النقد الأدبي وهو عبارة عن دراسة ونقاش وعلمية تقييم يقوم بها الناقد للأدب معتمدا على النظرية الأدبية.
وتعتمد النظرية الأدبية على مناقشة طرق النقد الأدبي وأهدافه، ويتم هذا النقاش بطريقة فلسفية بحتة.
كما تم تعريف النقد الأدبي بأنه فن يقوم على تفسير الأعمال الأدبية التي يقوم الأديب بكتابتها وتأليفها.
ويقوم النقد الأدبي بشكل رئيسي على فكر الناقد، وسعة اطلاعه في مجال البحث، وذلك بغرض الكشف عن مواطن الإبداع في النص الذي يقوم بنقده.
ويعد ظهور النقد الأدبي مرتبطا بشكل رئيسي بظهور الأدب، فلو لم يكن الأدب موجودا لما كان هناك داعي لتأسيس النقد الأدبي، ولما كان هناك أي فائدة من ظهور مدارس النقد الأدبي المختلفة، وذلك نظرا لأن قواعد النقد الأدبي تم استخراجها واستنتاجها من الأدب نفسه.
حيث كان الناقد يقوم بالاطلاع على النص الأدبي الذي بين يديه سواء أكان هذا النص شعرا أو قصة أو رواية أو غيره من الأجناس الأدبية المختلفة ثم يبدأ بتحليل النص، وتحديد مواطن الإبداع فيه، وتحديد الصور المكررة التي قدمها الأديب، ومن ثم يحدد مواطن القبح في حال وجودها.
ولقد عرف العرب النقد الأدبي منذ العصور القديمة، ولقد تطور مفهومه بشكل كبير، وبرز عدد من النقاد العرب في مختلف العصور، ومن أبرزهم عبد القاهر الجرجاني، وابن طباطبا، وقدامة بن جعفر وغيرهم، لكن لم يقم العرب بتأليف كتب متخصصة في النقد الأدبي، بل كان النقد الأدبي يأتي في كتبهم على شكل فقرات متفرقة.
حركة النقد الأدبي عند العرب
تقسم حركة النقد الأدبي عند العرب إلى فترتين الأولى كانت ممتدة من العصري الجاهلي، واستمرت حتى بداية عصر النهضة العربية في القرن التاسع عشر.
أما الفترة الثانية فتمتد من بداية القرن التاسع عشر وحتى وقتنا الراحة، وفيما يلي سوف نستعرض النقد الأدبي في هذه العصور:
النقد في العصر الجاهلي:
لم يكن النقد في العصر الجاهلي سوى نقد بسيط للغاية، ولم يكن سوى نقد انطباعي لا غير.
وكثرت الأسواق الشعرية كسوق عكاظ والتي كان فيها النقاد من الشعراء يبدون رأيهم بالقصائد الشعرية بحسب العادات والتقاليد، وكانت هذه الأسواق تشهد منافسة كبيرة بين الشعراء.
النقد في صدر الإسلام:
تطور النقد في عصر صدر الإسلام عما كان عليه في العصر الجاهلي، وتغيرت طبيعة الأشعار، حيث ابتعد العرب عن أسواقهم وانشغلوا بفتوحاتهم.
وعلى الرغم من عدم بروز عدد كبير من الشعراء في ذلك العصر بسبب الحروب وبسبب سوء الفهم الذي حيث اعتقد في البداية أن الإسلام حرم الشعر، ولكن الحقيقة تقول إن الإسلام نفى أن يقول النبي شعرا، ولم يحرم الشعر.
وكانت الأشعار في ذلك العصر تتحدث عن البطولات العربية في فتح البلاد وتوطيد الدولة العربية.
النقد في العصر الأموي:
تطور النقد في العصر الأموي عما كان عليه في عصر صدر الإسلام، وساهمت اتساع رقعة الدولة العربية وقوتها في تعزيز دور الشعر.
حيث تعددت المراكز الثقافية في العصر الأموي، وحظي الشعر والشعراء بمكانة مرموقة عند الملوك والأمراء.
وكثر النقاد الذين كانوا يبرزون نقاط القوة في القصائد، كما يحددون نقاط الضعف فيها.
النقد في العصر العباسي:
وشهد النقد في العصر العباسي ثورة كبيرة، وبخاصة بعد أن اطلع العرب على الكتب اليونانية وبخاصة كتب أفلاطون.
