16 أبريل، 2024 7:10 ص
Search
Close this search box.

الهجرة المليونية مخاض لولادة إقليم عامر مزدهر

Facebook
Twitter
LinkedIn

لاشك ان احتلال الكويت من قبل النظام الصدامي المباد كان بداية لعد تنازلي لأسقاط النظام بسبب تمرده على القوى الكبرى التي اوصلته للسلطة بانقلاب دموي وعصيانه على المجتمع الدولي برمته بسبب حروبه و ممارساته القمعية ضد ابناء الشعب العراقي واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا وقتل مئات الالاف من المعارضين والمدنيين العزل في القرى والمناطق التي كانت مسرحا للعمليات العسكرية.
مع تحرير الكويت من الاحتلال الصدامي من قبل قوات التحالف الدولي بقرار اممي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية وهزيمة الجيش العراقي واندحاره بشكل مخزي،انتهز الشعب العراقي الفرصة واندلعت شرارة الانتفاضة في كوردستان ومحافظات الوسط والجنوب وسقطت عدة محافظات بيد الجماهير المنتفضة وبسبب التدخل الايراني ومحاولته لفرض ارادته وسطوته على المنتفضين،اعطت الولايات المتحدة للنظام الضوء الأخضر بقمع الجماهير واستعادة سيطرته على المدن والقصبات التي تمت تحريرها.
لم يتردد النظام بأستخدام اقسى واشد الاساليب لقمع ابناء الشعب العراقي حيث استخدم المروحيات المقاتلة وكلما يمتلك من الأسلحة والذخيرة لأخماد نار الثورة المندلعة ما اضطر ابناء الشعب الكوردي الى القيام بهجرة مليونية الى كل من ايران وتركيا في ظروف انسانية قاسية بعد استشهاد العشرات من الاطفال والنساء والشيوخ بسبب نقص المواد الغذائية ووعورة الطرق التي سلكوها والجوع والعطش.
هذه التراجيديا الانسانية ارغمت المجتمع الدولي الى اتخاذ اجراءات عاجلة لأغاثة اللاجئين واقامت جسور جوية لنقل المساعدات والامدادات لأنقاذ ارواح المدنيين الذين كانوا يعانون من ظروف قاسية للغاية في المخيمات التي اعدت لهم، لم تمضي اكثر من شهرين حتى اصدر مجلس الامن الدولي في 5 نيسان من عام 1991 قراره المرقم (688) وتحديد مناطق امنة في المحافظات الكوردية تحت غطاء دولي والسعي لأعادة اللاجئين الى مناطقهم الأصلية.
تحديد المناطق الآمنه وفرض الحظر الجوي في تلك المناطق كان مبعث طمأنينة للاجئين الذين كانوا يعيشون ظروف قاسية في المخيمات للعودة الى مناطقهم ومزاولة حياتهم،في هذه الاثناء كانت الاحزاب الكوردية المنضوية تحت الجبهة الكوردستانية قد فرضت سيطرتها بالكامل على محافظات اربيل ودهوك والسليمانية استعدادا لمرحلة جديدة من الحياة السياسية في كوردستان.
وفي محاولة اخرى للنظام للضغط على المناطق الكوردية قام بفرض حصار ظالم على تلك المناطق وسحب اجهزته الأدارية منها ما ادى الى خلق ازمة اقتصادية ادارية خانقة،لكن الجبهة الكوردستانية لم تيأس بل عملت بثقة عالية بالنفس لمعالجة الاوضاع وفتحت الحدود مع دول الجوار للتجارة واستيراد البضائع فضلا على ملئ الفراغ في الدوائروالمؤسسات الحكومية وبالاخص الدوائر الخدمية.
في خضم هذه الاوضاع الجديدة والدعم والاسناد العسكري والسياسي الدولي للمنطقة الكوردية بدأت الأستعدادات لأجراء انتخابات نيابية لتشكيل برلمان كوردستان و اول حكومة محلية لأدارة الأقليم واجريت اول انتخابات حرة في 19 ايار 1992 وتشكلت اول حكومة اقليمية برئاسة مهندس الاعمار السيد نيجيرفان بارزاني وشرعت بالعمل على توفير الخدمات ومن ثم الشروع بأعادة اعمار البنى التحتية في المدن والقصبات وصولا الى القرى والارياف.
بالرغم من كل المشاكل والمعوقات السياسية والامنية والادارية والاقتصادية وضعت الحكومة الفتية خطط وبرامج آنية وستراتيجية لأعادة الأعمار وشرعت بالبناء والاعمار بأمكانيات محلية ودعم متواضع دولي،الا ان الحكومة تمنكت من ايجاد مناخات للأستثمارات الاجنبية في الاقليم واستقطبت الشركات المختلفة للعمل في المجالات المختلفة وبالاخص في مجال البنى التحتية وتوفير الخدمات وبناء مادمرته الحروب في كوردستان.
وفي زمن قياسي انجزت مئات المشاريع واصبحت اربيل العاصمة محط توجه اصحاب رؤوس الاموال للأستثمار واضحى الاقليم لايقل اهمية عن دول الجوار من حيث القوة الاقتصادية واستقطاب الاستثمارات ودخول مئات الشركات الاجنبية سوق العمل في الاقليم وخلال سنوات قليلة تمكن رئيس الحكومة الشاب الطموح نيجرفان بارزاني من بناء اقليم عامر ومزدهر يضاهي الكثير من الدول التي تشكلت قبل عقود من تشكيل حكومة الأقليم.
واليوم وبعد مرور ثلاثة عقود على تشكيل حكومة اقليم كوردستان ورغم المشاكل مع دول الجوار والمركزبسبب العقليات التي ماتزال متمسكة بالنظام الشمولي المركزي ورغم الحرب ضد الارهاب التي خلفت اكثر من 12 الف شهيد ومصاب فضلا على مئات المليارات من الخسائر المادية ونزوح اكثر من مليوني نازح ولاجئ سوري وايراني الى اراض الاقليم وقطع موازنة الاقليم من قبل الحكومة الاتحادية منذ 2014ولغاية نهاية 2020 اصبح الاقليم عاملا محليا واقليميا مهما للاستقرار وواحة للتعايش السلمي.
في الختام يبق ان نشير الى ان المخاطر الداخلية والاقليمية على اقليمنا ماتزال قائمة وهناك محاولات كثيرة لتحجيمه او حتى إنهائه وازالته بشكل كامل ما يستدعي الاحزاب والقوى السياسية الكوردستانية الى اعادة حساباتها وانهاء الخلافات والصراعات فيما بينها والعمل معا بروح الفريق الواحد للحفاظ على هذا الكيان القومي الذي قدمنا انهار من الدماء لبنائه وهي ثمرة عقود من النضال والذي يعد اللبنة الاولى لتحقيق الحلم الكبير في انشاء كيان مستقل في المنطقة.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب