18 ديسمبر، 2024 7:40 م

النظام الملكي العراقي حالة متحضرة عالية التطور

النظام الملكي العراقي حالة متحضرة عالية التطور

نتيجة الثورة التي حصلت في العراق سنة 1920 المعروفة بثورة العشرين والتي هزت بريطانيا وكبدتها خسائر فادحة في الاموال والافراد والمعدات لم تكن تتوقها . حتى فكرت القيادة البريطانية حينها بالانسحاب من العراق . على اثر هذه الثورة وببسببها قررت بريطانيا التي كانوا يسمونها في ذلك الوقت بـ بريطانيا العظمى او الدولة التي لا تغيب عن مستعمراتها الشمس . قررت بريطانيا ان تؤسس حكومة ملكية في العراق، فكان ذلك في مؤتمر القاهرة عام 1920 وبحضور ” ونستون تشرشل ” وزير المستعمرات البرطانية انذاك . فتم تحويل العراق من استعمار مباش الى حكومة ادارة وطنية تحت الانتداب وترشيح ” فيصل ابن الحسين بن علي ” ملكا على العراق . وتم تشكيل المجلس التأسيسي من بعض زعماء العراق وشخصياته السياسية المعروفة مثل ” نوري السعيد باشا و رشيد عالي الكيلاني باشا وجعفر العسكري و ياسين الهاشمي و عبد الوهام النعيمي ” وانتخب نقيب اشراف بغداد ” السيد عبد الرحمن الكيلاني النقيب ” رئيس للوزراء . والذي نادى بالامير فيصل ملكا على عرش العراق . فتوّج الملك في 23 اغسطس عام 1921 في ساحة ساعة القشلة في بغداد . وكان شكل وطبيعة النظام الملكي ” ديمقراطي برلماني علماني ايماني ” وصيغ الدستور بعد الانتخابات سنة 1921 وتمت الموافقة النهائية واقرار النظام الملكي واعادة انتخاب رئيس الوزراء ” عبد الرحمن النقب الكيلاني ” وكان النظام الملكي العراقي يحاكي شكل النظام الملكي البريطاني . الا ان بريطانيا ضلت المهيمنة والمسيطرة على الحكومة والقرار في العراق . وحقيقة الامر كان هناك صراع خفي بين قياداة النظام كملك وكرؤساء وسياسيين بارزين ومؤثرين وكشعب كاره للدولة الاستعمارية البريطانية كدولة محتلة لا تفي بوعودها . حيث انها سبق وان وعدت قيادات الثورة العربية بتشكيل الدولة العربية الكبرى في حال الانتصار على الدولة العثمانية . وبعد الانتصار لم تفي بوعودها بل قسمت الوطن العربي الى دول متعددة بموجب اتفاقية ” سايكس بيكو ” . على هذا الاساس كانت بريطانيا حذرة في علاقاتها العراقية والعربية . عند تبوء الملك غازي بعد وفاة والده الملك فيصل الاول ، دخل الملك والنظام في صراع اقوى من سابقه ، فكانت وطنية الملك وصراحته وشجاعته لا تعجب بريطانيا فدبّرت له مكيدة لاغتياله وتم قتله . وكان الشعب غاضبا ورافضا لهذا الاغتيال رغم ان بريطانيا صورت الحالة على اساس انها حادث طبيعي قام به الملك نفسه . كانت بريطانيا تخشى غضب الشعب العراقي ماثلة امامها ثورة العشرين . بعد ذلك استلم السلطة عبد الاله خال الملك كوصي على ولي العرش الملك ” فيصل الثاني ” . مرت على العراق ضروف صعبة للغاية في تلك الفترة منها مشاركته الفاعلة في حرب عام1948 عند احتلال فلسطن من قبل الصهاينة ومساعدة بريطانيا لهم على سلب فلسطين واغتصابها . وثورة مايس عام 1941 خلال الحرب العالمية الثانية بقيادة رئيس الوزراء رشيد عالي الگيلاني الذي اعيد انتخابه لرئاسة الوزراء العراق اربع مرات بفترات متباينة فكانت حرب اقلقت بريطانيا وافزعتها بالرغم من عدم توافق القوتين في جميع النواحي العسكرية والاقتصادية و السياسية . لكن نزعة ” الغيره العراقية والاصرار والشجاعة المتناهية ” هي الدافع اللا ساس والحرص على الشعب ومصالحه فكانت الثورة . خسر العراق الحرب لكنه كسب المنازلة وفاز بها لصالح شعبه وقواه الوطنية الشريفة . كانت بريطانيا تريد زج العراق وجيشه في الحرب العالمية الثانية لصالحها فرفض الشعب وحكومة رشيد عالي الگيلاني . قالها رشيد عالي رئيس الوزراء ” حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل فلماذا نزج شعبنا وجيشنا في نارها ” فكانت الحرب العدوانية فتصدى لها الشعب والجيش العراقي ببسالة ادهشت العالم وارعبت بريطانيا .

