18 ديسمبر، 2024 9:05 م

الهوية الوطنية . . والمحنة الاخلاقية 

الهوية الوطنية . . والمحنة الاخلاقية 

في مداخلة لي على احد المقالات . . انهالت علي”الافتراءات من كل جانب . .  حتى من اولئك الذين كنت اعتقد بأنهم من المتحضرين والمثقفين  .  واذا ما اردت نشر مقال عن واحدة من السلبيات التي نعاني منها اجد ان كثيرا من المواقع الالكترونية لا تتقبل الرأي الاخر .   .  اما اذا نشرت صورة او كلمة في مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبك  او تويتر . فأنني اواجه سيلا من السباب والكلمات البذيئة التي تسمم البدن لايام عديدة .  .  وتأتي ردود  الفعل العنيفة هذه بالاستناد على الخرافات او على تاريخ بائد وكأننا  لا زلنا نعيش بعصر الجاهلية التي كانت سائدة في مجتمعاتنا العربية قبل اكثر من الف واربعمائة عام .   .  ونرى التاريخ المظلم هذا يراوح مكانه ،  ويعشعش في اذهان وعقول الكثير من الناس ونحن في القرن الواحد والعشرين ، قرن العولمة والاتمتة الكاملة .  والاكثر من هذا اننا فقدنا الهوية الوطنية لتحل محلها الهوية المذهبية والتعصب الطائفي المبني على انكار الاخر. .   مع علمنا جميعا بان المشاعر الوطنية هي اسمى المعاني الاخلاقية .  وان الاخلاص للوطن والتضحية في سبيله يمثل رمزا عاليا للانسان المتقدم والمتحضر .  بعكس التعصب الطائفي والتضحية في سبيله  الذي يمثل ادنى المعاني الاخلاقية . واحط المشاعر الانسانية  . . ولا نجد هذا  السلوك الا في مجاهل افريقيا وفي الشعوب الوضيعة المتخلفة . وهي اقرب الى المشاعر  والغرائز البدائية منها الى المشاعر الانسانية الراقية ،   لانها نابعة من الخوف والفوبيا من الآخر   . رغم كون الآخر  هو انسان مثله له مشاعر واحاسيس وامال واحلام 
         ان اساس القيم الاخلاقية  يستند على احترام الآخر . وان الانسان الوضيع هو فقط الانسان الاناني الذي يحاول الحصول على كل شيئ لنفسه مع انكار الآخر .  اما الشخص السوي  والاجتماعي فهو يشعر بالسعادة والغبطة عندما يعطي .  .  سواء كان العطاء ماديا او معنويا 
          اننا عندما اضعنا هويتنا الوطنية  اضعنا انسانيتنا واخلاقنا السامية معها .  ولكي نحافظ على انسانيتنا ومستقبل اولادنا علينا ان نعيد النظر بواقعنا الاجتماعي والعائلي والدراسي .  . وان اول ما يجب ان نقوم به على مستوى الافراد هو عدم التعامل والاتصال  مع الاشخاص الذين يتبنون او يروجون الافكار المذهبية او الدينية المتخلفة . او يتفوهون بالفاظ وتعابير غير اخلاقية ،  حتى نبعد الاساءة عن ذوقنا واخلاقنا اولا ثم نشجع الاخرين على احترام الآخر وتقبله .  فربما يكون الآخر اصوب منا اعتقادا وفكرا 
        قد تبدو هذه المهمة مستحيلة على مستوى المجتمع  المتخلف والامي ،  والذي يؤمن بالخرافات ويتواصل مع فضائيات مليئة بالسموم الفكرية .  ولكن الامر يهون عندما نعلم بأن الاشخاص المحيطين بنا على الاقل لديهم مثل هذا الاستعداد .   حتى نحثهم على تبني هذا النهج لتقويم انفسنا ومجتمعنا في آن واحد