18 ديسمبر، 2024 7:46 م

بداية أود أن أتساءل لماذا يصر العراق على تصدير نفط خام ولا يقوم بالتصفية وتقوية الصناعة البتروكيماوية وبذلك يقضي على البطالة ويتقدم علميا وبحثيا.
لماذا تشل قدرة العراقيين ولمصلحة من؟ لنتذكر أن اليابان في الحرب العالمية الثانية، كانت تصنع أفضل الطائرات المقاتلة، ولديها أحد أكبر الأساطيل البحرية في العالم ، وكانت تحتل الصين بالإضافة إلى الإرث الحضاري والثقافي الكبير الذي تمتلكه. لكن كل شيء تبخر بعد قصف هيروشيما وناغازاكي نوويا. فماذا فعلت اليابان ذهبت إلى تطوير صناعتها واقتصادها ويكفي انها تصنع ما تصنع من حديد مستورد فهي ليس فيها حديد مثل ألمانيا.
الفكرة هنا هي أن تعرف حجمك، وتحول هزيمتك إلى انتصار من خلال معرفتك لحجمك، وعملك، وتسير على خطى اليابان ان تبني دولة مؤسسات وقانون لا دولة مؤسسات تشبه الدكاكين وقانون يطبق على الفقراء فقط. اقتصاد اليابان اليوم، بعد 73 سنة من الحرب والانهيار والهزيمة يبلغ ناتجه المحلي الإجمالي لعام 2020ميلادي 6 ترليون دولار تقريبا.. وهو ثالث أكبر اقتصاد بالعالم بعد الولايات المتحدة والصين. الترليون الواحد تقريبا يكفي لشراء 20 مليون كيلو ذهب، يعني لكل عراقي نصف كيلو ذهب، وللسيد الذي اشترى كرسي جابر لحرمه كيلوغرام خالص من رزق حلال ، وتبقى في خزانة البنك المركزي خمس ترليونات.
ومع تراجع الاحتياطي النقدي في ظل أزمة السيولة الحادة التي يعاني منها العراق ، نرى غياب شبة تام للخدمات لتصبح حملا ثقيلا ، يقع على المواطن الغلبان ، ومع هذا الحال يبرز شبح العتمة في بند بيع النفط الخام الى لبنان . مع الحديث على انه مقابل سلع وخدمات يتسلمها العراق ، ولا أحد يعرف طبيعة هذه السلع والخدمات ، ونوعها والسؤال ما لذي لدى لبنان من سلع وخدمات يمكن تقديمها لا صناعة ولا فلاحة ، مثلا هيفاء وهبي او اليسا ” تغني بالعراق” مقابل النفط يعني الهز مقابل النفط. .
مشاهير و اغنياء لبنان بحسرة حبة اللتهابات وحبة الاسبرين لأولادهم فيما اغلب نساء لبنان ما ” لاگيات ” فوط صحيه بالصيدليات و الاسواق عن اي خدمات طبيه يتحدث هؤلاء .
وبتقديري ان المفارقة الاكثر تعقيدا، بالعراق هي لارتباطها بالخلافات السياسية ، التي نشهد معها الحرائقالمستمرة للمستشفيات والدوائر وتراجع القطاع الصحي والمالي والتربوي والخدمات.
فلو علمنا أن رابع اقتصاد العالم حاليا هو ألمانيا، 4.2 ترليون دولار ناتجه المحلي الإجمالي. بعد الحرب العالمية الثانية، لان الألمان عرفوا حجمهم ايضا ، وساروا وفق حكمة اعمل واعمل واعمل حتى فريقهم الرياضي اسمه المانشفت أي الماكينات الألمانية.
اقتصاد ألمانيا أكبر من اقتصاد العراق بأكثر من عشرين مرة، وطبعا حين ينتهي النفط لن يبقى اقتصاد في البلد المنهوب المنكوب ولذلك ترى الجماعة يسارعون في النهب والسلب وبناء الشركات في دول بعيدة مثل ألبرازيل والأرجنتين. لقد عرف العراق حجمه، فقد تضاعف حجم الفقر والبطالة والتفكك الاسري والاجتماعي , واهل البصرة يلومون أهل العمارة ويتهمونهم بتخريب مدينتهم، وساكن الأنبار يريد ان يبتكر محافظتين واحدة مدنية وواحدة حجمنا كبير جدا، ثروات عظيمة عندنا، نهران ناشفان عندنا، وكتب الثوابت والمتغيرات في التاريخ الاقتصادي للبلاد الإسلامية لعادل عبد المهدي ، و مسيرة وسيرة لسليم الجبوري ، شعراء وصحفيون وكتاب بعدد رمل السماوة وذباب شط الحلة لدينا، ولدينا… لكن الافضل هو معرفة حجمنا.. وهي المعرفة التي تذكرنا بقول الشاعر خزعل الماجدي ( استفاق البوق فوجد نفسه نحاسا) متى نعرف اننا مجرد بوق من نحاس وكما يقول المثل العراقي الشعبي (عله حس الطبل خفن يرجليه) .