18 ديسمبر، 2024 9:52 م

الهدر الاقتصادي غير المنظور في الموانئ والمطارات والمنافذ الحدودية العراقية

الهدر الاقتصادي غير المنظور في الموانئ والمطارات والمنافذ الحدودية العراقية

كنت ومنذ عام 2009 من خلال اجتماعات مجلس الوزراء قد نبهت الى ضرورة تفعيل دور الموارد الاقتصادية غير النفطية ومنها تفعيل دور الناقل الوطني للقطاعين العام والخاص دعماً للاقتصاد الوطني وفي عام 2010 قدمنا دراسة لتطوير القطاع الصناعي العام والخاص والدراسة حيث تضمن هذه الدراسة  توفير مائة الف فرصة عمل دون تعيينات حكومية الا ان هنالك اجندات  سياسية تعمل لتعطيل عجلة الاقتصاد الوطني حتى اصبحت موازنة البلد تعتمد 95% على الموارد النفطية وعندما وقع الفأس على الرأس كما يقولون  بإنخفاض سعر النفط دون الخمسين دولار للبرميل الواحد واصبحت موازنتنا حرجة بما فيها من عجز كبير يكاد يتعذر على الحكومة سد الموازنة التشغيلية  وعليه شهدنا تخبطاً  في ايجاد الحلول المناسبة اذ قامت الحكومة بإصدار قرارات ترشيد المصروفات حول امور غير معتبرة ولكن هنالك هدر اقتصادي كبير غير منظور لم نجد احدا يفكر بالتصدي الى مثل هذه الملفات المهمة والتي لها قيمة معتبرة ومؤثرة اقتصاديا ومنها:

الهدر الاقتصادي غير المنظور في الموانئ والمطارات والمنافذ الحدودية العراقية ونظرا لتعدد الجهات الرسمية في المطارات والموانئ والمنافذ الحدودية البرية  والتابعة الى عدة وزارات اتحادية وممثلة اداريا بمدراء اقسام كحد اعلى كدوائر (الجمارك التابعة الى وزارة المالية والامن العام والجوازات التابعة الى وزارة الداخلية ودائرة الحجر الصحي التابعة الى وزارة الصحة والحجر الزراعي التابعة الى وزارة الزراعة والتقييس والسيطرة النوعية التابعة الى وزارة التخطيط اضافة الى دوائر الموانئ  والمطارات التابعة الى وزارة النقل مع مكاتب اخرى غير رسمية ) وبما أن الخروقات الحاصلة في هذه المواقع تنعكس سلبا على امن وسيادة العراق اضافة الى اثرها السلبي على الاقتصاد الوطني ونظرا للظروف الاقتصادية الحرجة بسبب انخفاض سعر النفط عالميا حيث ان العراق يمر بسياسة تقشفية واذا ما اردنا تطبيق قانون التعرفة الجمركية لأنه ينعكس ايجابا على اقتصاد البلد ولكن ربما تحدث ردود افعال ارتفاع اسعار البضائع المستوردة في السوق العراقية وعليه ولتقليل هذا الضرر نقترح تفعيل دور المشرف العام على الموانئ والمطارات والمنافذ الحدودية للتنسيق بين الجهات العاملة في المنافذ الواردة اعلاه لتقليل الروتين وعدم تأخير البضائع في الحرم الجمركي والذي يؤدي بدوره الى زيادة الكلف على التاجر بسبب الروتين المقيت والتأخير لارتباط كل جهة في المنفذ بوزارة  ولاسيما بأن التمثيل الاداري لهذه الجهات تارة يكون بمستوى قسم وتارة بمستوى شعبة أي انها تعمل بصلاحيات محدودة جدا مما يترتب عليها استحصال الموافقات لأبسط الامور عبر سلسلة مراجع روتينية مع غياب المنسق العام فيما بينها ضمن دائرة النافذة الواحدة وعلى الرغم من تأكيدات الامانة العامة لمجلس الوزراء على الجهات العاملة في الموانئ والمنافذ الاخرى لعدم تأخير البضائع وتقديم كافة التسهيلات الا ان العمل لازال روتيني وكل جهة تعمل حسب سلسلة مراجعها !.

 ان مقترح تفعيل دور المشرف العام لا يلغي ارتباط هذه الدوائر  بوزاراتها بل يبقى ارتباطها الإداري بوزاراتها الا ان ارتباطها الفني والتشغيلي بالمشرف العام قدر تعلق الامر بتسهيل الاجراءات في المنافذ لإخراج البضائع بأسرع وقت ممكن وتقليل الهدر الاقتصادي غير المنظور في المنافذ علما بأن جميع الجهات العاملة في هذه المنافذ تابعة للوزارات الاتحادية حصرا ولا يوجد أي تداخل مع عمل الادارات المحلية للمحافظات كما نقترح تكليف المشرف العام على الموانئ والمطارات والمنافذ الحدودية بالمتابعة والتنسيق بين جميع الجهات ذات العلاقة الوارد ذكرها اعلاه لغرض تذليل الصعاب وتجاوز الاجراءات الروتينية المقيتة مع تعديل التعليمات المعمول بها حاليا من اجل تحقيق الصالح العام من خلال الاسراع في إدخال البضائع المستوردة الى العراق مع الحفاظ على امن وسلامة البضائع والسفن والمرافق المينائية ولاسيما بأن موانئنا ومطاراتنا ومنافذنا الحدودية تشهد تأخيراً كبيراً في تخليص و ادخال بضائع التجار بل احيانا تعرقلها دون مبررات لأغراض الفساد وبذلك يترتب عليها كلف اضافية تنعكس سلبا على المواطن بشكل مباشر وعلى الدولة بشكل غير مباشر بسبب فقدان التنسيق بين الجهات اعلاه ضمن النافذة الواحدة للمشرف العام علماً ان هذا التأخير يتسبب بقيام الكثير من التجار بتغيير مسار النقل لبضائعهم عبر الموانئ الايرانية بدلا عن الموانئ العراقية  وعلى سبيل المثال فان الكلفة الاجمالية لنقل حاوية 40 قدم من الامارات الى بغداد عبر موانئنا مع التخليص الجمركي واجور وعوائد الموانئ لتأخير البضاعة في الميناء وغيرها من الاجور غير الرسمية تبلغ حوالي 5000 دولار واحيانا تتأخر البضاعة عدة اشهر حتى تصبح الاجور لصالح الموانئ اكثر من قيمة البضاعة مما يضطر التجار الى ترك البضاعة في الموانئ  دون استلامها !! ولذلك قام العديد من التجار بتغيير مسار نقل بضائعهم عبر الموانئ الايرانية ومن ثم تنقل بشاحنات ايرانية الى كردستان وبعدها تنقل الى بغداد والمحافظات علما بأن الكلفة الاجمالية لنقل حاوية من الامارات الى ميناء بندر عباس الايراني ومن ثم بشاحنة ايرانية الى كردستان وبعدها بشاحنة عراقية الى بغداد مع كافة الاجور الرسمية وغير الرسمية تبلغ حوالي 4000 دولار  وعليه فان العراق خسر في ظل هذه العملية ما يلي:

