19 ديسمبر، 2024 12:15 ص

النفط ولعبة المصالح في السياسة والاقتصاد

النفط ولعبة المصالح في السياسة والاقتصاد

النفط بالاضافة الى كونه، احد اهم مصدر من مصادر الطاقة، بل هو الاهم حتى الان،ولعقود عديدة قادمة وربما لهذا القرن بالكامل؛ فهو مادة ستراتجية في لعبة الضغط السياسي بأستخدامه كطوق لخنق رقبة الاقتصاد لدولة ما او للدول المستهدفة من استخدامه، كإداة اقتصادية للضغط السياسي.في الاجتماع الاخير لاوبك + اي دول منظمة اوبك بالاضافة الى روسيا؛رفضت روسيا تخفيض الانتاج واحالة هذا التخفيض في الانتاج الى بقية دول الاوبك، كان هذا التخفيض بالانتاج لتناقص الطلب العالمي على النفط، بسبب انتشاركورونا في مائة دولة في العالم ومن ابرزها الصين التى تناقص طلبها بمعدل 20%. المملكة العربية السعودية من جهتها، قامت بما يفترض بها،ولمصلحتها هي بالذات؛ ان لاتقدم عليه، فقد زادت من انتاجها من النفط الى عشرة ملايين برميل في اليوم، مع تخفيض سعر البيع؛ مما دفع باسعار النفط الى الانخفاض باقل من 32دولار للبرميل الواحد. السؤال هنا؛ ماهي الدوافع؟ لهذا العمل الذي يقود الى انخفاض اسعار بيع النفط في الاسواق العالمية، مع ان جميع الدول المنتجة والمصدرة للنفط، سوف تضرر بهذا الانخفاض بلا استثناء.روسيا والسعودية والعراق من اكبر مصدروا النفط في العالم، الدول الثلاث سوف تتضرر من انخفاض الاسعار، مع ان روسيا سوف يكون ما يلحق بها من ضرر هو الاقل، اما العراق فسوف يكون هو الدولة الاكثر تضررا من هذا الانخفاض في سعر بيع النفط،مع انه اي العراق، خارج هذه اللعبة من حيث الارادة والقرار وفي الوقت ذاته، داخلها، لذات السببين سافلي الذكر،اما السعودية فسوف يكون ما يلحق بها من ضرر هو الاكثر ضررا، بفعل الكمية الكبيرة من النفط الذي سوف تقوم بانتاجها، لغرض التصدير، فقد ترتفع الخسارة الى مئات المليارات من الدولارات، اما من خارج المنظمة +، الولايات المتحدة الامريكية فسوف يلحق بالشركات الامريكية العاملة في استخراج النفط الصخري هي الاكثر تضررا بل خسارة فادحة قد تفضي الى افلاس تلك الشركات ان استمر انخفاض سعر بيع النفط الى ما دون الثلاثين دولار للبرميل الواحد، لفترة طويلة، مما يؤدي حتما الى ان تُوقف هذه الشركات، الانتاج وحتى التطوير. عليه، فان هذا الامر يقف وارءه دافع سياسي بالدرجة الاولى واقتصادي بالدرجة الثانية مع ان الاخير ينتج الاول، كما ان الاول جاء بدفع من الثاني في لعبة سياسية للوي الاذرع في الاقتصاد والسياسة معا، في جدلية العلاقة بين الاثنين؛ السياسة والاقتصاد. روسيا التى رفضت تخفيض الانتاج والتصدير، تعرف تماما من ان هذا الامر سوف لن يتحمله الاخرون، وهنا المقصود الولايات المتحدة والسعودية،والاخيرة التى لم تكتف بزيادة الانتاج بل قامت بتخفيض سعر البيع، في رد فعل للرفض الروسي، وهو اقل ما يوصف به، هو رد فعل غير مدروس وربما بدفع من الولايات المتحدة؛ لأجبار روسيا على الرضوخ في خفض انتاجها او، ربما لتحميلها خسائر اقتصادية ومالية وفي هذا الظرف التنافسي والصراعي المستتران