حين أقلب بصري في ثنايا جسدك المتعب أرى جروحك القديمة لم تبرأ بعد .. فأضل أكابد معاناتي التي لن تهدأ رغمالمسكنات والمهدئات ، ما هذا الذي جرى لك وأنت الشامخ دوما بين أشقائك العرب ؟ أكان الظرف عاتيا حتى جعل منك (سالوفة) يهذي بها السكارى في حانات لم تعرف السكون ؟!.. لم يبق لى أمل في النظر الى ماهو آت ، بل رحت أبحث عنك في زماننا الطيب حين كنا نحب ذرات التراب ومن أجلها نقدم أبناءنا قرابين فداء كي تسمو بنا نحو الذرى الذي فقدناه بمحض إرادتنا !.. لقد بكاك الرجال دما بدل الدموع ، ولطمت النسوة على أولاد خرجوا من صلبك سرقتهم يد المنون فكانوا لوعة لهن فوق لوعات شتى جاء بها أحمق خارج عن الملة المعهودة في الكتب المقدسة ، فجعل منها دينا جديدا يضم الأفاقين بين دفتيه ومنها ينطلق الى ربوعك الخضراء كي يقتلها بعد أن يقتل أهلها الطيبين ؛ لم يكن من السهل أن ننسى تلك المحن بين عشية وضحاها ، لكننا أرغمنا نساءنا على التبرج لنا كي ننسى ! ،وأنَى لنا النسيان ؟ ساقتني الأقدار مشيا على الأقدام فوجدت نفسي في معسكر الرشيد دون تخطيط منى .. ذهلت نفسي مما رأت . أين تلك البنايات ، مالذي حل بها هل ( تبخرت ) أم أصابها وابل من السماء أم أن مخلوقا ما أنهال عليها ضربا باليمين فقطع منها الوتين ؟! ، جلست قرب معمل (1 حزيران للنسيج ) ورحت أنظر حولي .. لم أشاهد إلا أكداسا من القمامة تحيط ببنايات تمت أزالتها عن قصد وجمع من النسوة يبحثن عن شئ ما لست أدري ما هو ؟! لم تتحمل نفسي هذه الصورة السوداء ، فرحت ألعن كل من تسبب بهذا الخراب والفقر .. سألت ربي أن يريني عجائب قدرته ويصب جام غضبه على أميركا وعلى عملائها أينما كانوا ويأخذهم أخذ عزيز مقتدر وأن يسلط عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع ليجل منهم آية لكل جبار عنيد ، بعد فترة إمتدت زهاء الساعة نهضت من محل جلوسي وانا أنفض التراب عني .. أقتربت مني أمرأة عجوز قد أكل الدهر محاسنها وترك آثاره على صفحات خدودها ورغم ذلك فهي تحمل جمالا عراقيا يسر الناظرين ! فكان هذا الحوار : ” ها يمه الله يساعدك ، هله يمه ومية هله تفضلي ؟ لا يمه ماكو شي بس هاي أول مرة أشوفك هنا ؟ صحيح أمي أول مرة تشوفيني هنا لكني قضيت أحلى أيام حياتي هنا في هذه الوحدة ( كتيبة مخابرة الاسناد الجوي ) وهي تقع في الشارع المحاذي لمعمل النسيج ..تم نقلي منها بداية عام 1980 الى لواء العالي ( لواء البطل المرحوم سعيد حمو ) .. لكن يمه شفتك غريب وخفت منك !! ليش امي قابل شفتيني بتك عين لو بدون خشم .. ضحكت المرأة العجوز فبانت ضحكتها كأنها أغنية جميلة ! وقالت لا يمه جنك كمر رغم الشيب الذي يكسو وجهك ، أنت لو تحلق لحيتك تصير تخبل !! ، شكرا أمي.. لقد رفعتي معنوياتي ، من زمان لم أسمع كلاما جميلا كهذا ، لكن أخبريني ماذا تفعلين هنا وحدك ؟ فقالت : انا أسكن الخرابة التي امامك انا وبناتي الأربعة ، طيب أين أبوهن ؟ قالت هو شهيد ، أين أستشهد ؟ قالت : في أنفجار ساحة الطيران ، كانت له بسطية مخضر هناك .. طيب أمي الدولة سوت اله راتب لولا ؟ قالت : يمه يا دوله هاي التحجي عليها هذولة دولة حرامية ونشالة !! ليش أمي ؟ يمه طلبوا مني (سبع ورقات ) حتى يسوون التقاعد واني ماعندي سبع دنانير فقررت أن أجمع ( القواطي ) حتى أعيش بناتي … سكتت المرأة العجوز هنيهة ثم أجهشت بالبكاء وهي تندب حظها حين أستشهد زوجها ورمى الحمل عليها وهي أمرأة طاعنة في السن وقليلة الحيلة فضلا عن تحملها مسؤلية تربية بنات قاصرات .. في هذه الأثناء نزلت دموعي رغما عني ، مددت يدي الى جيبي فأخرجت مبلغا من المال كي يعينها ولو لفترة قصيرة ، رفضت هذه المرأة ان تأخذ وقالت : لايمه اني ما آخذ صدقات من أحد !! يمه آني مثل أخوك وهي ليست صدقة إنما هدية .. رفضت بأباء الماجدة العراقية النبيلة أن تأخذ مالا من رجل غريب ؛ والآن : أين أنتم أيها الساسة من هذه المرأة وغيرها الآلاف من ألأرامل والثكالى واليتامى ، هل فقدتم الشرف أم أنكم أضعتوه كما أضعتم البلد ؟، أليس منكم من يحمل ذرة من مرؤة لينتشل الفقراء من معاناتهم رغم أن ثروات العراق كافية لكل أبنائه ؟.. أين الميزانيات الأنفجارية ؟، هل تم بلعها فخرجت من السبيل ( الخلفي ) الى مجاري حجي عبعوب أم تراها أظيفت لحساباتكم في الخارج ؟… لعنة الله عليكم أجمعين ، ستبقى آهات أمهاتنا تلاحقكم أينما ذهبتم .. وستظل دمعة اليتيم تحرق قصوركم وتقض مضاجعكم ، لاأدري كيف تنامون على أسرتكم ومعظم العراقيين لايجدون قوت يومهم بل أن نسبة مخيفة منهم تعيش دون خط الفقر وبلدهم أغنى بلدان الدنيا ، أيها الكلاب .. أيها الخنازير . قاتلكم الله وأخزاكم وجعل النار مثواكم .. متى تشبعون من المال الحرام ؟ متى تكفون عن ألأبادة الجماعية ضد العراقيين
متى تكفون عن السرقات ، عن القتل ، عن التهجير ، عن أيران التي أحرقت العراق وسلمته جاهزا لصنيعتها الكلب الأجرب داعش وخليفته أبو لهب ،.. أبشروا بالنار تملأ بطونكم :؛ أيها الكلاب ، أيها الخنازير ..لنا موعد معكم لن نخلفه .. وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار .. ليس لنا إلا الصبر لأننا نعلم أن النصر حليف الصابرين ؛ وختاما أتوجه الى السيدة النائبة ( فيان دخيل ) لأقول لها : أين كانت تلك الدموع الرقيقة عن جرائم المالكي ، أين كانت عن الاف العراقيين الذين طالتهم ماكنة الأرهاب الحكومي وميليشياته القذرة ؟ هل تم حبسها بتهمة 4أرهاب والآن أطلق سراحها لتنهمر حزنا علي بني قومك ، رغم أنهم مواطنون أعزاء علينا ، كفاكم تهريجا وتمثيلا سخيفا ما عاد ينطلي علينا .. لقد شبعنا كذبا وتمثيلا ووعودا لن تتحقق ، ليس بيننا وبينكم ألا دعوة صاعدة إلى الله نرجوه فيها أن يجعل عاليكم سافلكمويسلط عليكم الداء الذي لايرجى شفاؤه ، وما ذلك على الله بعزيز