وظهر في هذا العصر عدد كبير من النقاد العظام كالجرجاني، والذي كان يدرس الحالة النفسية للأديب والظروف المحيطة به، وقدامة بن جعفر، وابن طباطبا وغيرهم من النقاد الذين دفعوا حركة النقد نحو الأمام.
النقد في العصر المملوكي والعثماني:
شهدت الحركة الشعرية والأدبية في العصر المملوكي والعثماني ركودا كبيرا، حيث تراجع الأدب وتراجعت الثقافة، وحل الجهل والانحطاط محلها.
وانعكس هذا الأمر بشكل واضح على النقد حيث قل ظهور النقاد، وشهدت الحركة النقدية ركودا كبيرا.
النقد في العصر الحديث والمعاصر:
وفي العصر الحديث ومع النهضة الفكرية والثقافية التي شهدها الوطن العربي اطلع العرب على المناهج النقدية الأدبية التي ظهرت في أوربا في القرون الماضية واستفادوا منها.
وظهر عدد كبير من النقاد العرب، ومن أبرز الشاعر أدونيس والناقد الكبير محمد المسدي.
ما هي غايات النقد الأدبي؟
تقويم العمل الأدبي:
يعد تقويم العمل الأدبي من الغايات الأساسية لمناهج النقد الأدبي.
ومن خلاله يسعى الناقد لتقييم العمل الأدبي الذي قدمه، وبيان القيمة الموضوعية لهذا العمل، والفائدة التي قدمها وأضافها العمل الأدبي لأدب بلده الأصلي وللأدب العالمي.
تقويم العمل الأدبي من الناحية الموضوعية:
حيث يجب على الأديب يقوم بنقد العمل الأدبي من الناحية الموضوعية، والناحية الفنية.
كما يقوم الناقد بإبداء رأيه بجودة العمل الأدبي الذي قام الأديب بتقديمه.
تحديد جودة العمل الأدبي:
ويتم تحديد جودة العمل الأدبي من خلال ذاتية الناقد التي تلعب دورا كبيرا في ذلك.
فتكون استجابة الناقد لهذا العمل مبنية على نظرته له المستمدة من مقارنته هذا العمل بالأعمال الأدبية الأخرى.
تحديد فترة إنتاج العمل الأدبي:
يجب على الباحث أن يقوم بتحديد الفترة التي أنتج فيها الأدبي النص الأدبي الذي ينقده.
حيث تختلف طريقة نص أنتجه الأديب في بداية إبداعه الأدبي، مع نص آخر قام بإنتاجه في فترة إبداعه وتألقه الأدبي.
تحديد العلاقة بين الأديب والمجتمع:
يجب على الناقد أن يحدد العلاقة بين الأديب وبين المجتمع الذي يعيش فيه الأديب.
فهل كان الأديب محبوبا من قبل جيرانه، أم كان مكروها ومذموما، وتلعب هذه الأمور دورا كبيرا في عملية النقد الأدبي.
معرفة صفات الأديب من خلال أدبه:
قد يعكس الأدب الذي يقدمه الأديب عددا كبيرا من صفاته الشخصية، لذلك يجب أن يكون الناقد قادرا على الربط بين أدب الأديب وصفاته الشخصية.
والناقد الماهر هو الناقد القادر على معرفة العوامل النفسية التي دفعت الأديب لإبداع أدبه.
ما هي أبرز صفات الناقد الأدبي ؟
يجب أن يكون الناقد الأدبي قادرا على تذوق النص الأدبي، ومعرفة كافة التفاصيل المحيطة به.
يجب أن يتمتع الناقد بإحساس رقيق، وذلك لكي يكون قادرا على معايشة الجو الذي عاشه الكاتب أثناء إبداعه لنصه الأدبي.
كما يجب أن يكون الناقد الأدبي موضوعيا فيلتزم الحياد ويذكر الحقائق كما هي، ولا يجب عليه أن يجعل الأهواء الشخصية تسيطر على أحكامه النقدية.
أن يكون الناقد الأدبي يمتلك ثقافة واسعة واطلاعا كبيرا على الموضوع الذي يقوم بنقده، كما يجب أن يطلع على العصر الذي عاش به الناقد، وذلك لكي يكون قادرا على تحديد الأسباب التي أثرت في الأدب الذي قدمه الأديب.
وهكذا نرى أن النقد الأدبي عند العرب مر بعدد من المراحل، حيث شهد النقد الأدبي عند العرب تطورا ملحوظا منذ العصر الجاهلي وحتى عصرنا الحالي.