18 ديسمبر، 2024 8:34 م

باتت سياسة الادارة الامريكية الحاليّة تجاه منطقة الشرق الاوسط بشكل عام والعراق بشكل خاص واضحة المعالم اكثر من اي وقت مضى، وكان الرئيس دونالد​ ترامب قد لوح أثناء حملته الانتخابية باستخدام العصا تجاه دول منطقة الشرق الاوسط، وهو اعلن صراحة أن الحماية التي توفرها بلاده للعديد من دول المنطقة لن تكون بالثمن المعهود، انما سيكون هناك اثمان باهظة.

إن سياسة الهيمنة التي تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية فيما يخص النفط العربي ليست وليدة اليوم بالتأكيد، وليست خافية على احد، الا ان ترامب كان اكثر وضوحا من غيره الى درجة الوقاحة، حيث يتعمد إهانة حلفائه واحراجهم أمام الرأي العام من خلال الحديث عن طبيعة العلاقة معهم. ان المعادلة السياسية للإدارة الامريكية اليوم تعيدنا بالذاكرة الى منتصف عقد التسعينيات من القرن الماضي، وتحديدا الى ابريل من عام 1995 عندما اصدر مجلس الامن الدولي القرار رقم 986 الذي تضمن صيغة النفط مقابل الغذاء لرفع جزء يسير من المعاناة التي كان يعيشها الشعب العراقي نتيجة سياسة النظام الصدامي المقبور وغزوه الكويت، ما أتاح للولايات المتحدة الامريكية وحلفائها فرض عقوبات اقتصادية لتدمير الشعب العراقي وتجويعه وقتل اطفاله بسبب تلك العقوبات. واليوم تعود الولايات المتحدة لاستخدام نفس المعادلة من خلال سعيها لتطبيق معادلة النفط مقابل الامن للعراق والمنطقة العربية وان اي دعم عسكري سيكون مقابل الحصول على الثروات الاقتصادية وبالتحديد النفط الذي تزخر باحتياطياته الهائلة منطقة الشرق الاوسط.

إن إطلاق الادارة الامريكية لمشروع اعادة اعمار العراق بعد الانتهاء من الحرب على داعش هو جزء من هذه المعادلة الامنية الجديدة للسيطرة على النفط ولاجل غير مسمى!

وهي تسعى بكل جهد لابرام اتفاقيات اقتصادية لضمان السيطرة الكاملة على هذا المخزون الاستراتيجي الكبير من خلال شركات النفطية الاحتكارية والتي بدأت بالعمل داخل العراق منذ عقد الحكومة العراقية لجوالات التراخيص النفطية عام 2008 مع شركات امريكية وبريطانية واجنبية متعدده الجنسيات، بناء على ما تقدم فان الحكومة العراقية تواجه اليوم خطرا حقيقيا، فاما ان تخضع للسياسة الترامبية، واما أن تستمر تحت تهديد الإرهاب والذي هو صنيعة أمريكية بامتياز.

ان ادارة ترامب تعتمد عامل السيطرة على الاقتصاد العالمي من خلال استخدام ورقة الارهاب للضغط على الدول لارغامها على طلب المساعدة الامريكية لحمايتها من خطر الارهاب، فترامب التاجر المقامر الذي اصبح سيداً للبيت الابيض يعمل بعقلية رجل السوق الذي يحاول كسب الاموال بأي طريقة لاقامة امبراطوريته الاقتصادية على حساب الالام ومعاناة الشعوب ونهب ثرواتهم.

ان الحكومة العراقية يجب عليها اعادة النظر في الاتفاقيات الاقتصادية التي عقدتها مع الشركات النفطية والحذر من اي اتفاقيات اخرى مع الادارة الامريكية تحت اي ذريعة او ظرف، لانها لن تكون بمصلحة العراق قطعا، بل سيكون لها التاثير الكبير في الاضرار بالاقتصاد العراقي وادخال البلد في نفق مظلم سيقود حتما الى الانهيار الاقتصادي، وتهديد هيكل الدولة وخلق الازمات المستقبلية.
نقلا عن العالم الجديد