(( لقد أبعدتنا الحياة عن الأحباب والأقرباء والأصحاب وبعُد التواصل بينهما وصار القريب بعيدا والبعيد مفقود أو مجهول والبعيد عن العين بعيد عن القلب وقل الاشتياق والحنين وبات التواصل غريب ببعد المسافات بين بعضنا البعض مرغمين لأن مياه الحياة الصعبة زاد تيارها فجرفت كل شيء جميل من دنيانا وخصوصا العلاقات العائلية والاجتماعية والرفقة الجميلة أصبحت نادرة يُفتش عنها في أنقاض الحياة المتراكمة بصعوبة .
حيث زادت وطأة الحياة اليومية علينا بأوزارها تأن تحت ثقل إرهاصاتها السريعة الخالية من الطعم والحيوية والأمل تتحطم فوق صخرتها أمنياتنا وآمالنا المرجوة لمستقبل مجهول في نفق مظلم ليس فيه ضوء أخضر في نهايته والزمن يجري بنا بسرعة فائقة نختزل به أيامنا وليالينا ننام ونصحو على المأساة والهموم بغياب بصيص من السعادة سوى أملنا بالله تعالى المرتجى عند الشدائد والكروب والحوائج فالعالم أصبح تعيسا بهيم الهدى والسبيل .
والسعادة بعيدة المنال وصعب الوصول إليها وقاتمة الألوان حيث فقدت بريقها وإشراقها وما بقي منها إلا الذكريات الخالدة في بطون الصور وحيدة محبوسة بين جدران القلب والعقل المتعب بالهموم والأوجاع والصعاب تحتاج الهدوء والانعزال والجلوس بينها لأعادت ترتيبها وفق زمنها البعيد وبرمجتها ثانية بصمت بعيدا عن ضوضاء الحياة المتكدسة في الذاكرة نمسح منها ما نشاء ونثبت منها ما نشاء . وبين هذا كله أصبح لزاما عليّ أن يكون الفرار إلى العزلة هو الحل والملجأ الذي يمكن أن يحقق الراحة والهدوء والسكينة للنفس والعقل وبرمجته من جديد وإعادة ترتيب أوراق حياتي لاستقبال المستجدات القادمة للأيام )