الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا وعُقدة السويداء: الحسابات الاستراتيجية المبنية على الهشاشة الطائفية

الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا وعُقدة السويداء: الحسابات الاستراتيجية المبنية على الهشاشة الطائفية

الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا وعُقدة السويداء: الحسابات الاستراتيجية المبنية على الهشاشة الطائفية
إن الكيان الصهيوني القاتل، يواصل عدوانه، وهذه المرة من بوابة سوريا، ساعياً لإشعال موجة جديدة من الفوضى في الشرق الأوسط. أما تصريحاته حول “الاستعداد لحرب تدوم لأيام” فليست إلا تهديداً صريحاً، ليس لسوريا وحدها، بل لكل شعوب المنطقة، وتحدياً وقحاً للمجتمع الدولي. هذا الكيان الإرهابي، الذي لا يعرف إلا القتل والدمار والاحتلال، عليه أن يعلم أن لكل ظلم نهاية، ولكل طاغية سقوطاً!

الهجمات الجوية التي شنها الكيان الإسرائيلي خلال الأيام الأخيرة على الأراضي السورية تمثل تطوراً خطيراً يمس أمن واستقرار المنطقة. فسوريا، التي أنهكتها سنوات الحرب، ليست في وضع يسمح لها بفتح جبهة جديدة. وهنا تبرز أهمية الدور البنّاء الذي يفترض أن تلعبه الجهات الدولية الفاعلة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، لمنع تصعيد إضافي في المشهد السوري.

إن هذه المنطقة ليست ولن تكون يوماً مستباحة لأطماع الكيان الإسرائيلي، ولا لمخططات الإمبريالية، ولا لألعاب الدم المتواصلة. ومن الجدير بالذكر أن هذه الضربات جاءت بعد أقل من 24 ساعة على ما قيل إنه طلب أمريكي موجه لتل أبيب بوقف هجماتها على سوريا، مما يكشف بوضوح عن سياسة “أطلق الأرنب، ثم اطلق الكلب لمطاردته” التي باتت مكشوفة.

الأهمية الجيوسياسية والطائفية للسويداء

تقع محافظة السويداء في جنوب سوريا، وتكتسب أهمية استراتيجية ليس فقط بسبب موقعها الجغرافي، بل أيضاً لتركيبتها الطائفية. فوجود أغلبية درزية في المنطقة جعلها منذ زمن طويل موضع اهتمام خاص من قبل الكيان الإسرائيلي، الذي يحاول الاستفادة من أي تنوع ديني أو طائفي لتحقيق مآربه.

إن إسرائيل تستثمر في هذه الفوارق الطائفية لإشعال صراعات داخلية، مستخدمةً المجتمع الدرزي كأداة ضغط وابتزاز. وقد اعتبر الكيان الإسرائيلي إرسال الجيش السوري مؤخراً لمعدات عسكرية ثقيلة إلى السويداء بمثابة تهديد مباشر له. مثل هذه التحركات العسكرية قد تهدد التوازنات الدقيقة في المنطقة وتفتح الباب أمام صراعات أوسع.

قد يكون بإمكان الجيش الإسرائيلي أن يدمّر البنى التحتية ويقتل الأبرياء في سوريا، لكنه لن يستطيع حماية المتعاونين معه من غضب الشعب، وهو غضب قد يكون أشد من الموت نفسه. واليوم، الكرة في ملعب دروز سوريا. إما أن يثبتوا أنهم من أبناء “بني معروف” حقاً ويتحرروا من وصمة الخونة الذين لا يمثلون إلا أقلية صغيرة، أو أن يصمتوا في وجه من يدنس إرثهم الوطني، لأن الغالبية الساحقة من دروز سوريا ما زالت مخلصة لوطنها، لأرضها، ولشعبها.

الاتفاقات الإقليمية والخطوط الحمراء الإسرائيلية

إذا نظرنا إلى البنية الأمنية العامة في الشرق الأوسط، سنلاحظ أن أياً من الدول المجاورة لإسرائيل – بما في ذلك مصر ذات الجيش القوي – لا تنشر قوات ثقيلة أو معدات عسكرية على مقربة من الحدود مع الكيان الإسرائيلي، وذلك التزاماً باتفاقيات موقّعة وتفاهمات أمنية متبادلة. ففي الحالة المصرية مثلاً، يخضع أي تحرك عسكري داخل شبه جزيرة سيناء لتصاريح مسبقة واتفاقات واضحة.

وبالتالي، فإن نشر الجيش السوري آليات عسكرية ثقيلة في السويداء فُسّر من قبل إسرائيل على أنه تهديد لأمنها القومي. وتشير مصادر موثوقة إلى أن تل أبيب أوصلت رسالة حادة للرئيس السوري أحمد الشرع عبر القنوات المصرية، طالبت فيها بسحب هذه القوات فوراً، وإلا فإنها ستعتبر ذلك مبرراً لشن ضربات مباشرة على النظام السوري. ومن أجل تفادي التصعيد، قررت دمشق سحب هذه الآليات، تجنباً لإعطاء إسرائيل ذريعة لحرب جديدة.

المجتمع الدرزي واستخدامه كورقة استراتيجية

إن تعامل إسرائيل مع المجتمع الدرزي ليس مدفوعاً بأي اعتبارات إنسانية، بل تحركه مصالح استراتيجية بحتة. فهي ترى في هذا المجتمع أداة للابتزاز الداخلي، وسعياً منها لإضعاف المقاومة الشعبية ضد النظام من خلال تعميق الشروخ الطائفية داخل البلاد. هذا النهج لا يؤدي فقط إلى تفتيت وحدة الدروز من الداخل، بل يجعلهم أكثر عرضة للتدخلات الخارجية.

لذا، من الضروري أن يتحلى المجتمع الدرزي بقياداته الأصيلة بالوعي الكامل لمواجهة هذه المؤامرات ضد وطنهم سوريا . فزعماء محليون ووطنيون مثل الشيخ وحيد البلعوس والشيخ الجربوع، الذين يحظون بثقة الناس، قادرون على لعب دور محوري في الحفاظ على السلم الأهلي وصدّ كل محاولات التدخل الخارجي الذي ينادي بها الخائن حكمت الهجري الذي طلب بتدخل العدو الاسرائيلي من أجل حمايته وحمايتة مليشياته الأرهابية الذين مارسوا الارهاب والفاسد في مدينة سويداء طوال سبعة اشهر الماضية لذا يجب وضع حد لهذا الخائن من قبل اهلنا الدروز الشرفاء الوطنيين وبمساعدة الجيش والشرطة السورية ..

الوحدة الوطنية واليقظة ضد الفخاخ الطائفية

في هذه المرحلة الحرجة، لا بد من بناء إرادة وطنية جامعة تتصدى لمحاولات إسرائيل إشعال حرب طائفية داخل سوريا. ويقع على عاتق الدولة السورية تطوير حوار شفاف وصادق مع المجتمع الدرزي، والعمل على ترسيخ سياسة أمنية داخلية تُبنى على الشراكة الوطنية لا على الإقصاء. كما أن جميع مكونات الشعب السوري مطالبة اليوم بتجاوز الانتماءات الطائفية الضيقة وتغليب الانتماء للوطن، من أجل الحفاظ على وحدة الأرض والشعب.

اللهم احفظ سوريا وشعبها من كل شر

الدكتور مختار فاتح بي ديلي

أحدث المقالات

أحدث المقالات