امريكا تسعى لتغير النظام في ايران من خلال تشديد العقوبات الاقتصادية عليها، على خلفية البرنامج النووي الايراني. هذه الخلفية هي؛ من اكبر الاكاذيب والخدع الامريكية في القرن الحالي، بعد الكذبة الكبرى والخديعة الأكبر، عن امتلاك العراق ترسانة من اسلحة الدمار الشامل في القرن العشرين. مفاوضات الترويكا الاوربية مع ايران بخصوص برنامج الاخيرة النووي. هذه المفاوضات حتى هذه اللحظة لم تسفر او انها لم تقد وتفضي الي نتيجة وحلحلة لموضوعالنووي الايراني. تحاول ايران بكل الوسائل المتاحة لها، الاتفاق على تسوية او حل دائم لبرنامجها النووي، لا يتجاوز الخط الاحمر، الذي يعني ان تحتفظ ايران بدروة تخصيب اليورانيوم، مع رفع العقوبات الاقتصادية الامريكية عليها. حتى هذه اللحظة لم تجر مفاوضات سواء مباشرة او غير مباشرة بين ايران وامريكا حول نووي الاولى؛ بعد ان توقفت، او اوقفتها حرب ال 12يوما بين ايران من جانب وامريكا واسرائيل من الجانب الثاني. امريكا ترامب، تقول من انها غير مستعجلة للمفاوضات حول النووي الايراني. لكنها ومن الجهة الثانية قامت بإضافة شروط جديدة، من اهمها هو برنامج ايران الصاروخي، وعلاقة ايران بالفضاءات الاقليمية المجاورة لها وغير المجاورة؛ أضافة وهذا هو الاهم؛ ان تتخلى ايران عن دورة الوقود النووي، وتفكيك برنامج ايران النووي بالكامل. ايران من جهتها ترفض ولاتزال ترفض، وستستمر ترفض؛ مناقشة برنامج الصواريخ رفضا كاملا، كما انها ايضا ترفض ان تتخلى عن دورة الوقود النووي. لكنها وفي ذات الوقت اشارت او اوحت لأمريكا من خلال تصريحات مسؤولوها؛ بانها ربما مستعدة لمناقشة مستوى التخصيب، كما كان في اتفاق عام 2015، اي بدرجة 67،3، الذي يكفي في استخدامه في المحطات النووية في توليد الطاقة الكهربائية. في هذا التوقيت تم مؤخرا وبرعاية مصرية في القاهرة؛ الاتفاق بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وايران على آلية لتنظيم عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. عراقجي وزير خارجية ايران قال مؤخرا، قبل يوم من الآن؛ ان عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ايران لن يكون كما كان عليه الوضع في السابق. يستنتج المتابع من هذا كله، ربما؛ تخطط امريكا ترامب، باستخدام العقوبات الاقتصادية الاقوى والاشد مع الضغوطات القصوى على النظام الايراني لتغير النظام الايراني. لتعزيز هذا الاتجاه ايضا تقوم امريكا بالضغط على الحكومة العراقية بتقييد علاقتها وبالذات الاقتصادية والتجارية مع ايران. ان توقف المفاوضات الامريكية الايرانية، وايكال المهمة الى الترويكا الاوربية، ألمانيا، فرنسا، بريطانيا؛ لم يأت من فراغ، بل انها مبرمجة في اساسها وفي منطلقها وفي اهدافها. فهي جميعها تسير على خط واحد يقود او ينتهي في محطة واحدة؛ الا وهيتفعيل ألية الزناد، اي إعادة العقوبات الدولية على ايران، التي تم ايقاف العمل فيها بعد ابرام اتفاق عام 2015، والذي انسحبت امريكا ترامب منه في عام في2018. الولايات المتحدة لا تستطيع ان تقوم مجددا بفرض عقوبات دولية جديدة على ايران؛ باستخدام مجلس الامن الدولي؛ لأنها سوف تواجه برفض روسي وصيني لهذا القرار، او من احداهما؛ لأبطاله؛ بحسب الصحافة الروسية التي تناولت مؤخرا الملف النووي الايراني. إنما، ان اراد الامريكيون والاوربيون تفعيل ألية الزناد، على اعتبار ان ايران كانت في وقت سابق قد تجاوزت ما تم الاتفاق عليه في اتفاق عام 2015. هنا قد ينجح الامريكيون والاوربيون في تفعيل ألية الزناد، ربما كبيرة؛ من دون ان يكون هناك اعتراض روسي او صيني؛ في عملية تخادم بين القوى العظمى في صناعة القرارات في اروقة مجلس الامن الدولي. وهي هنا قرارات مجحفة وغير عادلة تماما؛ عندما يؤخذ في المناقشة بين هذه القوى العظمى التي تتحكم في الأمن الدولي من على منبر مجلسه، التي تسبق تفعيل آلية الزناد؛ تجاوز ايران على ما تم الاتفاق عليه، في اتفاق عام 2015؛ هو الخصيب بنسبة 60%، من دون الالتفات الى انسحاب امريكا ترامب منه، وإعادة الضغط الاقتصادي عليها. وزير خارجية ايران، عراقجي، رد قائلا؛ ان كمية اليورانيوم المخصب بنسبة 60% موجود تحت انقاض المنشآت المدمرة. في قناعة شخصية لكاتب هذه السطور المتواضعة؛ ان المفاوضات بين الترويكا الاوربية وايران حول نووي الأخيرة، ربما كبيرة تصل الى اليقين؛ ان هذه المفاوضات مصيرها الفشل المخطط مسبقا له امريكيا؛ الا في حالة واحدة، وهي ان تتخلى ايران عن دورة الوقود النووي، اضافة الى برنامجها الصاروخي. هذان امران؛ في غاية الصعوبة على صانع القرار الايراني، ان لم اقل مستحيلا؛ لسبب واضح تماما، فهي ان تخلت عن دورة الوقود النووي، ووضع حدود لصناعتها للصواريخ؛ تكون قد تخلت تماما عن كل طموحاتها في هذينالمجالين، وهذان لهما؛ تداعيات خطيرة على الداخل الايراني.ان الاشهر المقبلة ستكون خطيرة ليس على ايران فقط، بل تتعدى ايران في تداعياتها. يظل السؤال المهم هنا؛ هل تقوم اسرائيل نتنياهو؛ بمهاجمة منشآت ايران النووية؟ في المنظور القريب؟ امر مستبعد على الأقل خلال هذا العام. ان جذر النووي الايراني، وجذر ما يحدث في غزة من إبادة، وجذر الحرب في اوكرانيا، وجذر ولادة عالم متعدد الاقطاب في الطريق لإزاحة العالم الامريكي القائم على المعايير والقواعد الامريكية والغرب الجماعي؛ يغذي هذه الجذور جميعها، جذر؛ استمرار هيمنة الغرب الجماعي بقيادة امريكا على العالم، وإعادة هيكلة دول المنطقة العربية، وجعل اسرائيل دولة طبيعية في المنطقة العربية، وفي جوارها. اسرائيل لها مشروع سياسي واقتصادي وتقني، وهو مشروع الغرب الجماعي بقيادة امريكا في المنطقة العربية وفي جوارها. هنا يكون هذا المشروع، في تصادم مع المشروع الايراني الذي تتشارك ايران به، من حيث النتائج وليس من حيث المنطلق الايديولوجي مع الثنائي الروسي الصيني.