لا جدال أن أكبر تهديد يواجه عالمنا وشعوبنا العربية هو التطرف الأصولي الإسلاموي المتمثل في داعش وجبهة النصرة والقاعدة وغيرها من التنظيمات الإرهابية والجماعات الجهادية السلفية التكفيرية ، التي تمارس العنف والقتل والإقصاء والتكفير ، وترتكب الجرائم الدموية الوحشية ضد الإنسانية باسم الإسلام وهي أبعد ما تكون عن الدين الإسلامي الحنيف وتعاليمه السمحة . والسؤال المطروح : من الذي اوجد داعش وأخواتها ؟
الجواب الواضح والقاطع أن داعش هي أداة وصناعة أمريكية ، وقد تنامى وجودها ، وازدادت تمدداً وقوة في مجتمعاتنا العربية بفضل الدعم المالي والعسكري السخي الذي تتلقاه من الولايات المتحدة ودول الخليج والسعودية إضافة إلى الراعي الأعظم تركيا ، وذلك بهدف تصفية النظام الوطني التقدمي الممانع الحاكم في سورية ، وتنفيذ مخطط ومشروع تجزئة وتفكيك الدولة السورية .
المضحك أن التحالف الدولي الذي تم تشكيله لمحاربة الإرهاب وتنظيم الدولة الإسلامية الذي يعرف باسم ( داعش) ، يضم دولاً تدعم الإرهاب بل هي صانعته وراعية له وموجهة لعناصره ، وكذلك مصدرته إلى منطقتنا والعالم أجمع ، وفي طليعتها أمريكا التي تدعم المعارضة السورية بشكل علني وبطرق مباشرة وتمدها بالمال والعتاد والسلاح .
وفي الحقيقة إن هدف هذا التحالف الدولي المشبوه هو إغراق المنطقة بالمزيد من شلالات وبحور الدم ، وتكريس الفوضى الخلاقة والهدامة لأجل تفتيت دول المنطقة على أساس طائفي ومذهبي وإقامة ما يسمى بـ “الشرق الأوسط الجديد” .
والأخطر في هذا التحالف إنه ليس داعش فحسب ، بل ضد سورية ويستهدف الجيش العربي السوري وإسقاط الشرعية السورية وحرف نظام الممانعة السوري الداعم للحركات الثورية والوطنية ، وضرب التحالف السوري – الإيراني والمقاومة الوطنية اللبنانية والفلسطينية ، وتجديد الحرب ضد سورية بأدوات وأشكال وآليات مختلفة وجديدة ، بعد أن أفشلت المخطط الأمريكي السابق بصمودها الأسطوري والتفاف الشعب السوري حول قيادته الوطنية .
ومقابل هذا التحالف المشبوه والمحموم والحشد الاستعماري الغربي والمؤامرة الجديدة المرسومة ضد سورية والعراق ، ثمة قوى حية وفاعلة تقف بالمرصاد وبكل قوة وتتصدى له ، ونعني بها قوى محور المقاومة الممتد من لبنان حتى إيران ، ومعها روسيا الاتحادية والصين الشعبية ، الذين لن يسمحوا بأي حال من
الأحوال بتمرير مخططات أمريكا التقسيمية والتفتيتية في المنطقة ، وسيعملون على إجهاضها وإفشالها .
إن محاربة الإرهاب وتصفية داعش ليس بالأمر السهل ، ومحاربة التطرف يحتاج لثورة ثقافية وفكرية نوعية تقودها قوى التحرر والتقدم والسلام والعدالة والتمدن ، وقيادات تنويرية مثقفة علمانية ومدنية تقف في الصفوف الأولى ، وليس قوى الشر والعدوان والحرب والاستعمار ، وتحصين الشباب من الانسياق وراء فكر ومعتقدات جماعات التكفير والتعصب والتخلف والجهل وأيديولوجيتها المتشددة المتعصبة ، فضلاً عن وقف الدعم اللوجستي من الأطراف العربية الخليجية والدول النفطية الحاضنة والداعمة لهذه العصابات المتطرفة ، والعمل على حل جميع الخلافات بين أطراف الصراع في المنطقة وقطع خطوط التمويل للداعشيين . كل ذلك من ِشأنه الإسهام في تصفية وكنس داعش وقوى الإرهاب والتطرف الديني واختفائها عن الأنظار . ومن يريد محاربة الإرهاب يجب أن يضع كل القوى الإرهابية في سلة واحدة ، وليس وفق المصالح الإقليمية ، كما تفعل أمريكا والسعودية التي أبدت استعدادها تقديم المزيد من المساعدات المادية والعسكرية للمعارضة السورية المسلحة .