ليس هناك فوارق كبيرة من انموذجي المليشيات الشيعية او السنية في حرب الطوائف للعراق الجديد ، هذه الحرب التي تريد ان تحول البلد من الشروع بالبناء المتصاعد عموديا في في مكونات الدولة الجديدة ، بمواصفات مدنية عصرية ، واليات تبادل سلمي للسلطة ، حتى انتهى المشهد العراقي في تكوينه الافقي الى انموذج للحرب الطائفية ، وسط اغلبية صامتة ليس باستطاعتها مواجهة دمار قادة المليشيات وامراء الطوائف ، في وقت ما زالت هذه الاغلبية الصامتة تحاول التعبيرعن رفضها للواقع من خلال العزوف عن المشاركة في الانتخابات ولعل انموذج انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة ، ابرز مثال على ذلك .
والسؤال من الطائفي الذي يجيش هذه المليشيات ويزودها بعوامل القوة والنفوذ لتقود البلد ككل الى اتون الحرب الطائفية الطاحنة ؟؟
تذهب بعض الدراسات الاكاديمية في الاجابة على هذا السؤال من خلال المنهج التاريخي الوصفي في تحليل النزاعات الداخلية التي ربما انتهت الى تفتيت الدول كما حصل ليوغسلافيا القديمة ، او الى تواصل بذور الحرب الطائفي كما هو الحال في لبنان وايضا في ارلندا ، او بين القبائل كما يحصل في الصومال ، لكن اي من هذه النزاعات ربما لا تتطابق مع النزاع العراقي من جانب الموقف الدولي ، لاسيما الاميركي ،كون العراق المصدر الثاني او الثالث على اعلى تقدير ، ويخطط له ان يكون المنتج الاول للنفط حتى عام 2020 .
وفي هذا الاطار ، كان العراق حاضرا بقوة في المؤتمر الذي نظمه مركز هرتسيليا المتعدد المجالات للدراسات السياسية والإستراتيجية في الفترة ما بين 11 و14 مارس الماضي، وتولى مدير معهد أبحاث الأمن القومي جنرال الاحتياط عاموس يادلين معالجة الوضع العراقي، كون الجنرال يادلين الذي تولى رئاسة الاستخبارات العسكرية في جعبته الكثيرمن الاسراروالمعطيات حول الوضع العراقي، وطرح عدة سيناريوهات عن مستقبله ، تبدأ بسيناربو “حرب أهلية بأبعاد ثلاثية طائفية وأثنية ومناطقية تعقبها فوضى وانهيار السلطة”، فيما حدد معالم السيناريو الثاني في تقسيم العراق إلى ثلاث دول وهي من وجهة نظره حاصل وقائع على الأرض ولم يعد تحوجه غير الإعلان عنه والإشهار، واضاف الى ذلك سيناريو “هجرة جماعية للعراقيين إلى الدول المجاورة الأردن إيران الكويت السعودية”.
وتتضمن هذه السيناريوهات “تدخل من دول الجوار تركيا من الشمال والأردن في الغرب وإيران في الجنوب وكذلك محاولات سعودية كويتية للاستعانة بالولايات المتحدة للتدخل من أجل كبح إيران وميليشيات عراقية”، ولعل السيناريو الاخطر “انتشار واسع للإرهاب في العراق وفي سوريا ثم احتمال امتداده إلى الأردن”، يمكن ان تنتهي الى “تشكل جبهة يعمها الإرهاب تضم حتى الآن سوريا والعراق وقد تمتد خلال أيام إلى لبنان ثم إلى الأردن وتتجه غربا إلى سيناء”.
واي من هذه السيناريوهات تحتاج الى “جبش النقشبندية” الذي يشار الى قيادته من قبل المطلوب الهارب عزة الدوري ، وايضا الى ” جيش المختار ” الذي يقوده رجل الدين واثق البطاط ، وما يجري تسريبه من اخبار او بيانات منقولة عن الطرفين ، تعزز التحليل الموضوعي بان مخططات الجنرال الاسرائيلي لا تبتعد كثيرا عن ما ينشر عن نقل النقشبندية لحربهم الى بغداد لتصفية النفوذ الايراني ، مقابل بيانات شديدة اللهجة من البطاط باستهداف رجال الدين في ساحات الاعتصام وسياسيين وإعلاميين “يروجون للإرهابيين في ساحات المكر”، وفي حين أكد انه سيقوم بـ”بضرب هؤلاء ومصالهم الاقتصادية”، لفت إلى أنه سينشر قواته إلى جانب القوات الحكومية في الأحياء السكنية للتدقيق بالهويات.
لذلك يبدو ان الاثنين من حيث يعلمان اولا يعلمان يطبقان المخطط الاسرائيلي، لكن بالتاكيد ان من يمولهما ويخطط لهما اصدار البيانات ، يعمل بان ما يريد له ان يحصل في عراق اليوم لا يخرج عن المخططات الاسرائيلية التي انتجتها اما مراكز الابحاث في اسرائيل او تلك التي تدار من قبل اللوبي الاسرائيلي في واشنطن.. ومع ذلك هناك من يكرر التاكيد على ان كل ما يتم تداوله لا يخرج عن نظرية المؤامرة التي شاعت في اوساط المثقفين العرب منذ نكسة 1967 !!!