في الوقت الذي تصدح فيه حناجر الفرقاء والممسوخين الداعية الى الحرب وسفك الدماء بين ابناء الوطن الواحد تحت شعارات مضللة كاذبة لإثارة الفتن وخلق الأزمات وفي ظل التناحرات الطائفية والقومية بين الاحزاب والكتل البرلمانية على مصالح حزبية حقيرة.
يخوض اطفال العراق صراعهم مع السرطان، ذلك الموت الذي غزا جميع المناطق الجنوبية وخصوصاً البصرة ، وبات يضرب بكل قسوة اجساد العراقيين المنهارة من الحروب والجوع والحرمان .. حيث ازدادت في السنوات الاخيرة، بصورة غير طبيعية، حالات الاصابة بمرض السرطان بين مواطني محافظة البصرة وبمختلف اعمارهم وسط تجاهل حكومي مشين سواء من قبل الحكومة المركزية او المحلية، وصمت اعلامي مخجل من قبل وسائل الاعلام الرسمية المركزية والمحلية .. التي تنصلت هي الاخرى عن مسؤولياتها الوطنية والأخلاقية في الضغط على الجهات المعنية لدفعهم إلى البحث عن الاسباب الحقيقية المؤدية الى تفشي هذا المرض الفتاك والعمل على تحجيمه بشتى الوسائل المتاحة ..
وقد اثارت ازمة نقص الادوية في مستشفى الطفل التخصصي لأمراض السرطان في البصرة استهجان الشارع البصري .. وهرع الكثير من المواطنين وعدد من المؤسسات والشركات والمنظمات بالإضافة الى وزارتي النفط والنقل إلى التبرع المادي من اجل توفير العلاجات والأدوات اللازمة لإنقاذ اولئك الاطفال من الموت، بعد ان اصدرت وزارة الصحة -وهي صاحبة الشأن- في 11 تشرين الأول الجاري بياناً حول شحة الأدوية الخاصة بمرضى السرطان، الذي أرجعت فيه أسباب ذلك إلى قلة التخصيصات المالية للوزارة !!
فكما يبدو ان اموال وزارة الصحة مخصصة لشراء (النعل) تحت شعار : (النعل البيضاء خيرٌ من الدواء) .. وهذه الصفقة التي قدرت ب 900 مليون دولار تكشف لنا زيف ادعاء وزارة الصحة القاضي بقلة التخصيصات المالية ..وتبرهن لنا مدى رخص حياة المواطن العراقي لدى المسؤولين العراقيين كافة ..
ازمة شحة الأدوية في مستشفى الطفل قد تحل مؤقتاً بطريقة او اخرى من خلال التبرعات او منح المؤسسات الخيرية والوزارية وغيرها، بينما تبقى الأسباب المؤدية الى الانتشار المرعب لمرض السرطان بين ابناء المحافظة غير واضحة ولا تحظى باهتمام المسؤولين عن صحة المواطنين، وليس من المعروف الى اي حد ممكن أن تتطور هذه الآفة سواء في المدى القريب او البعيد ؟
على الحكومة الاسراع بتشكل فرق من ذوي الاختصاص او استدعاء خبراء دوليين، ان تطلب الامر، لدراسة اسباب تفشي هذا المرض في المنطقة الجنوبية ووضع الحلول الكفيلة بأنقاذ المواطنين من داء السرطان المميت .