قدّم الوزير جهاد أزعور (المدير الإقليمي للشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي) توقُّعات وأفاقاً عن اقتصادات دول المنطقة. ويقول التقرير إن اتفاق أوبك لخفض الإنتاج ساعد في تحسين آفاق أسعار النفط في المدى القصير، ويوصي بمواصلة تصحيح أوضاع المالية العامة والتركيز على تنفيذ الدول النفطية خططها للتنويع الاقتصادي والإصلاحات الهيكلية لتعزيز صلابة الاقتصاد.
ووفق التقرير فإن البلدان الواقعة في دائرة الصراعات ارتفع إنتاجها النفطي بصورة مفاجئة وذلك واضح في ليبيا والعراق. وتشير المعلومات إلى أن لجنة أوبك لمراقبة التزام دول المنظمة وخارجها التخفيضات ستوصي مؤتمر أوبك الوزاري في ٢٥ أيار (مايو) الجاري في فيينا بتمديد قرار التخفيض ستة أشهر إضافية، كي تستمر الأسعار في التحسُّن. وتوقع رئيس «توتال» باتريك بوياني في مداخلة في قمة باريس الدولية للنفط أن يصل سعر برميل النفط إلى ٦٠ دولاراً في نهاية السنة إذا تم التمديد للاتفاق بتخفيض الإنتاج بين أوبك ودول خارج أوبك.
ولكن، ما لا يستطيع أحد أن يحدده هو نمط ارتفاع النفط الصخري الأميركي، وإلى متى سيبقى هذا الارتفاع مستمراً. فطالما هناك زيادات إنتاجية من النفط الأميركي سيبقى سعر النفط ضعيفاً. والمشكلة أن لا أحد يعرف متى يتم الحد من ارتفاع هذا الإنتاج، خصوصاً أن كلفة إنتاجه انخفضت بشكل كبير. كما أن رئاسة دونالد ترامب تتجاوز أي عوائق بيئية، ما يدفع إلى ارتفاع إنتاج النفط الصخري. لكن معظم المتحدثين في قمة باريس النفطية، وفي طليعتهم رئيس أرامكو أمين ناصر، توقّعوا عودة توازن السوق النفطية مع إزالة الفائض في العرض في الأسواق تدريجاً.
وكان وزير الطاقة السعودي خالد الفالح قال في منتدى أبو ظبي لدول مجلس التعاون إن السوق النفطية ستشهد عودة التوازن، فمؤتمر فيينا سيمدد للاتفاقية بين أوبك ودول خارجها حتى نهاية السنة، لكن السؤال: ماذا عن زيادة النفط الصخري الأميركي وعن المخزون؟ فالآن وعلى رغم التزام دول أوبك ومعظم الدول خارجها بتخفيضاتها، ما زال المخزون النفطي مرتفعاً. لذا أوصت اللجنة التقنية لأوبك بمراقبة التزام الدول بوجوب تمديد الاتفاق ستة أشهر. لكن المقلق أن يعوّض النفط الصخري الأميركي بعض هذه التخفيضات وتبقى أسعار النفط ضعيفة.
إن تراجع النمو الذي يتوقّعه صندوق النقد الدولي في البلدان المصدّرة للنفط في الشرق الأوسط بسبب تخفيضات الإنتاج المتفق عليها يستعيد عافيته عندما ترتفع الحصص الإنتاجية. وتقرير الصندوق يتوقع استمرار العجز المالي الكبير الذي ظهر منذ ٢٠١٥ إلى العقد المقبل، علماً أن الزيادة المتوقعة في سعر النفط ستؤدي إلى تقليص العجز وفق الصندوق. لكن هذه الزيادة ليست مضمونة مع احتمال زيادة إنتاج النفط الصخري الأميركي، ما يعني هيمنة عدم اليقين على مستقبل سعر النفط. فتقلباته الحالية يوم إلى ارتفاع ويوم إلى انخفاض بين ٤٩ و٥٥ دولاراً، ومردّ ذلك مراهنات تجار النفط الذين يحققون أرباحاً من التقلبات.
إن آفاق صناعة النفط الصخري الأميركي ما زالت مبهمة، لذا من الصعب التأكد من أن سعر النفط سيرتفع بالتأكيد. ولكن، لا شك في أن قرارات أوبك بتخفيض إنتاجها عامل يساعد في عدم هبوط السعر إلى مستوى ٢٥ دولاراً مثلما حصل في بعض فترات من سنة ٢٠١٦. فإذا تبلور توقُّع رئيس «توتال» ووصل سعر برميل النفط إلى ٦٠ دولاراً فذلك يكون لمصلحة الدول المنتجة والمستهلكة، لأن مستوى هذا السعر معتدل ويتيح للمنتجين أن يبقوا مطمئنين لاستثماراتهم ولعائداتهم. ولكن عدم اليقين يجعل التوقُّعات كلها هشّة.
نقلا عن الحياة