عادةً مايكون الجواب جاهزاً عند التساؤل عن علة بعث الرسل والانبياء عليهم وعلى نبينا واله الاطهارالصلاة وتكون الاجابة اسهل لدى المسلمل وجاهزة استناداً الى المروي عنه صلى الله عليه واله (انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق ) ، لكن سؤالاً من نوع اخر لايبدو مالوفاً ، فماذا لو تسائلنا لماذا اختار الله عزوجل انبيائه ورسله من اولي العزم من الاقوام الشرقية ؟ لماذا كان سيد الانبياء والمرسلين صلى الله عليه واله وسلم من الجزيرة العربية ؟ هل لافضلية العرب على غيرهم ؟ ومامدى صحة هذه الافضلية ؟؟ هذه تساؤلات قد تبدو وجيهة وتستحق اجابة من جنسها وربما تبدو لاخرين تساؤلات لاتستحق الاجابة وهذه سُنَّة المعرفة في عالمنا الاسلامي والعربي فماتراه جديراً بالاهتمام قد يبدو لاقيمة له في نظر اخرين ! لكن الامر هنا مختلف لاننا نتسائل عن هدف البعثات النبوية الى الارض وعن تركزهم في الشرق اكثر من غيره
ترتكز الاديان بصورة عامة على العقل الذي يحتل مكانة مقدسة وخطيرة في العقيدة وقد ورد في بعض الاخبار ان حساب الانسان على مقدار عقله وهو مايتوافق مع حديث ( بك اعاقب وبك اثيب)واهمال العقل اهمال لنبي من داخل الانسان والارتكاز عليه وحده اهمال للنص السماوي المؤمّن للعقل سلامة التفكير فلاعقل فعال دون نص مؤسس للمسار العقلي ، والعرب امة لاتتفلسف ولاتتطيلس ! والتاريخ يذكر ان عمرو بن العاص جاء الى النبي (صلى الله عليه واله ) من الاسكندرية فقال له:(رأيت قوماً متطيلسين يستديرون حول رجل يبحثون ويذكرون رجلاً يُقال له أرسطاطاليس لعنه الله) فقال صلى الله عليه وآله: مَهْ ياعمرو! انه كان نبياً فجهله قومه . لكنه هذا النبي ترك ارثاً عقلياً عظيماً لايمكن ادراك سر بقائه سوى كونه جزءً من تعاليم النبوة في ادوارها الاولى المتجهة الى البناء العقلي للانسان !وعلى هذا فما اعتقده ان تركز الانبياء في الشرق ناتج من حاجة سكانه الى مثل اعلى تفرضه السماء لينحو نحوه ويصلحوا مافسد من شؤونهم ( ولكم في رسول الله اسوة حسنة)، بمعنى عجز الانسان الشرقي عن اصلاح شأنه دون تدخل سماوي لالغائه التفكير العقلي المستند الى نص مؤسس وقد نلاحظ ذلك بقوة بعد وفاة النبي الاعظم صلى الله عليه واله ووقوع الامة تحت هيمنة سلاطين ابعدوها عن تعاليم النبوة فاوحشوا الاسلام بدلاً عن اسلمة توحشهم وترويض طباعهم !حتى اذا شعروا بالظلم اتجهوا الى الله طلبا للنجدة والمعونة !وليس سراً ان نرى في مجتمعنا اتجاهاً الى الدين وشعائره في زمن الظلم وتحرر من قيود الدين في زمن الحرية ! لان الايمان في داخل الانسان كانت تنقصه الارادة الحرة ولم يكن ايماناً صادراً عن تلك الارادة !