بين روسيا والصين من جهة وبين الولايات المتحدة من الجهة الثانية، وفي هذا العام الذي ينبيء بأزمة اقتصادية عالمية كما تنبأ او يتنبيء بها الدكتور طلالة بو غزالة في اخر اطلالة له على قناة روسيا اليوم. روسيا لها الحظ الاوفر في انخفاض الاسعار بفعل رفضها تخفيض انتاجها من النفط، لأنها وكما اسلفنا القول فيه؛تدرك تماما وبحنكتها ودهائها التى عرفنها به في السنوات الاخيرة؛ من ان هذا الهبوط في اسعار بيع النفط في الاسواق العالمية، سوف يلحق خسارة كبيرة في الاقتصاد الامريكي، مما يدفع الاخيرة وبعد وقت ربما لن يطول كثيرا؛على الايعاز الى السعودية وبقية دول الخليج العربي او، وبعبارة اكثر تمثلا للواقع؛ اجبارهم على النزول الى الرغبة الامريكية المفترضة لاحقا ولو بعد وقت من الان، في تخفيض الانتاج ومن ثم التصدير حتى يتوازن العرض والطلب، الى السقف الذي يسمح العودة بالاسعار الى ما كانت عليه، قبل الانخفاض في اسعار النفط، بتخفيض الانتاج الى المستوى المطلوب،كي تتلافى ما يلحق من اضرار وخسائر بشركاتها العاملة في استخراج النفط الصخري. فاتح بيرل، مدير وكالة الطاقة الدولية،وصف الوضع الحالي لسوق النفط، محملة روسيا المسؤولية في انخفاض الاسعار؛ ان لعب الروليت الروسي في اسواق النفط، ربما يكون له عواقب وخيمة. ترامب غرد في الذي يخص انخفاض اسعار النفط؛ بانها مفيدة للولايات المتحدة، لأنها تخفض اسعار البنزين، وهذا صحيح من جهة ولكنه مضر وغير صحيح من الجهة الثانية وهي الاهم والاكثر تاثيرا على الاقتصاد الامريكي وعلى وجه التحديد، الشركات الامريكية العاملة في النفط الصخري، يفقدها القدرة على الاستمرار وعلى التطوير وبالتالي ينخفض انتاج الولايات المتحدة من النفط الى المستوى الذي يعود بها او يعيدها الى ما كانت عليه قبل استخدام التكنولوجيا المتطورة في حقل النفط الصخري، اي الى اكثر قليلا من خمسةمليون برميل من النفط. روسيا اختارت الظرف الملائم لها والمناسب لسياستها في انتاج النفط؛ في رفض تخفيض انتاجها وهي تدرك تماما، من ان هذا الامر سوف لن يستمر طويلا، الى الحين الذي فيه ترضخ السعودية وبقية دول الخليج العربي وكما اوضحنا بطلب امريكي بالعمل على تخفيض انتاجها بما يؤدي الى توازن العرض والطلب وبالنتيجة الى عودة الاسعار الى سابق عهدها بما يجعل انتاج واستخراج النفط الصخري مجدي ومربح للشركات الامريكية..في الختام نقول ونؤكد من ان النفط سوف يظل لزمن ليس بالقليل وربما حتى نهاية القرن الحالي؛ حاجة ستراتجية امريكية في السياسة والاقتصاد..وما القول في السنوات الاخيرة من ان الولايات المتحدة لم تعد بحاجة الى نفط وغاز المنطقة العربية، ماهو الا كذب وخداع، لايدعمه الواقع..لتبرير سياستها الاستعمارية الجديدة وتغطيتها بإثواب البراءة وحسن النوايا بالهدف النبيل من اجل الانسان والحرية،وهي اي امريكا وفي جميع هذه المفردات،سياستها وفي الواقع والحقيقة،بالضد منها جميعا..روسيا وفي هذه المرة ارادت ان تلعب ذات اللعبة الامريكية، في كسر ارادة الخصم، نعتقد بان روسيا اختارت الوقت المناسب تماما..