23 ديسمبر، 2024 10:08 ص

حتى وقت قريب كان المشهدالثقافي العراقي مشهدا شعريا بامتياز..
أغلب الادباء كانوا شعراء ..
وكان كتاب القصة والرواية قلة ..
ولكن في السنوات الاخيرة بات الكثير من الادباء بمن فيهم الشعراءمهتمين باجناس ادبية اخرى كالرواية والقصة القصيرة على حساب الشعر..
بالتأكيد ان هذا التغير في ميول الادباء امر ايجابي فتنوع الاشكال والاجناس الادبية مهم للغاية ويصب في مصلحة الادب بشكل عام فالمشهد الثقافي الغني والمتنوع افضل بكثير من مشهد ثقافي أحادي فقير..
ولكن ماشهدناه في السنوات الاخيرة من هوس بالرواية يدعونا للكثير من التأمل..
انا واحد من الناس الذين قالوا ان المأساة العراقية التي بلغت ذروتها في السنوات التي تلت عام 2003هي مأساة كبيرة ولايمكن للشعر وحده ان يستوعبها وكنت واثقا ومؤمنا بان الرواية والقصة القصيرة في العراق ستزدهر في المستقبل فالمآسي الكبرى تنتج ادبا كبيرا..
وهذا ماحدث بالفعل..
فلقد شهدنا في السنوات الاخيرة ظهور روايات ومجاميع قصصية مهمة لكتاب عراقيين ..
وفي الوقت نفسه ظهرت نصوص كثيرة هزيلة لايصلح ان يقال عنها قصصا او روايات..
ومن الواضح ان نجاح تجارب بعض الكتاب العراقيين الموهوبين قد أغرى جمهورا من الكتاب الفاشلين بل واحيانا اناسا لاعلاقة لهم بالادب بان يحذوا حذوهم..
ونتج عن هذا كله ظاهرة غريبة في المشهد الثقافي العراقي يمكن ان نطلق عليها ظاهرة الانفجار الروائي..
وصار من الطبيعي ان تلتقي في اليوم الواحد باكثر من شخص يقول لك انه قد شرع بكتابة رواية وعندما تتحاور معه تكتشف بأنه لم يقرأ رواية واحدة لنجيب محفوظ..ولايمتلك تجربة حياتية مهمة او أية رؤية..
ومع كل هذا تجده يريد ان يكتب رواية..
نحن في العادة نلوم وحتى نسخر من الشخص الذي يتكلم عن موضوع ليست له به معرفة كافية ونصفه بالاحمق فما بالكم بالشخص الذي يكتب في جنس ادبي لايفهم عنه شيئأ..
فيا ايها الشعراء الذين يمتلكون تجارب شعرية واعدة حاولوا ان تطوروا انفسكم وتجاربكم ودعوا القصة والرواية لاهلها..
وياايها الشعراء الشعبيون والشاعرات الشعبيات وسيدات الصالونات اتركوا الرواية وشأنها..
فالرواية ليست لعبا..
ودعونا نستمتع بالتجارب الروائية الحقيقة والجميلة والمهمة.