يكابر بعض الحمقى الى درجةٍ ينسون معها ، الأجواء البوليسية الخانقة التي فَرَضَها الدكتاتور المقبور عليهم ، والتي حرمتهم من فُرص إبداء آرائهم ، في أمورهم المعاشيّة ، فضلاً عن آرائهم في القضايا السياسيّة ..!!
ان الميدان الوحيد الذي ظلت بوّاباته مُشرعة مفتوحة ، هو ميدان النفاق والملق الرخيص ، عبر التغني بالقدرات الخارقة والمواهب الفريدة (للقائد الضرورة) …!!
وان على الجميع ان لا يتوانى عن الهتاف باسمه، والاعلان عن أنه يفتديهِ به بالروح والدم ..!!
حتى الرسائل الجامعية ، كانت توظّف، باتجاه تسليط الأضواء على عبقرية (ابن العوجة) ..!!
وحين سقط الصنم ، وانزاح الكابوس الجاثم على صدور العراقيين ، أصبح بمقدور المواطن العراقي أنْ يجهر بآرائه ، ودون خوف من ملاحقة أو عقاب .
ألم يقل أرسطو :
(العبدُ الحقيقي هو الذي لايستطيع التصريح بآرائه )
لقد زال عهد العبودية والدكتاتورية ، وأطلّ فجر الحريّة ….
فكثرت الصحف والمجلات والقنوات الفضائية ، وانتشرت الكتب والمطبوعات ، لتعبّر وبكل صراحة عن آراء الناس، بعيداً عن الحصار الذي كان مفروضاً عليها طيلة الحقبة السوداء البائدة .
-2-
ولقد منعتْ السلطة العفلقية الغاشمة العراقيين من اقامة مراسم العزاء الحسيني ، وضيقت الخناق على كل ماله صلة باحياء ذكرى عاشوراء الخالدة ، خشية من ان تكون منطلقاً، للتنديد بالسياسات القمعية الدموية التي انتهجتها، واعتمدتها وتيرة ثابته في تعاملاتها مع الانسان العراقي، الذي كبلته بالقيود والأغلال ، واستخدمته في حروبها الطائشة بإذلال وامتهان ، حتى فاقت بظلمها الامويين والعباسيين والعثمانيين ….
لابل فاقت بمجازرها ما قرأه الناس عن (جنكيز خان) وهولاكو ، ومن سبقهم من الفراعنة والطواغيت .
-3-
ان المواكب الحسينية في هذا العام ، شهدت موسماً من أهم مواسمها الحافلة، لا بالمشاركة الجماهرية فحسب، بل في نقدها الساخن لما يعانيه المواطن العراقي ، من أزمات ومخاطر أمنية ، ونكوص عن تلبية الحاجات الآنية في مختلف الحقول …. ونهب مستمر للثروة الوطنية ….
لقد كانت نبرة الاحتجاجات الشعبية متميزّةً بحرارتها وعمقها وصراحتها بعيداً عن التلويح والتعريض …
انها الدرجة العالية من النقد المرّ المباشر .
ومِثْلُ هذا النقد ، اذا دلّ على شيء فانما يدل على انَّ حرية التعبير متاحة لكل مواطن .
وهو مكسب كبير يجب الا يغيب عن الاذهان .
-4-
ونحن ندعو المسؤولين العراقيين جميعاً، الى دراسة معمّقه دقيقة لكّل ما أثارته المواكب الشعبية الحسينية من مشاعر ومطالب وقضايا ساخنة والتحرك باتجاه تنفيس الاحتقانات وتنفيذ الطلبات ورفع الظلامات .
-5-
إنّ الحسين (ع) علّم الناس كيف ينحازون للحق ، ويكرهون الباطل ، ويرفضون الظلم والطغيان، بكل صوره وأشكاله ، وينتصرون للقضايا العادلة ، والقيّم الانسانية …
انها دروس خالدة لاتُنسى
والتفاعل معها قائم دائم …
وهكذا تَقِفُ (العِبرَة) الى جانب (العَبْرَه) ويتعانقان دون انقطاع .
[email protected]