23 ديسمبر، 2024 5:57 ص

النفط غاية تبرر ألف وسيلة ووسيلة!!

النفط غاية تبرر ألف وسيلة ووسيلة!!

قبل أكثر من عشرة سنوات كتبت عددا من المقالات عن النفط إبتدأت بمقالة “الإدمان على النفط” التي نُشرت في عدد من الصحف العربية , وإنتهت بمقالة “النفط عدونا” , ولم تكن من وحي الخيال أو من باب الرأي , وإنما تستند على دلائل ودراسات وبحوث ووقائع وتطورات وتفاعلات قائمة في الواقع العراقي والعربي , تؤكد أن النفط هو الهدف الكامن وراء الأحداث والتداعيات!!
وقد تيقنت من الموضوع بعد أن قرأت كتاب ” حروب أمريكا النفطية”* الصادر عام (2004) لمؤلفه (ستيفن بلليتايري) والذي كان رئيس محللي السي آي أي في العراق (1988-1980) , وهو أستاذ جامعي , وألقى محاضرة حوارية عن كتابه في (3032005) بإحدى الجامعات, وهو يشرح بدقة ودلائل دامغة قاطعة أن ما جرى في العراق منذ إكتشاف النفط فيه وحتى يومنا هذا , يستند على آليات أخذ النفط وإلهاء الناس بما يبعدهم عنه وينسيهم إياه.
وكان طرحه في الكتاب أن ما جرى في العراق كان يهدف لأخذ النفط وحسب , وكل قول غيره إنما للتمويه والإلهاء وإبعاد الأنظار عن الهدف والغاية التي تبرر جميع الوسائل والتداعيات , ما دام الهدف مُصان ومُستحوَذ عليه بالكامل.
وما صرح به الرئيس القادم لم يكن جديدا ولا غريبا , وإنما الرجل يقول الصدق وبوضوح ومباشرة , ولا يراوغ أو يماطل , فالهدف واضح لا يقبل الشك , والوقت قد أزف لوضع اليد مباشرة وإعلان الملكية الصرفة للنفط , ما دامت الكراسي سعيدة والشعب منشغل بالغابرات وبالسلوكيات المبرمجة وفقا لتوصيفات وتبريرات وصياغات تقاتلية لن تنتهي أبدا , بل ستتوالد وتتضاعف وتتعقد لتوفير الأجواء المناسبة لأخذ النفط.
فما الذي إستفاده الناس من النفط؟!
بإستثناء بعض الدول التي إمتلكت قيادات رشيدة ووطنية وإنسانية , فأن النفط تحول إلى أعتى أعداء العراقيين والعرب , وما يدور في أرض العراق بسبب النفط وعائداته , التي يُشترى بها ما يخرب البلاد ويقتل العباد ويشردهم .
وما هي الإنجازات الحضارية التي أسهم فيها النفط؟
مدارس , جامعات , مستشفيات , مكتبات , مشاريع عمرانية , مواصلات , منشآت ترفيهية , صناعات , زراعة , كلها بعيدة المنال , والإنسان يعاني من الإنصفاد بالحاجات والأنين والحرمان من الكهرباء , وفقدان الأمان ومن الفساد والذل والهوان .
ويتصور الناس بأن النفط ملكهم , وأنه من حقهم , وما تنعموا بقرش واحد من عائداته التي تذهب إلى أرصدة الكراسي الممتهنة للشعب والوطن الذي تم مصادرته وبيعه للآخرين , حتى أصبح القول بالوطن أو بالوطنية عارا وسبة وشتيمة.
وتلك وقائع يتم تغافلها وتجاهلها والتوهم بغيرها , وعندما يصدعنا أحدهم بالواقع المرير نرفع رايات التناكر والنكران ونحسب القول عدوان , ونحن الذين نتلهى بما يساهم في سرقة ثرواتنا ومحق وجودنا الوطني والإنساني والحضاري , وما أشدّنا تحفزا للتلهي بالسخافات والتفاهات , والمفترسون من حولنا يتضاحكون ويَسعدون بغباوتنا الفرهاء!!
رحم الله عمتي التي كنت ومنذ طفولتي أسمعها تردد ” النفط النفط سيحرق البلاد والعباد ” , وقد إحترقنا بنفطنا يا عمتي , فهل من برد وسلام؟!!

*American’s Oil Wars , 2004
*Iraq and the International oil system, 2001