23 ديسمبر، 2024 1:08 ص

الهواية المفضلة للساسة العراقيين

الهواية المفضلة للساسة العراقيين

معظم الساسة في العراق والجهات والعناوين الأخرى ، إذا لم يكونوا جميعاً ، لديهم هواية مشتركة ومميزة ألا وهي هواية جمع الملفات . وهذه الملفات عبارة عن أضابير بشكل صور أو محادثات أو كلاهما أو مستمسكات ووثائق وكل أنواع الإثباتات وغيرها تخص حالات الفساد الإداري والمالي مابين المسؤولين على غرار هواية جمع الطوابع وهواية جمع الفراشات أو نماذج السيارات أو هواية جمع القواقع البحرية وغيرها . هذه الهواية ” أي هواية جمع ملفات الفساد الإداري والمالي ” يتميز وينفرد بها السياسيون في العراق عن باقي السياسيين في جميع بلدان العالم المتقدم والمتخلف أيضاً . هذه الهواية الفريدة والمميزة جعلت جميع المسؤولين عن إدارة الشأن العراقي موحدين في أهدافهم وتوجهاتهم في إدارة دفة السفينة بإتجاه واحد كونهم جميعاً في هذا المركب يغرقون جميعاً إذا أصابه العطل أو تخاصموا على من يمسك دفة المركب الذي يأخذ أوامره أصلاً في توجيهه من قبطان المركب أو من عدد من مساعديه الذين يعتمد عليهم . الجميع في هذا المركب يجمعهم عامل مشترك لتأمين سلامة سير المركب بالإتجاه المطلوب وهو أن يتوحدوا تحت مظلة واحدة دون تنافس أو تناحر أو تقاتل أو تصفيات وإلا غرقوا جميعاً ، وهذا العامل المشترك الذي يوحدهم هو تلك الهواية ” المميزة والمؤثرة والحاسمة ” وهي هواية جمع ملفات الفساد الإداري والمالي مابينهم . فكل سياسي مشارك في العملية السياسية في جميع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية أو ” التابعين لهم ” في العراق سواء ضمن المركب أو من ترجل عنه لديه ملف أو أكثر يدين ويهدد به الآخرين بالفساد الإداري أو المالي ، وجميع هؤلاء ، بدون إستثناء ، يعلنون عادةً بمناسبة وبدون مناسبة إنهم سيكشفون عن هذه الملفات عندما يتعرضون لبعض المشاكل أو التهميش أو التهديد . جميع الرؤوس والشخوص ذات الخطوط الحمراء أو الخضراء ، بدون إستثناء المتعلمة منها أو الجاهلة ، أعلنت وما زالت تعلن في أكثر من مناسبة بأنها تمتلك إثباتات لملفات فساد على الآخرين من المسؤولين دون الإفصاح عنها . فمعظم المسؤولين في السلطات الثلاث أعلنوا عن وجود ملفات فساد إداري ومالي على مختلف المستويات ويملكون ما يثبت ذلك ولكن في الواقع لم يتم الإعلان والكشف الحقيقي بشكل شفاف عن هذه الملفات ومحاسبة أي من المتورطين بهذه الملفات . رئيس الوزراء السابق نوري المالكي سبق وأعلن عن وجود ملفات فساد لديه وسوف يعلن عنها ولكنه لم يعلن عنها لأنه جزء من هذا الفساد ، كذلك رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي قد أعلن أكثر من مرة بمعرفته بكثير من ملفات الفساد ووعد بكشفها إلا إنه خان المسؤولية لأنه ببساطة جزء من منظومة الفساد . والآن فإن منظومة الحكم هي نفسها ومعظم أعضاء السلطات الثلاث عليهم ملفات فساد بشكل أو آخر ولديهم ملفات فساد على الآخرين . وستبقى هواية جمع ملفات الفساد الهواية المفضلة للساسة العراقيين، وسيبقى معظم أفراد المجتمع العراقي جهلة تماماً عما يجري في إدارة الدولة وإستحواذ السياسيين جميعاً بكل عناوينهم السياسية أو الدينية أو العائلية،، أو ،،، أو على جميع موارد الدولة لصالحهم الخاص .
سؤال بسيط وبديهي يفترض أن تسألوه أنتم أيها البسطاء المغيبين ، وحتى أنتم أيها المتعلمون ، لماذا يحتفظ كل مسؤول ، تتبعونه مباشرةً أو غير مباشرةً ، على ملفات فساد دون تقديمها مباشرة الى القضاء وإتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم إذا كان حريصاً على البلد وعليكم ، ألا يدل ذلك على ان مراجعكم عبارة عن سماسرة للمساومة الذاتية ، ألا يدل ذلك على إن مرجعكم هو أساساً جزء لا يتجزأ من منظومة الفساد ؟ إذا لم تفهموا هذه البديهية البسيطة فأنتم ليس أغبى شعوب العالم وإنما أغبى المخلوقات على وجه البسيطة .