22 ديسمبر، 2024 7:54 م

الهوية الصناعية الإماراتية .. والهوية الصناعية العراقية

الهوية الصناعية الإماراتية .. والهوية الصناعية العراقية

(1)
توطئة
عندما يدرك القائمون على الدولة حتمية التطور التكنلوجي والعلمي المتسارع وتحدياته على اقتصاديات العالم الثالث المنتج للبترول والبحث الدائم عن مصادر الطاقة المتجددة منها والنظيفة للدول المتقدمة والاستغناء عن البترول تدريجيا وضعف الطلب عليه وتدني اسعاره مما يدمر اقتصاديات الدول الريعية.
تسارع بعض الدول وقادتها الى خلق رؤية ناجعة ومبادرة وطنية لتقدم البلد والالتحاق بحركة التطور في مسارات العلم والتكنلوجيا المتعددة. والصناعات هي ماكنة التطور التنكلوجي. وفي ظل الظروف الحرجة والازمات الحادة التي يمر بها العالم. تتهيأ بعض الدول على اعادة قراءاتها وحساباتها الاقتصادية من خلال تفعيل مجالها الصناعي وتعزيز مكانتها الوطنية وتطويرها بما يلائم حركة العالم المتقدم .

(2)
الهوية الصناعية الإماراتية
الامارات العربية هي من بين الدول التي ادركت اهمية العلم والتنكلوجيا وخطرها على مستقبل البترول, لذلك أطلقت مشروع “هوية صناعية وطنية” تهدف إلى رفع مساهمة القطاع الصناعي الوطني وهذا المشروع ستقوده وزارة الصناعة والتكنولوجيا الاماراتية.
وفي تغريدة على تويتر قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم, أطلقنا مشروع Operation 300Bn استراتيجية صناعية للدولة، التي تستهدف إلى رفع مساهمة القطاع الصناعي من 133 إلى 300 مليار درهم خلال العشرة أعوام المقبلة اي ما يعادل 82 مليار دولار.
واكد ان الاستراتيجية تهدف إلى تطوير القطاع الصناعي, وهو تطوير لاستقرارنا الاقتصادي ومكانتنا العالمية ومستقبل أجيالنا.
وهذا المشروع الاسترتيجي يهدف الى دعم وتأسيس13500 شركة صناعية خلال السنوات المقبلة, مع تبني استراتيجية البحث والتطوير العلمي للقطاع الصناعي ورفع وزيادة الانفاق من 21 مليارا إلى 57 مليار درهم.
والهوية الصناعية الجديدة لدولة الإمارات تأتي ضمن الجهود والمبادرات التي يطلقها القائمون على الحكومة لتعزيز مكانة دولة الامارات كإحدى الوجهات الصناعية البارزة على الصعيد العالمي. وتستمد الهوية الصناعية من هويتها الإعلامية حسب تصريح الشيخ محمد راشد ال مكتوم. وهذا يؤكد احترام الحاكم للمؤسسة الاعلامية واهميتها في دعم ومساندة الصناعة باعتبارها احد ادوات التسويق العالمي. والامارات هي الدولة العربية الوحيدة التي نجحت في حجز موقعها ضمن نادي العشر الكبار في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية، لأربع سنوات متتالية، منذ انضمامها لقائمة العشر الأوائل في عام 2017.

(3)
الهوية الصناعية العراقية
الطموح الوطني لدى القادة الحريصين على بلدانهم وشعوبهم بطرح المبادرات ورسم الخطط الاستراتيجية المهمة التي تعزز الصناعات الوطنية كبدائل عن المنتجات الاجنبية, هو دليل على وعي سياسي وفكري لهؤلاء القادة بما يمنح المنتج المحلي هوية وطنية خاصة وعلامة مميزة في السوق تميزه عن أية منتجات أخرى واردة للبلد.
وتحفيز الصناعات الوطنية وجذب الاستثمارات الوطنية والاجنبية في القطاع الصناعي هو السبيل الامثل لبناء اقتصاد مستدام يخرج اقتصاد البلد من الريعية.
ان ما يعزز نجاح الهوية الصناعية الوطنية العراقية هو ايمان الحكومة وقناعة قيادتها في تعظيم موارد الدولة الريعية واخراجها من الاختناق الاقتصادي الاحادي, وذلك من خلال تنمية وتحفيز وحماية القطاع الخاص باعتباره العمود الفقري للتنمية الاقتصادية والسبيل لانقاذ الدولة من أزماتها الاقتصادية التي تهدد المجتمع. باعتبارالقطاع الخاص شريك اساسي للدولة وقطاعاتها بنسبة 50% فهو القادر على امتصاص البطالة والايدي العاملة الفنية والمهنية وتشغيلهم, وتحريك اقتصاد السوق الانتاجية برفدها بالسلع والخدمات المختلفة.

