يقوم العراق في اغلبه على النظام العشائري والولاء للعشيرة والعرف القبلي ونفوذهما ..اعترفنا بذلك أم انكرناه ..وان توهم مدعوا المدنية غير ذلك ، فهم اول من ينساق وراءه اذا خلوا الى …! ويكون ذلك بالاخص في الاجزاء الغربية والجنوبية من البلاد ..ويمتد اثره على وسطه ..وفي العصر الحاضر ، نشترك نحن فقط وشعوب احراش افريقيا وقبائل الزولو في هذا النظام بفضل من الله ، بعد ان أباد الامريكان الهنود الحمر واجتازت الصومال اخيرا هذه المرحله واصبحت من البلدان المتمدنه ..
وهنا لابد من التنبيه ان العشائر والانتماء اليها بحد ذاته ليس سبة واننا نعتز بها كعائلة كبيره ولبنة للمجتمع ..ولكن المشكل بل المعضل ان تسيطر هذه العشائر وعقلياتها على نظام الدولة وتكون بديلا للقوانين وللمواطنة كماهو حاصل عندنا من تنفذ العشائر الكبيرة القوية وابنائها لدرجة انقياد المدينة خلف القرية ..وهذا من اغرب مايحصل عند البلدان المتخلفة مثلنا “ولافخر”..لدرجة اقتراب وصولنا الى نظام عنصري او التفرقة على هذا الاساس ..
اثر ذلك بواقع الامر على الأكفاء من الموظفين العموميين من الاقليات التي لانفوذ لها وصاروا اما يتحاشون تقلد المناصب التي هم اهلا لها وتركها لمن هم دونهم كفاءة او معدومي الكفاءة ..اوعلى الاقل الانصياع الى توصيات المتنفذين عشائريا (والتي تكون اوامر احيانا !) ..واتباع منهجية معينة مفروضة واداء وظيفي ليس مهني ولايناسب المصلحة العامة ولايقيمها ولكن تحت ضغط العشائريين ،،..ونرى مالذلك من خطير الاثر على المجتمع والدولة ومؤسساتها الفتية ..وهذا من بين الاسباب المهمه التي تعيق كثيرا تطوير البلد ..اضافة الى الاسباب الاخرى التي نشترك بها مع من بقي من البلدان المتخلفة في العالم وهم قليل ..
ولابد والحال هذا من التحذير من ذلك وعدم التمادي فيه وقيام العشائر بالانصياع للقانون والمساواة في المواطنة والمنافسة على اساس الكفاءة وحينئذ فلابأس من تفوق ابن القرية على ابن المدينة او ابن العشيرة الكبيرة على ابن الاقلية ..وهو امر شائع وليس نادر الحدوث وكثير منهم نبغوا وتفوقوا في اختصاصاتهم ونجحوا في قيادتهم ..ويكون له حق الاهلية والكفاءة في قيادة العمل وتصدره او التعاون مع رؤسائه ومرؤوسيه ..
اما ان يتنفذ ويتقلد كل من هو مسنود عشائريا ولو كان (جاهلا اوغير مؤهل) ..فهذا من مخالفة العقل والمنطق والدين فتكون الامور على طريقة ..” انا اكثر منك مالا واعز نفرا ” و ” قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ۖ وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ ۖ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ” ..فهذه من افعال الامم التي عاقبها الله نعوذ به من غضبه ….وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام ينزل الرجل منزله من الامر على اساس كفاءته وقد امر اسامه بن زيد على كبار الصحابة ..وقال :”لافضل لعربي على اعجمي الا بالتقوى ” ” وقال تعالى:” ان اكرمكم عند الله اتقاكم” ..” وقال عليه الصلاة والسلام : ” اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة” او كما قال . والقصد ان كان يؤدي واجبه بما يرضي الله ويخدم الناس ..وقد استعمل الخلفاء الراشدون ولاة لا رهط لهم ولاعشيرة …
وذم الله ورسوله العصبية الجاهليه وساوى النبي في المدينة بين ابناء الوطن الواحد في الحقوق والواجبات ، وان كان لا باس من اكرام السيد والكبير وتوقيره ولكن ليس على حساب الوظيفة والنظام والقانون ..ومن كلام شيخ الاسلام في استشهاده بالقول: “إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة” ..وفي معرض تعليمنا نصرة الحق وهدم الباطل مهما كان ناصروه قال عليه الصلاة والسلام في الحديث العظيم :
«إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد» [رواه البخاري]… والحمد لله رب العالمين.