منذ أعوام ، دهستُ هرة بسيارتي ، فهربت المسكينة من منتصف الشارع الى الرصيف ، فراقبتها وهي تلفظ انفاسها الأخيرة ، ، كنت أنتظر أن تكون بها بقايا روح فأحملها بسيارتي ، وبعد أن تأكدت من موتها ، استأنفت طريقي وشعرت بأسىً شديد على هذا الحيوان المسكين ، وبدأت أوجاع الضمير تنمو ، متسائلا مع نفسي ، أن هذا مخلوق خلقه الله لغاية ولأجل ، وكنت السبب في ازهاق روحه ، فلغيت مشواري وأتجهت لمنزلي ، وغمامة من الكآبة تكللني ، وفي الصباح قيل لي انني كنت (أهذي) في نومي !.تعجبت من تصرف هذا الغبي الذي دهس بشاحنته العشرات من البشر من بينهم أطفال في (نيس) الفرنسية ! ، ولطالما تسائلت مع نفسي : هل حقا يوجد في هذا العالم هكذا بشر يعيشون بيننا ؟! ، انهم مزيج من الوحشية والغباء والجهل ، وغاب عنهم العقل ليحل محله قيح من الكراهية المعبأة ، وفوق كل ذلك ، نذالة لا حدود لها ، مستغلين جو الحرية الذي استغلوه ابشع استغلال ، ونحن أكثر من عانى من هذه الفطائس !.
انه بلا شك عمل بربري ووحشي يجب أن يدان ، لكني استغربت من آلية تلك الأدانة ، لقد سارع الجميع الى ادانة هذه الحادثة ، والأعلان عن تضامنهم ، وكانت الأدانات مباشرة بكلمات متلفزة ، وعلى أعلى المستويات ، منهم وزيري خارجية السعودية والأمارات ومصر برئيسها وبشيخ الأزهر ، وسائر زعماء العالم خلال دقائق وساعات من حصول الحادث ، ولكن حادثة (الكرادة) ومرقد السيد محمد في بلد ، لم تحصل على 10% من عاصفة التضامن مع ضحايا (نيس) ، رغم الفرق الكبير والمأساوي بين الحادثين ، من حيث العدد وطريقة القتل بل وبنتائج التحقيق والتبعات والأهتمام والآثار المترتبة .
ولكن لماذا الذهاب بعيدا ونحن نلوم دولا وسياسيين بعيدون عنا ؟! ، اذا كان من أبناء جلدتنا مَن لا يهتم برعيته ! ، فهذا السيد فؤاد معصوم ، وقد شحن (طائرة كاملة) من أقاربه في زيارة الى لندن قبل الحادث (حسبما نص عليه موقع كتابات) ، وحصل ما حصل دون أن يرف له جفن ، ولم يقطع أجازته للوقوف على تداعيات الحادث ، وأكمل أجازته كاملة ! ، هذا (شيخ الأزهر) ، لم يصدر منه أي بيان أدانة ، لكن قيل لي أنه أدان الحادث بعد عدة أيام ، وبدلا من أن تكون أدانته مجبرة للقلوب الكسيرة ، فقدت صلاحيتها ، وتوجّهت الى أقرب سلة مهملات !، ولم نفهم لحد الآن ، ايه عجلة استخدمها الأرهابيون ، التي قيل عنها أنها أتت من (ديالى) ، وقد فتشتها الكلاب التي يبدو أنها كانت مزكومة ، فلم تتبين مئات الكيلوغرامات من المتفجرات ! ، هل هي عجلة ركاب ، أم عجلة لحوم مبردة أم صهريج ! ، هل المتفجرات كانت (C4) ، ام نترات الأمونيوم ، أم نابالم ، ام فسفور ! ، ومدير الدفاع المدني يدعي أن عجلات الأطفاء وصلت بعد 5 دقائق ، بينما رائحة شواء الأجساد البشرية تسلقت عنان السماء لمدة ساعة !، كيف كانت أجهزة مكافحة الكوارث والحوادث بدائية وغير متمرسة ، رغم كل السنوات العجاف من الأنفجارات والقتل والدمار ، هل كثير على الضحايا استخدام طائرات الهيليكوبتر لأنقاذهم؟! ، فتّش في جيب أي سياسي أو برلماني ، وستجد من المال ما يمكنك من شراء اسطول من هذه الطائرات ! أين أجوبة الأدلة الجنائية عن كل هذه التساؤلات ، ومجرد بصمات الأصابع لا تزال غير معتمدة لديهم ، في الوقت الذي أعتمدت في بريطانيا منذ 100 عام !..