في مداخلة لي على احد المقالات . . انهالت علي”الافتراءات من كل جانب . . حتى من اولئك الذين كنت اعتقد بأنهم من المتحضرين والمثقفين . واذا ما اردت نشر مقال عن واحدة من السلبيات التي نعاني منها اجد ان كثيرا من المواقع الالكترونية لا تتقبل الرأي الاخر . . اما اذا نشرت صورة او كلمة في مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبك او تويتر . فأنني اواجه سيلا من السباب والكلمات البذيئة التي تسمم البدن لايام عديدة . . وتأتي ردود الفعل العنيفة هذه بالاستناد على الخرافات او على تاريخ بائد وكأننا لا زلنا نعيش بعصر الجاهلية التي كانت سائدة في مجتمعاتنا العربية قبل اكثر من الف واربعمائة عام . . ونرى التاريخ المظلم هذا يراوح مكانه ، ويعشعش في اذهان وعقول الكثير من الناس ونحن في القرن الواحد والعشرين ، قرن العولمة والاتمتة الكاملة . والاكثر من هذا اننا فقدنا الهوية الوطنية لتحل محلها الهوية المذهبية والتعصب الطائفي المبني على انكار الاخر. . مع علمنا جميعا بان المشاعر الوطنية هي اسمى المعاني الاخلاقية . وان الاخلاص للوطن والتضحية في سبيله يمثل رمزا عاليا للانسان المتقدم والمتحضر . بعكس التعصب الطائفي والتضحية في سبيله الذي يمثل ادنى المعاني الاخلاقية . واحط المشاعر الانسانية . . ولا نجد هذا السلوك الا في مجاهل افريقيا وفي الشعوب الوضيعة المتخلفة . وهي اقرب الى المشاعر والغرائز البدائية منها الى المشاعر الانسانية الراقية ، لانها نابعة من الخوف والفوبيا من الآخر . رغم كون الآخر هو انسان مثله له مشاعر واحاسيس وامال واحلام . ان اساس القيم الاخلاقية يستند على احترام الآخر . وان الانسان الوضيع هو فقط الانسان الاناني الذي يحاول الحصول على كل شيئ لنفسه مع انكار الآخر . اما الشخص السوي والاجتماعي فهو يشعر بالسعادة والغبطة عندما يعطي . . سواء كان العطاء ماديا او معنويا اننا عندما اضعنا هويتنا الوطنية اضعنا انسانيتنا واخلاقنا السامية معها . ولكي نحافظ على انسانيتنا ومستقبل اولادنا علينا ان نعيد النظر بواقعنا الاجتماعي والعائلي والدراسي . . وان اول ما يجب ان نقوم به على مستوى الافراد هو عدم التعامل والاتصال مع الاشخاص الذين يتبنون او يروجون الافكار المذهبية او الدينية المتخلفة . او يتفوهون بالفاظ وتعابير غير اخلاقية ، حتى نبعد الاساءة عن ذوقنا واخلاقنا اولا ثم نشجع الاخرين على احترام الآخر وتقبله . فربما يكون الآخر اصوب منا اعتقادا وفكرا
قد تبدو هذه المهمة مستحيلة على مستوى المجتمع المتخلف والامي ، والذي يؤمن بالخرافات ويتواصل مع فضائيات مليئة بالسموم الفكرية . ولكن الامر يهون عندما نعلم بأن الاشخاص المحيطين بنا على الاقل لديهم مثل هذا الاستعداد . حتى نحثهم على تبني هذا النهج لتقويم انفسنا ومجتمعنا في آن واحد