(4)
القطاع الخاص
من اسباب غياب القطاع الخاص وضعفه في العراق عجز الدولة عن ادارة القطاع الخاص ومحدودية دعمها وغياب التخطيط وحل مشاكله بلجان ادارية غير تخصصية من السلطات التشريعية والتنفيذية لم تصل الى حلول حقيقية لكونها تجهل هذا القطاع وعدم اشراكه بتلك اللجان ومناقشته وسماع آرائه باعتباره صاحب الشأن والمعني.
ولايمكن لاي دولة أن تمضي بتفكيرها الاقتصادي نحو الازدهار بعيدا عن القطاع الخاص, حتى في الدول الاشتراكية مثل الصين وكوريا وسنغافورة تعتمد على القطاع الخاص في تنمية اقتصادياتها وتعظيم مواردها. ولايمكن ان يتعافى هذا القطاع او يشهد نمواً حقيقيا دون تشريع قوانين داعمة ومساندة له. ومنها:
تحرير النظام المصرفي . وسن قانون العمل والضمان الاجتماعي. وقانون التأمين. وقانون حماية المستثمرين من الفاسدين والمستغلين والابتزاز السياسي والعصابات والجماعات المسلحة. وسن قوانين حماية السلع. وحماية المستهلك.
وعلى الحكومة العراقية انتهاج سياسة عقلانية في ترشيد الاستيراد العشوائي وعدم اغراق السوق بالسلع والبضائع الرديئة التي تستنزف العملة الاجنبية وتؤثر سلبا على المنتج المحلي. فضلا عن تفعيل القوانين الاقتصادية المهمة التي تساهم في ضمان وحماية المنتج المحلي منها. قانون التعريفة الكمركية التي شرعت عام 2010 ولم تفعل. وقانون حماية المنتج الوطني.

(5)
تحول الصناعة من القطاع العام الى الخاص
منذ الانفتاح الاقتصادي لحد الآن ظلت الصناعة الصناعة العراقية محصورة في زوايا المؤسسات الحكومية وهذا ما زاد من تعثرها وتدهورها وتآكلها حتى باتت تلك المصانع غير قادرة على الانتاج وغير قادة على تسديد اجور موظفيها. أما القطاع الخاص فهو لايتعدى المشاريع التجارية والخدمية أو بعض الصناعات الخفيفة مثل صناعات الأغذية.
لذا علينا ان نستنتج من هذا الطرح هو ان الطبقة العاملة الصناعية في حالة تضاؤل وضعف وهذا يعود الى الفهم القاصر للتحولات الاقتصادية للصناعة العراقية.
وحسب الدراسات والرصد اصبحت رواتب موظفي القطاع الصناعي الحكومي البالغ عددهم 250 الف عامل التي تدفع سنويا تقريبا 15 تريليون دينار (12.5 مليار دولار) في المقابل لا يوجد أي إنتاج.
وللخروج من عنق زجاجة القطاع العام هو تحويل هذه المعامل والمصانع إلى شركات صناعية تابعة للقطاع الخاص, وستساهم هذه الشركات بشكل كبير في دعم الاقتصاد العراقي، وستعيد للدولة نحو عشرات التريليونات من الدنانير سنويا. ولا يكمن تحسن اداء هذه الشركات ورفع انتاجتها الا عن طريق القطاع الخاص كشريك ستراتيجي, على ان لاتكون تلك الخطوة على حساب الموظفين والعاملين فيها ولذلك يجب سن قانون يحمى العمال ويؤمن مستقبلهم الوظيفي والتقاعدي.

(6)
الشعور الوطني
تساهم الهوية الصناعية العراقية في تنمية الشعور الوطني والاحساس بالفخر والاعتزاز بالصناعة العراقية واعادة الثقة بالمنتج الوطني وتشجيع الشباب بالانخراط بقطاع الصناعة الوطنية وزيادة المشاركة الحيوية في هذا القطاع من حيث العمل او الاستثمار.
والعراق بلد خاض مضمار الصناعة سابقا ولديه خبرات ممكن تعزيزها بدورات مهنية هو زاخر بالطاقات البشرية والموارد الاقتصادية والمواد الاولية, وهذه اهم عوامل النجاح لنمو الصناعة وبالنتيجة تتبلور لدينا هوية وطنية صناعية تحقق لمستقبل اقتصادي مستدام لا يتكأ على النفط كمصدر أساسي للدخل القومي.