9 أبريل، 2024 10:54 ص
Search
Close this search box.

الهلال الشيعي

Facebook
Twitter
LinkedIn

قد نستعجل الحكم على الامور فالناس الذين على خطأ لا يشترط ان يكونوا مخطئين دائما ً وهذا يشمل تصريحات الرئيس المصري السابق حسني مبارك والملك الاردني حول ” هلال شيعي “. بداية ً استغربت من خصوبة خيال هؤلاء واوهامهم وشعرت بالاشمئزاز من هكذا حقد وراثي غير مفهوم يفقد امامه حتى رؤساء الدول رزانتهم ويجعلهم يتفوهون بغير اللائق من امور حاقدة وغبية. لكن تبين لي انه اذا كان هناك من طرف غبي فبالتأكيد لم يكونوا هُم .
فقد اتضح بما لا يقبل الشك ان ولاء الشيعة لأوطانهم هو امر صحيح لكنه لا يشمل قادتهم لذا لم يخطأ الحكام العرب حين صرحوا بهلال شيعي وان كان هذا نابع بأساسه من حقد غير مبرر على الشيعة كوجود لكنه للأسف كان تشخيص حقيقي بجزء منه .
ان هناك قرائن عديدة على كوننا جزء من هذا الهلال الخاسر ومنها : قيام حكومتنا بأخراج الجيش الامريكي مع الحرص على عدم ابقاء أي قواعد له كموطأ قدم والسؤال هو كيف لا تعير الحكومة أي اهتمام لأبقاء قسم بسيط من الجيش الامريكي ضمن اتفاقية للعمل على حماية حدودنا من اجتياح خارجي –وهو ما حصل- ثم طلبها من امريكا ان يتم اخضاع المدربين الامريكيين -الذين اصرت امريكا على ابقاءهم- للقانون العراقي في سابقة لم تعطيها الولايات المتحدة لاي دولة على وجه الارض وكان سببهم المعلن ان صداع سيصيب السيادة العراقية اذا لم يحاكموا وفق قانوننا والسؤال المطلوب جوابه من دعاة السيادة هل للضعفاء سيادة ام المفترض ان نتحلى بالقوة ولا تجتاحنا شذاذ الافاق ثم بعدها نقول اصبحت لدينا سيادة ثم لِم حساسية السيادة مع امريكا ذات جانب شيعي فقط ولِم تسمح الاردن وبقية دول الخليج ان تكون هناك قوات امريكية على اراضيها !!
يبدو انه اريد لنا ان نكون جزء من العمق الأمني الايراني واللطيف ان احد النواب علق على اصرارنا –اصرارهم – على اخراج امريكا “ان العراق يرفض ان يكون مع أي محور وهو ضد سياسة المحاور” وكأن العراق اصبح بليلة وضحاها سويسرا في وسط اوربا والنائب وسواه يعلمون انك اذا لم تكن مع محور معين فانت مع الاخر فكل دول الخليج متمحورة مع امريكا بمحور سني- امريكي اذن لا بد اننا بالضروروة سنكون مع محور شيعي ايراني ومصاديق االانتماء لهذا المحور عديدة منها موقف العراق المناويء للتغيرات التي حصلت بالربيع العربي متماشيا ً مع موقف السيد خامنئي ثم موقف العراق من سوريا.وخطورة هذا تكمن باننا استبدلنا الذي هو ادنى-المحور الايراني-  بالذي هو خير-الحلف مع امريكا- وبذلك ضربنا مصلحة شعبنا عرض الجدار محاولين تلبية مصالح ايرانية بحتة  متبرعين بارضنا لتكون ارض حرام بصراع المحور الامريكي السني مع ايران.
ان العملية السياسية بعد 2003 وتبنيها للديمقراطية هي خيار ستراتيجي بالنسبة للشيعة في حين انها خيار كمالي لسوانا وقيام الحكومة بادخالنا بالمحور الايراني عرض هذه العملية للخطر وهنا لا يهمني مصير ايتام حزب الدعوة ولا بقية الاحزاب الاسلاموية -فجنسيتهم الثانية جاهزة واغنية ” ليش يا عمي حمزة ” و ” بعد ما ربك انطاك ” جاهزين لتشغيلها في فضائياتهم كما كانوا يشغلونها باذاعاتهم- بل مصير ابناء جلدتي وخسارتهم لمكتسباتهم هو كل همي.لقد اثبت اعضاء الاحزاب الاسلامية انهم مشهورون لا بنفاقهم واخلافهم لوعودهم فقط بل وبتأطير ذلك باطار شرعي فرئيس سابق لمجلس محافظة قرأ الاية ” ما من دابة الا هو اخذ بناصيتها ” بتبريره لمساعدة امريكا له حتى يتولى هو الحكم او قولهم ” اللهم اشغل الظالم بالظالم ” فاشغل الله امريكا مع صدام حتى يعطيهم الأمرة التي طالما ناضلوا لأجلها.
ان هذه العملية السياسية تتعرض لصدمات ولا ادري الى متى هي قادرة على الصمود إذ ان التغيير الذي حصل قد تم –وبعلم الكل واعترافهم– بايدي ودماء امريكية ولذا فان استمرار العملية السياسية المتمخضة عنه هو بحاجة لرعاية امريكية لعقود قادمة هذه الرعاية اصبحت موضع شك بعد اختيارنا للمحور الايراني وتنصل الاحزاب الاسلامية من وعودها لامريكا قبل اسقاط النظام من انهم سيقيمون نظام بعيد عن محاور معادية لامريكا كما انه يعطي فرصة كبيرة لاستثماراتها كما تفعل دول الخليج فبغياب العامل السسياسي والمصالح الاقتصادية اصبح من المحتمل ان تسكت امريكا عن مخطط سني من قبل حلفائها لاعادة الحكم لسنة العراق حتى وان تضمن استخدام جهات ارهابية فيما اذا اقتنعت بضماناتهم ان هذه الجماعات هي دروعهم البشرية للحكم ليس الا.
اما كل ما استطاعته حكومتنا ان تفعله فتمثل بتقديم الرشى –وهو كل ما تجيده – فاستمرت باعطاء النفط باسعار تفضيلية للاردن مستنسخين ما كان يفعله صدام متناسين ان صدام كان بنظر الاردن جزء من محورها السني رغم عداء امريكا له او العرض السخي من قبل الخزاعي لمصر عند زيارته لها برغبة العراق بعودة العمالة المصرية رغم علمه بالرفض الشعبي لها او الانبطاح وتوسل اقامة العلاقات مع السعودية وسواها لكن كل ذلك لم يجدي.والسبب ان يوسف كان المفروض به ان يتحالف مع قوة اكبر من اخوته لتحميه منهم وهو ما فعله فكانت تلك القوة الله بالنسبة له وهي امريكا بالنسبة لنا .
واهم كل من يضن ان الحلف مع ايران يعني حماية الشيعة هذا خطأ ستراتيجي خطير لسببين اولهما ضعف هذا الحلف وضياعه وسط مليارات بشرية معادية ومليارات عملة صعبة والسبب الثاني ان العامل الاقتصادي وتبادل المصالح لا العامل السياسي هو الضامن لنجاح الاقليات والدول القابعة  بوسط معادي فالكويت انقذها هذا العامل كما انه جعل من الامارات واحة ازدهار بوسط دول داعمة للأرهاب كما انه جعل اليهود يحصلون على حلم دولتهم.لذا فعراق او فدرالية عراقية شيعية ثرية اقتصاديا ً ستكون قوية وهو الضمان الوحيد لنجاتنا والا فما هلالكم الا محاق مقبل لا محالة.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب