8 أبريل، 2024 4:51 م
Search
Close this search box.

الهمة

Facebook
Twitter
LinkedIn

في زيارتي إلى بيت أحد الإخوة وجدت ساعة جدارية معلقة في زاوية من زوايا الغرفة وهي واضحة للعيان. الساعة هذه تعمل ولكن التوقيت فيها خاطئ. الأمر هذا أنسبته دون شك إلى نفاد البطارية أو إلى عطب ما قد أصاب محرك هذه الساعة ولا أعتقد أن هناك سبباً آخر لأن تشير الساعة إلى وقت مغاير.
الساعة هذه كانت تشير إلى الواحدة تماماً بينما كانت الساعة حينها تمام الثامنة مساءً. ليس من شك بأن الساعة معطوبة وأن أهل البيت لا مجال لهم في تغييرها أو تصليحها أو تجديد بطارياتها. هذا هو الاعتقاد السائد في مخيلتي حتى بلغت الساعة الثامنة والنصف. وجدت هذه الساعة تشير إلى الواحدة والنصف. ومن ثم أصبحت الساعة التاسعة والساعة الجدارية هذه تشير إلى الثانية. حينها انتبهت أن الساعة تعمل بالدقيقة وليس فيها تأخير أو تقديم. اكتشفت أن عقاربها تسير مع عقارب الساعة التي معنا وهي متطابقة مع ساعات هواتفنا النقالة. إذن أين الخلل في الموضوع؟!
لو كانت البطاريات قد استهلكت لما كانت عقارب الساعة هذه تتحرك وإن تحركت فإنها ستكون بطيئة. أما إذا كان المحرك فيه عطل ما فإن العقارب لا يمكن أن تتحرك بشكل طبيعي مثلما هي الآن تسير مع عقارب الساعات الأخرى.
كان توقعي خاطئاً.. فالبطاريات جيدة وغير نافدة ومحرك الساعة يعمل على قدم وساق. الساعة بوضع جيد والبطاريات في حالة جيدة ومحرك الساعة في أفضل حال وكل المشكلة تكمن في صاحب الساعة نفسه. حيث أخبرني أنه يتكاسل عن توقيت الساعة ليس إلاّ. هذا يعني إن تمام المشكلة هو في الشخص نفسه وليست في الساعة.
المسألة هي مسألة همة. فإذا كان صاحب البيت ذو همة كان قد تجاوز هذه المشكلة بكل سهولة. فالساعة موجودة والبطاريات جيدة والمحرك يعمل، إذن لماذا لا يكلف هذا الرجل نفسه لأن يوقت الساعة بالشكل الصحيح؟ أي أن المشكلة متعلقة بالشخص نفسه وليس للآلة دور فيها.
الأمر ينطبق تماماً على حياة مجتمعنا كذلك. نجد أننا نعاني من غياب الكثير من أساسيات الحياة ولأسباب لا نعرفها تماماً. فرغم وجود الأموال الكافية لإنشاء المحطات الكهربائية ورغم وجود الغاز الطبيعي المهدور إلاّ أننا لا نملك الكهرباء منذ أمد بعيد. رغم أننا دولة نفطية ونبيع النفط إلى العالم إلاّ أننا نقف في طوابير طويلة وعريضة بانتظار كم لتر من المحروقات وعلى رأسها البنزين والكاز.
نمتلك الأرض والتربة الخصبة إلاّ أننا نستورد حتى البصل والثوم. نتملك وزارة التخطيط ولكن خريجو الجامعات لا يجدون فرص التعيين والعمل.
رغم وجود كل شيء إلاّ أننا لا نملك أي شيء. المسألة شبيه تماماً بالساعة المسكينة التي كانت تعمل بانتظام ولكنها لم تجد من يوقتها حتى الآن. إنها الهمة والعزيمة والإصرار لأصحاب الشأن وليست بسبب الموجودات كما يصور لنا.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب