22 ديسمبر، 2024 11:58 م

الهجرة إلى الحبشة وتأثيرها على الدعوة الإسلامية

الهجرة إلى الحبشة وتأثيرها على الدعوة الإسلامية

الجزء الأول :
(( لو استعرضنا مع القارئ الكريم عن حقيقية الموروث الديني والتاريخي للأمة العربية والإسلامية ومحاولة البحث والتنقيب الصحيح في بطون الكتب وعقول المؤرخين البعدين التعصب الطائفي والعقائدي لوقفنا على بعض حقائق التأريخ الإسلامي المهم جدا وخصوصا المراحل الأولى من حياته وفي هذا الجو المشحون بالآراء والتقاطعات الفكرية التعصبية والمنفتحة اتجاه الخوض في الكم الهائل من الموروث الفكري الديني والعقائدي والسردي وخصوصا فترة حياة النبي محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه في بداية نشأته الغامضة نوعا ما وإرهاصات الدعوة المحمدية وبداياتها وظروفها وأحوال المسلمين الأوائل الذين أرسوا دعائم هذه الدعوة الجديدة بقيادة نبيهم وقائدهم محمد ومنها ما هو مطروح للبحث والنقاش وعلى نسق مبسط وهو هجرة المسلمين إلى أرض الحبشة في بداية الدعوة الإسلامية ومعرفة مفهومها وغاياتها ومخرجاتها وما قيل عنها . أولا أن اشتداد وطأة التعذيب والبطش للمسلمين من قبل مشركي قريش والتنكيل بهم في سبيل ثنيهم عن عقيدتهم ودينهم الجديد ودفاع قريش عن معتقداتهم الدينية والاجتماعية السائدة في الجزيرة العربية آنذاك لاستئصال هذا الدين الجديد الذي ينتشر في مجتمع قريش كالهشيم في النار الذي سفه آلهتهم وينقلب على الواقع الفكري والاجتماعي لأهل مكة المكرمة . أن الفكرة السائدة لدى الكثير من الكتاب والمؤرخين الأوائل نقلوا لنا فكرة هذه الهجرة الأولى والثانية إلى أرض الحبشة هو رأي الرسول الأعظم محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه هو تحصين المسلمين من الردة والفتنة في دينهم وإبعادهم عن الممارسات القهرية لهم للمحافظة على العقيدة الفتية وعلى مريديها إلى أرض بعيدة عن سطوة مكة المكرمة وقريش وحلفائها وبجوار ملك عادل مؤمن بعقيدة ودين قريب لهم وهي الحبشة بملكها النجاشي المسمى ( الأصحم بن أبجر ) فقد استطاع الرسول الأعظم محمدا أن يبعث ثلة من المؤمنين على دفعتين بعد العام الخامس من البعثة النبوية المشرفة الأولى كانت تضم ( 11) نفرا مع أربعة نساء لهم والثانية كانت ( 84) نفرا مع بعض الزوجات المؤمنين بقيادة أبن عمه الثقة ( جعفر بن أبي طالب ) رضي الله عنه وكان لهؤلاء المؤمنين ثقلهم ومنعتهم ومكانتهم في المجتمع المكي وبنفوذهم المادي والتجاري منهم جعفر بن أبي طالب فكان أبن سيد العرب والبطحاء أبو طالب عليه السلام كبير قريش وزعيمهم في بني هاشم وقريش وعثمان بن عفان رضي الله عنه صاحب المال والمركز الاجتماعي والزبير بن العوام رضي الله عنه ومصعب بن عمير وأبو حذيفة بن عتبة وعثمان بن مضعون وعبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة بن عبد الأسد وعامر بن أبي ربيعة العنزي وأبي سمرة بن أبي رهم وحاطب بن عمرو وسهيل بن بيضاء وعبد الله بن مسعود وخالد بن سعيد بن العاص وعبيد بن جحش وعبد الله بن جحش وعامر بن أبي وقاص والمقداد بن الأسود وهشام بن العاص بن وائل وأكثرهم من كبار القوم وسادتها ليس فيهم من هو مضطهد أو عبد من عبيد قريش أو ضعيف ماديا وهذا ما يفند الرأي أن الهجرة إلى الحبشة هو إبعاد المسلمين المضطهدين من سطوة قريش وقسوة أهل مكة حيث بعث رسول الله مع أبن عمه جعفر كتابا إلى النجاشي ملك الحبشة جاء فيه (( بسم الله الرحمن الرحيم : من محمد رسول الله إلى النجاشي الأصحم ملك الحبشة سلام عليك فأني أحمد إليك الله الملك القدوس المؤمن المهيمن وأشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطاهرة الطيبة الحصينة فحملت بعيسى فخلقه من روحه ونفخته كما خلق آدم بيده ونفخه وأني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له والموالات على طاعته وأن تتبعني فتؤمن بي وبالذي جاءني فأني رسول الله وقد بعثت إليك أبن عمي جعفرا ومعه نفرا من المسلمين فإذا جاؤوك فأقرهم ودع التجبر فأني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل وقد بلغت ونصحت فأقبل نصيحتي والسلام على من أتبع الهدى ) يتبع