهيئات المستقلة … وإرادة السيطرة وإمتداد النفوذ ؟!

الهيئات المستقلة … وإرادة السيطرة وإمتداد النفوذ ؟!

القسم الثاني
نصت المادة (103/ثالثا) من الدستور ، على أن ( ترتبط دواوين الأوقاف بمجلس الوزراء ) ، بغية حرف القصد من الإرتباط ، إلى تسهيل التنازع بين ديواني الوقف الإسلامي ، بتحويل عائدية بعض العقارات والمساجد والمراقد والمزارات إلى إحداها ، والإستحواذ عليها مذهبيا ، للإفادة من عوائدها المالية بشكل مباشر ، ولأغراض ودواعي أخرى ذات بعد طائفي ومذهبي خاص بتكوين المحافظات أو الأقاليم مستقبلا ، بدلا من إعادة دواوين الأوقاف إلى سابق عهد وحدتهما الإدارية والمالية وزاريا ، والعناية والإهتمام بهما كوحدة إرث وتراث قائم دينيا وحضاريا وثقافيا على حد سواء ، كما نصت المادة (104) على أن ( تؤسس هيئة تسمى مؤسسة الشهداء ، ترتبط بمجلس الوزراء ، وينظم عملها وإختصاصاتها بقانون ) ، لتختص برعاية شريحة معينة ومحددة مذهبيا أيضا ، ونصت المادة (105) على أن ( تؤسس هيئة عامة لضمان حقوق الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم ، في المشاركة العادلة في إدارة مؤسسات الدولة الإتحادية المختلفة ، والبعثات والزمالات الدراسية ، والوفود والمؤتمرات الإقليمية والدولية ، وتتكون من ممثلي الحكومة الإتحادية ، والأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم ، وتنظم بقانون ) ، ومع إن الهيئة المذكورة لم تؤسس لحد الآن ، إلا إن إنحسار الإستفادة في إطار مؤثرات المحسوبية والمنسوبية الطائفية والمذهبية ، وإنعدام العدالة في توزيع كل ما تضمنه النص من حقوق ، واضحة جلية في عدد شاغلي إدارات ومسؤولية مؤسسات الدولة الإتحادية المختلفة ، وطلاب البعثات والزمالات والإجازات الدراسية داخل وخارج العراق ، والمشاركين في الوفود والمؤتمرات الإقليمية والدولية ، وفي الإيفادات قصيرة المدة لغرض الإطلاع أو المشاهدة أو التدريب ، وإن كانت قائمة على أسس المكافأة والمحاباة ، إلا إنها صورة واضحة في التمييز بين أبناء المكونات الطائفية والمذهبية في المنح والتمتع ، أما أن ( تؤسس بقانون ، هيئة عامة لمراقبة تخصيص الواردات الإتحادية ) ، لغرض ( التحقق من عدالة توزيع المنح والمساعدات والقروض الدولية ، بموجب إستحقاق الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم ، والتحقق من الإستخدام الامثل للموارد المالية الإتحادية وإقتسامها ، وضمان الشفافية والعدالة عند تخصيص الأموال لحكومات الأقاليم أو المحافظات غير المنتظمة في إقليم ، وفقا للنسب المقررة ) حسب نص المادة (106) من الدستور ، فذلك ما لم ولن يتحقق على مستوى تشكيل الهياة المذكورة التي لم تؤسس هي الأخرى حتى الآن ، أو على مستوى إجراءات السلطة التنفيذية المباشرة ، ما لم يقع المال العام بأيد نزيهة وأمينة وعادلة لا تسيء توزيع الموارد ، لأن ما يمكن الإفادة منه مناط صرفه بالمنفقون لأموال الشعب على مقاولات ذوي القربى والأتباع ، لإعادة تبليط أرصفة الشوارع المتآكل تعبيدها بعجلات آليات الإحتلال ، وغيرها من سبل الإنفاق غير السوي وغير العادل ، المشهود له بشدة الإسراف والتبذير ، وخاصة ما يتعلق بالإنفاق الشخصي للمسؤولين على حساب النفع العام ، أو بإعادة إعمار البنية التحتية أو الفوقية التي لم يتمتع بظاهر معالمها نظر المتعطشين لرؤيتها بازغة في زمن حضارة الإحتلال ، حين غرقت المحافظات والعاصمة بغداد بأول قطرات الغيث والمطر ، وقد بلغت ميزانيات الدولة العراقية الإتحادية منذ سنة 2003 ولغاية عام 2012 ، حسب تصريح أحد أركان العملية السياسية ( 500 ) خمسمائة مليار دولار ، وذلك من الأرقام المالية الفلكية المصروفة بدون جدوى حسب تعبيره ، كما تشكو مجالس المحافظات من عدم منحها المبالغ المالية المخصصة لمحافظاتهم في الميزانية العامة للدولة الإتحادية ، ونترك البحث للمختصين في تفاصيل ما يصدع الرؤوس ، إن بقي فيها موضع جزء من العقول ، بعد قرار إلغاء البطاقة التموينية ( المتراجع عنه ) بدلا من محاسبة الفاسدين ، وفضيحة تورط بعض المسؤولين الحكوميين في إستغلال عقد صفقة الأسلحة الروسية ، للحصول على عمولة مقدارها (10%) من قيمة العقد البالغ (4) أربع مليارات دولار ، حسب تصريح أحد النواب لجريدة الصباح الجديد بتأريخ 5/12/2012 ، مما حدا بحكومة الفساد الإداري والمالي وحماية المفسدين والتستر عليهم في أكثر من واقعة فاحشة ومخزية ، إلى الإسراع في إصطناع الخلاف مع حكومة إقليم كوردستان ، وتحشيد الطرفين لقواتهما العسكرية ( الجيش الحكومي مقابل البيشمركة ) على خطوط المواجهة في المناطق المتنازع عليها كما أسموها ، لغرض التغطية على العجز الدائم في إدارة شؤون البلاد كافة ، والفشل الكارثي في معالجة حالات الفساد الذي جعل العراق ضمن البلدان المتقدمة فسادا في العالم ، حسب تقرير منظمة الشفافية الدولية الصادر نهاية العام 2012 ، دون أن يكون في تقارير السنين اللاحقة ، ما هو مؤشر على تحسن الأحوال بشكل بسيط .

كما نصت المادة (107) من الدستور بأن ( يؤسس مجلس ، يسمى مجلس الخدمة العامة الإتحادي ، يتولى تنظيم شؤون الوظيفة العامة الإتحادية ، بما فيها التعيين والترقية ، وينظم تكوينه وإختصاصاته بقانون ) ، وقد قدمنا وجهة نظرنا في مقالتنا المؤرخة في 11 و 12/7/2018 تحت عنوان ( مجلس الخدمة العامة الإتحادي … للدعاية والإعلان السياسي . ) ، وإن لم يتم تشكيله لحد الآن ، بسبب نوايا إناطة مسؤوليته بمن لا يمتلك الخبرة العملية الفعلية لإدارته مهنيا ، إضافة إلى التوسع في تحديد مهامه وواجباته إلى الحد الذي لا يمكنه من الوفاء بإلتزاماته وإنجاز واجباته ، مع وجود الكم المتراكم من الأخطاء والتجاوزات التنفيذية النوعية لقوانين الخدمة المدنية ، خاصة فيما يتعلق بما سمي بتسكين الرواتب وفق الأمر رقم (30) لسنة 2003 ، وما تبعه من إجراءات مخالفة لواقع الإستحقاقات الوظيفية أصلا ، وعدم معالجة تداعيات المشاكل الناجمة عن إجراءات التخبط والفوضى الإدارية بعد الإحتلال ، نتيجة نشوء ظروف وظيفية غير مستقرة من حيث التشريع ، ومليئة بمظاهر الفساد الإداري والمالي من حيث الإجراءات ، ناهيك عن منتجات التوافق السياسي الهش في تشكيل المجالس والهيئات والمؤسسات واللجان ، التي لا يرجى منها نفع مؤقت أو خير دائم وسليم ، ولعل في نص المادة (108) من الدستور ، من جواز( إستحداث هيئات مستقلة أخرى حسب الحاجة والضرورة بقانون ) ، على وفق الرغبة والحاجة لإشغال مراكزها العليا من قبل أعضاء أحزاب العملية السياسية ، ما يدل ويبرهن على عدم الرغبة في قيام مؤسسات مهنية مستقلة بالتمام والكمال اللازمين للنهوض الإداري ؟!.