18 ديسمبر، 2024 11:42 م

عاد الى الحديث من جديد و ذكر احداث جديدة حدثت في المدرسة مبررا ذلك ان اجمل اللحظات هي تلك التي امضاها بين رفاقه ومعلميه ربما لأنه لم يكن يتحمل اذ ذاك اي مسؤولية ولكونه مجدا ومجتهدا محبوبا حتى من الذين حملوا له العداوة ذات يوم وقد توثقت اواصر القرب وحاز ثقتهم لما كان يبدي من تسامح وحب غير متكلف ذلك لكنه طبع اصيل في خلقه.
الم تواجه عقوبة ما في تلك السنوات الدراسية…؟ هتفت المرأة متسائلة .
ابتسم للحظات ثم ما لبث ان قال وقد بدت عليه علامة اسف مشوب بخجل :-
كانت معلمة مادة اللغة الانكليزية شابة فاتنة واستطيع ان اقول انيقة وكانت شديدة في متابعة الدرس وبنفس الوقت قاسية في العقاب الذي تستعمل فيه اظافرها الطويلة الملونة بحيث تترك اثرا على اذني التلميذ المعاقب وذات يوم رأيت احد اصدقائي حزينا خائفا وحين سألته عن السبب اجاب بنبرة الخائف الحائر:- انني لم اجلب كتاب اللغة الانكليزية ولا الدفتر وبهذا سيوجه لي العقاب المعهود من قبل المعلمة.
الحق تأثرت لحاله وخطرت لي فكرة فقلت له مقترحا
ماذا لو اعطيتك كتابي ودفتري على ان تعطيني خمسة الاف دينار وهو مصروفك اليومي…؟
فرح مرحبا بالاقتراح ولكنه تساءل بدوره
وانت ماذا ستجيب المعلمة…؟
لا عليك …انا سأتدبر امري .
هكذا تم الاتفاق واعطيته كتابي ودفتري بعد ان تناولت منه المبلغ المتفق عليه وحين دخلت المعلمة وكالعادة طلبت الينا ان نضع على مناضد الد رس الكتاب والدفتر وراحت تدور بين المناضد حتى وصلت الى منضدتي ففاجئها انني ولأول مرة لم احضرهما لذا بادرتني السؤال…اين كتابك ودفترك…؟
وكان جوابي لها هو انني سأصدقها القول فتعاليم الدين والاخلاق تأمرنا بالصدق ولأنني احترمها واحبها فلا مناص من ان اقول لها الحقيقة والتي تتضمن عبارة مفادها( انني منحتهما لصديقي وزميلي ) وذلك رأفة بحاله لأنه كان قلقا وخائفا ولذا وجدتني مستعدا للعقاب بدلا عنه …قلت كلماتي تلك بنبرة هادئة حنون جعلت المعلمة تكبر بي ذلك الايثار وذلك الخلق ثم ما لبثت ان قالت:-
ما دمت قلت لي هذه الحقيقة ولأنك عطفت على صديقك وآثرته على نفسك سأعفو عنكما معا وارجو ان لا يتكرر هذا الاهمال .
هل تعاهداني على ذلك …؟
ابتسمت في سري فقد نجحت خطتي وكسبت ……………..مبلغ خمسة الاف دينار……………….لكن سرعان ما فشلت تلك الخطة ……………..
لماذا…؟
لان صديقي هتف قائلا:-
يا ست انه لم يفعل ذلك رأفة بي ولكنه اشترط عليَّ اعطاءه مبلغ خمسة الاف دينار هي مصروفي اليومي ………………..
تغيرت ملامح الرضا والسماح الى غضب عارم ووجهت لي نظرة حادة قاسية واطبقت اظافرها الطويلة الملونة على كلتي اذني حتى كادتا تدميان ونفس ذلك الامر فعلته مع صديقي الخائف المتحير الذي خسر المبلغ واصابه العقاب اما انا فقد كسبت المبلغ وواجهت العقاب مضافا اليه غضب المعلمة عليَّ وتغيير الصورة الحسنة الى سيئة مما تسبب في تشددها ازائي طيلة ايام العام الدراسي .
الا ترى انك تصرفت تصرفا غير لائق….؟
اجل ادركت ذلك وشعرت بالأسف وحاولت طيلة الايام التالية ان اعبر لتلك المعلمة عن اسفي لأكسب رضاها لكنها ابدا لن ترضى ومن حسن حظي انها لم تكن معلمتي في المرحلة التالية التي نجحت اليها بل هي لم تعد معلمة في مدرستي اذ خطبت وتزوجت برجل في مدينة اخرى انتقلت اليها .
اه كم احن الى تلك السنوات التي اعتبرها اجمل سني العمر اذ اكملت دراستي الابتدائية بتفوق وقدمت اوراقي للالتحاق بالدراسة الثانوية وهنا بدأت الالام والمتاعب ………………آه …….
لم اكن الا طفل في الثانية عشرة احرص على اداء واجبي المدرسي واعمل اجيرا واعمل في البيت كأي خادم والسبب ….تحكم زوجة ابي وإذعان ابي لإرادتها………………………………..
هل انتهى الامر الى هذا الحد ………………..؟
القادم من الايام سينبئ بالجديد