1.   اجور وعوائد السفن حيث ذهبت للموانئ الايرانية

2.   اجور وعوائد الوكالات البحرية ذهبت للجانب الايراني

3.   كلف الخدمات البحرية ذهبت للجانب الايراني

4.   فرص عمل لعمال الشحن والتفريغ ذهبت للجانب الايراني

5.   فرص عمل للشاحنات ذهبت للجانب الايراني

6.   رسوم الجمارك ذهبت الى حكومة الاقليم

 ان الفترة الزمنية لوصول البضاعة عبر ايران وكردستان الى بغداد اقل بكثير من مرورها عبر موانئنا!! بسب الروتين المقيت للجهات المتعددة العاملة في موانئنا ومطاراتنا ومنافذنا الحدودية وغياب التنسيق فيما بينها لتعدد مرجعياتها والمثال اعلاه لا يشمل الموانئ فحسب بل جميع المنافذ الحدودية والمطارات ايضا حيث تشهد تأخير وعرقلة لإدخال البضائع وسوء معاملة للتجار والمستوردين. 

ان استحداث منصب المشرف العام  على الموانئ والمطارات والمنافذ الحدودية كان عام 2007 جاء لهذا الغرض بالدرجة الاولى ولكن نظرا لتعيين  شخص غير متخصص بهذا المجال كمشرف عام ظل دوره مغيبا بل انعكس سلبا على اقتصاديات النقل في العراق ولحد الان وعليه اقترح تفعيل دوره ولاسيما بأن هنالك مهام عديدة اخرى له ليس هدفه تقليل الروتين وتسهيل الاجراءات فحسب بل تنال حفظ السيادة الوطنية وامن واستقرار الموانئ وفقا لمتطلبات المنظمة البحرية الدولية (IMO) والمطارات وفقا لمتطلبات المنظمة الطيران المدني الدولية (ICAO)

ومن مهام المشرف العام متابعة اصدار تشريع لقانون السلطة البحرية وقانون سلطة الطيران واتخاذ الاجراءات اللازمة لاستحداث السلطين لتوفير الادارة البحرية الامنة وهيئة السلامة البحرية وفقا لمتطلبات المنظمة البحرية الدولية (IMO) علما بأن المنظمة ارسلت لجنة مختصة وحددت خروقات كبيرة في موانئنا واذا لم يتداركها العراق ربما تكون موانئنا في القائمة السوداء خلال عام 2016 لان المنظمة حاليا حددت ضوابط جديدة بشكل اختياري وستكون هذه الضوابط ملزمة حتما على جميع الموانئ وفقا لمخطط المراجعة الطوعي للدول الاعضاء في المنظمة البحرية الدولية من اجل ما يلي :

1.    ضمان سلامة الملاحة البحرية

2.   حماية البيئة من التلوث الناجم عن السفن .

3.    حماية البحارة العاملين على متن السفن .

4.   حماية السفن والمرافق المينائية  (ISPS)

وكذلك الحال بالنسبة الى المطارات المدنية واصدار قانون سلطة الطيران المدني حيث توجد خروقات عديدة لضوابط المنظمة الدولية للطيران (ICAO) من اجل ضمان سلامة الملاحة الجوية وحماية المسافرين وطاقم الطائرة وسلامة وامن الطائرة والمطار وفقا لضوابط المنظمة الدولية للطيران

ومن مهام المشرف العام ايضا الاشراف على تنظيم دخول وخروج الشاحنات امنيا ولوجستيا واعتماد الية حديثة الكترونية لتسهيل الاجراءات والتنسيق بين الجهات ذات العلاقة اعلاه وتنظيم عمل ساحات التبادل التجاري في المنافذ الحدودية بشكل امن وسريع

 ارجوا من السيد رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة الاستفادة من المقترحات اعلاه لما يخدم امن وسيادة واقتصاد بلدنا الحبيب

 

ملاحظة: حاليا نعمل على اعداد الجزء الثاني لورقة العمل والتي تتضمن

“الهدر الاقتصادي غير المنظور في تصدير النفط العراقي”

والجزء الثالث يتضمن

“الهدر الاقتصادي غير المنظور في الغش الصناعي النفطي”