تبوء المرحوم الملك فيصل الثاني عام 1953 واصبح الملك الثالث على العراق وكانت مواقفه منذ البداية وطنية مخلصة لشعبه ووطنه ودينه ولمحيط امته العربية . كان في منتهى النزاهة والشجاعة وعلى مستوى عالي من الادب والاخلاق يُقتدى به . زاد حنق بريطانيا على العائلة الملكية العراقية لهذه الاسباب ومنها ايضا أئتلاف الاردن والعراق في ” الاتحاد الهاشمي ” شباط عام 1958 باتفاق الملك حسين ملك الاردن حينها وعبد الاله خال ملك العراق والباشا نوري السعيد . وتمت دعوة حاكم الكويت للانضمام لهذا الاتحاد بدعوته الحضور الى بغداد . وضعت هذه الحالة الحكومة العراقية في صراع مباشر مع بريطانيا التي لم ترغب في منح الاستقلال للكويت . مما زاد من خوف بريطانيا واسرائيل وحلفائهم . وكذلك سياسة النظام الملكي العراقي بالتقرب الى الولايات المتحدة الامريكية والابتعاد تدريجيا عن بريطانيا ومحيطها .

في عام 1945 انضم العراق الى الامم المتحدة . واصبح عضو مؤسس في الجامعة العربية . كان شكل وطبيعة النظام وساسته عقول بنائة في دولة متحضرة . منذ البداية كان ساسة النظام الملكي في العراق يضغطون ويناورون لتعديل الاتفاقات النفطية وتوظيف المردود المالي لهذه الاتفاقات لصالح اعمار العراق ورفاه الشعب العراقي . تم انشاء وتاسيس اهم المشاريع الاروائية مثل مشروع الثرثار ومشروع الحبانية عام 1956 وغيرها الكثير من المشاريع المهمة في ذلك الزمن ومصانع السمنت والنسيج وانشاء الطرق على كل مساحة العراق من شماله لجنوبه وانشاء سكك الحديد ومشاريع الكهرباء وانشاء الجسور في عموم العراق . الاهتمام بانشاء المدارس واقرار الزامية التعليم حتى ان الدولة باجهزة الشرطة كانت تتابع المتسربين من الخاضعين للتعليم وتعميم التغذية المدرسية على كل مدارس العراق من شماله الى جنوبه حتى انشات الدولة المداس في ابعد نقطة في الاهوار وجبال العراق . انشاء اول محطة بث تلفزيوني في الشرق الاوسط سنة 1955 في بغداد انشاء المعارض العالمية في العراق مثل معرض الذرة للاغراض السلمية عام 1956 واهدت امريكا مكتبة خاصة للعراق بخصوص هذا الموضوع على امل انشاء وتاسيس مشاريع ذرية فيه . وقد اسسوا مجلس الاعمار للتخطيط والتنفيذ وبرئاسة اعلى القيادات لكل مشاريع العراق ويجري العمل بها وفق ما خطه هذا المجلس حتى بعد زوال النظام الملكي لزمن طويل .

كانوا امناء على مصلحة الشعب العراقي . لا فساد ولا هدر يحكمهم قانون “من اين لك هاذا” كل من حكم العراق من بعدهم فشل ولم يرتقي الى ثقافتهم ومنهجهم وادراكهم وانسانيتهم وعدالتهم وتفاعلهم مع شعبهم ولم يرتقي احد ممن حكم العراق بعدهم الى اخلاصهم لشعبهم . اسسوا حضارة الدولة العراقية الديمقراطية البرلمانية باصدق وانزه صورها . والدليل على ذلك الصورة التي عاشها ويعشها العراق منذ انقلاب عبد الكريم قاسم الى اليوم . بريطانيا كانت تحاربهم غدرت بملوك العراق . فالملك فيصل الاول يعتقد بانه مات مسموما خارج العراق وبالفعل البريطاني والملك غازي اغتيل بمكيدة بريطانية دبروها له ” على اساس اصطدام سيارته بعمود الكهرباء ” وقتل الملك فيصل الثاني وعائلته بانقلاب عسكري دموي قام به عبد الكريم قاسم ويعتقد بأن بريطانيا هي من حرّض على هذا الانقلاب ولم تساند النظام الملكي ولم تدعمه ظمن الاتفاقيات المبرمة بينهما . الله يرحم ملوك العراق وقادته وسياسييه في زمانهم ويلعن بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الامريكية وكل المستعمرين و من اساء للعراق ولشعبه .