(حاميها حراميها) هذا المثل الشعبي العراقي ظل يتكرر منذ قيام الدولة العراقية الحديثة وحتى يومنا هذا . في السابق كان يطلق على الشرطة والجباة وغيرهم من صغار الموظفين . اما اليوم فصار يطلق على الجميع من موظفي الدولة .. والمقصود باليوم هنا ، انه عراق ما بعد سقوط النظام السابق .
في العهد الماضي الغابر ، لم يكن احد يقول عن مجالس النواب انها (حامية) للصوص ، لأن المجلس النيابي كان تابعاً للحاكم وليس منتخباً ، بل معيناً . ولا عتب عليه . اما اليوم (اقصد ما بعد عهد صدام) فمجلس النواب صار منتخباً من الشعب مباشرة . وعندما يقال له (حاميها حراميها) فأنه ان لم يهتم بمصالح العراقيين الذين انتخبوا اعضاءه . فعليه ان يحرص على حماية اموالهم .
في هذا الشهر (الاول) من العام الجديد اثبت الكثير من اعضاء مجلس النواب انهم (حاميها حراميها) فعلاً في حدثين . الاول عندما أعاق عدد كبير من النواب قرار ايقاف مزاد العملة . والثاني عندما اقترحت (اللجنة الاقتصادية النيابية) على الحكومة بيع وتأجير اراضي وعقارات الدولة لمعالجة الأزمة المالية .
الحادث الاول ، وموقف عدد كبير من النواب الممانع لأيقاف بيع العملة مع ان النواب يعرفون ان مليارات الدولارات قد سرقت بهذه الطريقة . وان الشواهد على ذلك قائمة . ومع ذلك اوقف المجلس النيابي قرار بيع العملة خدمة للفاسدين واللصوص في الدولة . واعطى فرصة لهولاء للأستمرار بسرقة المال العام . وصار بحق ان يوصف ب (حاميها حراميها) !
اما الحادث الثاني فهو اقتراح اللجنة الاقتصادية النيابية ببيع اراضي وعقارات الدولة .. وهذا معناه ان النواب قد وافقوا على بيع العراق للصوص والفاسدين .. كيف ؟
المعروف ان بيع عقارات الدولة والاراضي التابعة لها ، أن صدر قانون بذلك ، سيعود بالفائدة والنفع على من سرقوا ثروة العراق طيلة السنوات الماضية .. فأذا كان العقار معروضاً للبيع فأنه يخضع لقانون بيع وايجار عقارات الدولة النافذ الذي لا يتم من دون مزايدة . والاثرياء اللصوص وحدهم من يملك المال لا ساكن البيت ! ان كان موظفاً أو متجاوزاً . لأن الاثرياء (اللصوص) يملكون الكثير من المال ، وبالمزايدة يمكنهم ان يشردوا آلاف الاسر الفقيرة والاستيلاء على بيوتهم . اما الاراضي وهي ان بيعت بالمزايدة –حسب القانون- فأن الفاسدين من المسؤولين وصنعائهم من الاثرياء سيشترونها ومن ثم يبيعونها للأجانب ! نعم للأجانب . مما يجعل أرض العراق مباحة لكل من يدفع الثمن .
وبهذا يقف النواب الى جانب اللصوص والفاسدين ومشردوا الفقراء من بيوتهم وتذهب اراضي ومزارع العراق المملوكة للدولة اليوم الى دول اخرى .
وبهذا يكون المثل (حاميها حراميها) قد جاء مطابقاً للواقع . فحماة حقوقه قد باعوه بثمن بخس ولم يخشوا الله فيه ولا عباده .