23 ديسمبر، 2024 2:51 ص

رغم حرصها على ان تحول بيني وبين الدراسة ورغم افتعالها حوادث تقصد بها اثارة غضب الاب ما يعرضني للعقاب الا انني احتملت بصبر وجلد عجيبين كل تلك الامور وكنت صلبا وحريصا على الدرس والدراسة لأني احبهما اولا ولأني اعتبر نجاحي هي الصفعة القوية والحاسمة لدحر محاولاتها ولردعها عن الاستمرار في ذلك السعي الخائب.
قام المشرف التربوي بدوره في التواصل مع ابي وكان له الفضل الكبير في الحد من هيمنة تلك المتسلطة القاسية ولكنها مع ذلك استمرت في ايجاد المواقف التي تجعلني فيها معرضا للمسائلة وليس للعقاب من قبل ابي واذكر من هذه المواقف انها في احد ايام عطلة الاسبوع حتمت عليَّ ان اقوم بغسيل السجاد وكان كبيرا بالنسبة لطفل في الثانية عشرة من العمر فلما اخفقت في ذلك وخفت العاقبة وحيث انها كانت قد غادرت الدار مع اولادها في زيارة الى بيت اهلها لذا مضيت الى دار احد اعمامي وطلبت مساعدة زوجة عمي الطيبة على ان لا تخبر احد بالأمر فقالت لي وهي على اشد حالة من التأثر …
يا ابني انني اساعدك في الامر ولكن لا ينبغي لها ان تستغلك بهذه الطريقة ولا ينبغي لك ان تستسلم لأوامرها وتخفي معاناتك …وفعلا قامت المرأة الطيبة بمساعدتي واكملت الغسيل على اكمل وجه وقبل ان تمضي الى منزلها قالت لي بنبرة الناصح الامين متسائلة:-
لماذا تخافها …؟ ولماذا لا تخبر اباك …؟
اخافها لأنها تهددني بحرماني من الدراسة وانا لا اخبر ابي لأنها تفتعل اساليب ماكرة تغيير فيها الوقائع وتجعل موقفي حرجا.
نظرت الىَّ بحنان وهتفت لكني لن اتركها تستغلك بهذه الصورة وسوف اخبر عمك فما كان مني الا ان توسلت اليها أن لا تفعل لان ذلك سيسبب لي مشكلة يمكن ان تؤثر على دراستي سيما وان الفترة المقبلة حافلة بالامتحانات .
استجابت المرأة لطلبي ومضت الى منزلها ولكنها في قرارة نفسها كانت غاضبة من زوجة ابي وكانت تدعو لي بالخير والرشاد وان يخلصني الله تعالى مما انا فيه .
فهل انتهى الأمر بسلام ….؟
كلا لان القطة اكلت اثنين من طيور الحمام الخاصة بأحد اخوتي الصغار حين تركت المنزل لطلب مساعدة زوجة عمي , اكتشفت الامر قبل عودتهم من زيارتهم فحاولت ان اجد من يبيعني زوج من طيور الحمام بدلا من تلكما التي اكلتهما القطة ولكن محاولتي باءت بالفشل لذا ما ان عادت واكتشف اخي الامر حتى استشاط غضبا وتحول الامر الى مشكلة كبيرة وهياج وصراخ فما كان مني الا ان خرجت من المنزل لا الوي على شيء وصرت اسير في الطرقات حتى توقفت عند احدى المقاهي وبقيت جالسا حتى المساء فاقترب مني صاحب المقهى وطلب اليَّ المغادرة لكني بدوري طلبت اليه ان يأذن لي بالبقاء حتى الصباح فانا لا أستطيع العودة في هذا الليل الى المنزل الذي بات بعيدا جدا .فكر الرجل مليا وسألني بنبرة حنون:-
هل انت غريب عن هذه المدينة….؟
اجل …اجل ….انا غريب ومنزلي بعيد لا استطيع الوصول اليه في هذا الليل
ربت الرجل على كتفي وسألني عن اسمي وعنواني فأجبته
ثم سألني عن رقم الهاتف الخاص بأبي فأعلمته به وانا على درجة من القلق والتوتر ما جعله يبادرني السؤال عن سبب قلقي فحكيت له حكايتي والدموع تنهمر من عيني مدرارا .
تأثر الرجل لحالي وهتف بحنو قائلا:-
لا تخف يا بني فأن الامر بسيط ولا يستوجب فرارك من بيتك واعلم ان والدك في هذه اللحظات على قدر كبير من الخوف والقلق .ثم عمد الى هاتفه واتصل بأبي فما مضت الا ساعة واذا بمركبة تقف امام المقهى ويهبط منها ابي ويتوجه الى صاحب المقهى بالشكر والعرفان لكن صاحب المقهى امسك بيد والدي وانتحى به جانبا ودار حديث بينهما من المؤكد انه كان يدور حولي وربما كان يوصيه بي ثم انتهى الحديث بينهما بالسلام وتوجه ابي نحوي وامسك بيدي ورافقني الى المركبة ولم يقل لي سوى عبارة واحدة وهي ( لقد خوفتني عليك يا معتصم ).
ماذا سيكون وضع معتصم فؤاد صادق وهل انتهى به الامر الى هذا الحد وهل انتهت معاناته ……؟؟؟؟
هذا ما ستقرره الايام وهي بعلم الغيب قد يأتينا جديد القول والحديث لاحقا