الثقافة التي اعتاد عليها الشعب العربي والاسلامي قد جبلت على التقرب والتزلف لاطاعة ما يطلق عليه فقهيا ولي الامر وهذا ناتج للفهم الديني الموروث ثم تطور هذا الفهم حتى تعدى حدود القاعدة الدينية فصنع الامام المعصوم ثم الخليفة ثم امير المؤمنين ثم الملك والوالي والقائد وولي امر المسلمين ءءءءءالخ من الصفات القيادية
وعلى ضوء حركة التاريخ والمتغيرات التي حصلت بعد الحربين العالميتين الاولى والثانية وتشريع القوانيين والتشريعات اضافة لتوسع العلوم والمكتشفات الحديثة التي وجدت نفسها في خدمة المجتمع لذافان غالبية الشعوب المحبة للحرية توجهت نحو ارساء الدولة المستقلة وكان الاتجاه الدستوري العام نحو بناء الانظمةالجمهورية وكان ضمن هذا المسار الدول العربية ومنها العراق
وفي نهاية المطاف حدث التغيير وحدث الذي حدث وهو انبثاق النظام الجمهوري في العراق واقيمت الجمهورية العراقية على انقاض المملكة العراقية وذلك بقيادة مجموعة من الضباط العسكريين
هنا لا يخفى على احد وكانت الغالبية من المجتمع قد باركت الجمهورية وباركت لاول رئيس جمهورية وهو الزعيم عبد الكريم قاسم والسؤال من هو الرابح ومن هو الخاسر من قيام الجمهورية
اولا-القوى الرابحة من قيام الجمهورية هي شريحة واسعة من ابناء الشعب وهم جموع الفقراء والعمال والفلاحين وهذه الشرائح هي الغالبة اذ انتشل النظام الجمهوري هولاء ووفر لهم الاراضي السكنية والدور وقام بفتح عشرات المعامل التي ساعدت بتشغيل الاف العمال كذلك الفلاحين الذين وزعت عليهم الاراضي بعد تشريع قانون الاصلاح الزراعي اضافة لبعض الاحزاب السياسية ووسائل الاعلام وقولنيين تتعلق بالحريات العامة للمنظمات المدنية
ثانيا- القوى الخاسرة من قيام الجمهوري وهي التي كانت ترتبط مصالحها بالنظام الملكي وهم من لديهم مصالح مع بريطانيا من تجار واصحاب روؤس اموال مرتبطة مع بعض
اضافة لمن تضررت مصالحهم من رجال الاقطاع وملاك الاراضي ورجال الدين حيث كانت لهم مصالح مع الاقطاعيين الذين كانوا يدفعون الخمس وغيرة لهم وكان ان توقفوا عن دفع مستحقاتهم الخمسية على اعتبار ان تطبيق قانون الاصلاح الزراعي قد اضر بهم فحصل اصطفاف دفع كلا الجانبين للوقوف ضد النظام الجمهوري وهناالتقت ايضا هذه المصالح مع القوى القومية والبعثية بقيادة عبد الناصر ودولة الكويت بسبب اخطاء المطالبة بها من قبل الزعيم
وهنا اكرر ان موضوعية هذا التحليل كانت الى حنا بطاطو متمنيا الاطلاع علية والوقوف على جملة من الحقائق الموثقة والتي تارة تعرض للوقائع كما هي وطورا تعطي المبررات ومنها بالذات احداث كركوك والموصل التي يضع فيها بطاطو الاسباب وراء تلك الاحداث والتي اتهم فيها جزافا الزعيم والشيوعيين حيث يبين دور القوى القومية ومن تضرر منهم ووقوفهم مع قضايا كانت انذاك ضد مصالح العراق
اخيرا وعلى المستوى العام فقد خسر الشعب النظام الجمهوري اذلوكانت امور الدولة قد سارت بشكل طبيعي لتحقق الكثير من القوانيين والتشريعات مع الاخذ بنظر الاعتبار ان كل القوى السياسية كانت لها اخطاء لكنها تختلف منها كان بسبب قلة التجربة السياسية والحريات الجديدة ومنها من له اجندات وارتباطات خارجية وعلى مستويات كبيرة وبالمحصلة اجد ان هناك قوى سياسية كانت هي الخاسر الاكبر وهم الشيوعيين حيث طالت الاعدامات الاف من الضحايا سواء كانو منضويين تحت عباءة الحزب او محسوبين على الحزب حيث فقد الشعب كوادر علمية رصينة من اطباء ومهندسين وعلماء ومحاميين واساتذة وغيرهم من الشرائح الاجتماعية وظلت هذه المطاردات والاعدامات تلاحقهم لحين سقوط النظام الدكتاتوري ولا زال الشيوعيين يعيشون مرارة الواقع الحالي اذ بقاءهم في الظل بسبب طبيعة المرحلة وبقاءهم بخطاب اصلاحي مهادن تارة ومجامل تارة اخرى لذلك فاني ارى ضرورة الخروج من الانكماش الذاتي وبذل سياسة اعلامية تتزامن مع التصدي مع الشارع حيث الدولة غارقة بالفساد وهذا بحد ذاته سببا لاعادة النظر برفع الاصوات ضد هذه الموسسات واستثمارهابدلا من التعكز على تقديم النصائح هنا وهناك وبيانات لا تخرج عن المجاملات السياسية على حساب الجمهور او القواعد الحزبية
ام من يعتقد انه كان الرابح في عصر الجمهورية الا وهم البعثيون او الاسلاميون
البعثيون قادوا الوطن باكملة الى الهاوية بدا من دكتاتورية حزبهم الى الحروب ومعتقلات الموت والخراب والتي صنعت للعراق مقابر لم يشهد لها التاريخ
وهذا ايضا ينطبق على احزاب الاسلام السياسي بعد سقوط صدام حيث غرق العراق بالفساد وحمامات الدم والتراجع والتخلف وبروز دولة غارقة ببحر من المشاكل والسير الى طريق مجهول
ختاما لا يعني هنا ان النظام الجمهوري لذاته سيئا وان النظام الملكي كان افضل بل ان طبيعة مستوى التفكير والثقافة قد اساء فهم النظام الجمهوري واختارت الغالبية مصالحها واهواءها مرة الاجتماعية المتخلفة والدينية التي تتقاطع مع كلا النظامين وتعيش على بعث رسالة الماضي لتطبيقها على الحاضر وهذا هو المحال عودة التاريخ للوراء.