23 ديسمبر، 2024 10:21 ص

النظام العراقي الجديد و الاستقرار على ركام الماضي

النظام العراقي الجديد و الاستقرار على ركام الماضي

تنشأ الانظمة من خلال العديد من الوسائل منها الديمقراطي كالانتخابات اوالثورات الشعبية (كثورات الربيع العربي ) و منها الغير ديمقراطي كالانقلابات او الحروب و الاخيرة و هي مقصد حديثنا اذ ان الانظمة التي تنشأ في مثل هذه الظروف تسعى دائماً للحصول على رضا المجتمع لانها على يقين ان المجتمع لن يتقبل الوضع الجديد بسهولة لذلك فالوسيلة المثلى لكسب رضاه هي تقديم المغريات القادرة على صرف نظر الشعب عن الطريقة التي جاءت به الى موقع الحكم كنظام يخضع له الجميع و من خلال التجارب السابقة التي مرت بها المنطقة نجد ان هذا النوع من الانظمة يمر بعدة مراحل ما يهمنا منها هو الفترة الذهبية التي تكون بداية له التي تتمثل في المشاريع التي تهدف لانهاء حالة الفقر و توفير مستلزمات الحياة الضرورية التي فشل في توفيرها النظام الذي تم الانقلاب عليه او انتهى وجوده بسبب الحرب و كذلك احترام الحريات و الاراء على اختلاف انواعها و هي دون ادنى شك و كما اشرنا مغريات الهدف الاساسي منها تدعيم وجود النظام الجديد الذي نشأ في ظروف غير اعتيادية.

و هذه الحالة مر بها العراق قبل عشرة اعوام اذ ان النظام الجديد في العراق ما كان لينشأ لولا الحرب الامريكية التي ازاحت النظام النظام السابق ليس عن الحكم و حسب بل عن الساحة السياسية لكن الاختلاف الوحيد بين ما ذكرناه سابقاً و الحال في العراق هي ان المجتمع او الشعب العراقي كان متقبلاً منذ البداية لنشوب الحرب و دون مبالغة هو كان ينتظرها لانه كان يعتقد انها السبيل الوحيد لخلاصه من النظام الحديدي الذي كان يحكم العراق و هو الامر الذي سهل الطريق امام السياسيين و القادة الجدد لبناء نظامهم دون ان يتكبدوا عناء كسب رضاه (الشعب) أي انهم لم يجدوا الحاجز بينهم كسياسيين جائوا بعد احتلال و بين الشعب الذي تم احتلاله لكنهم في الوقت نفسه لم يحسنوا استغلال هذه الفرصة و استثمارها لتدعيم نظامهم بصورة صحيحة بل اعتقدوا انها حالة طبيعية و ان الشعب سيقبل بهم سواء قدموا له منجزا ام لم يقدموا و هو امراً يرجع الى عدة اسباب منها الجهل السياسي للبعض منهم و عدم الاستفادة من التجارب السابقة و ايضا لاعتقادهم ان هناك من يساندهم حتى في حالة رفض الشعب لهم و هي دون ادنى شك الولايات المتحدة الامريكية.

ان النظام العراقي الجديد اعتقد ان الشعب سيقبل به فقط لانه جاء بديلا عن النظام السابق و بالتالي فان الشعب سيقبل به بحسناته و سيئاته لانه لن يكون بأي حال من الاحوال اسوأ من النظام السابق الذي ادخل العراق في حروب مع جيرانه في المنطقة و كان سببا في فرض الحصار على العراق و غيرها الكثير من السياسيات التي جعلت العراق في عزلة عن العالم و محيطه الاقليمي الى الحد الذي جعل العراقيين يفضلون الاحتلال لاسقاطه بدلاً من البقاء تحت حكمه دون ان يكون للنظام الجديد و القائمين عليه أي تصور عن السببب الذي جعل العراقيين يقبلون به كنظاماً بديل على الرغم من الرعاية الاجنبية له أي انهم اكتفوا بقبول الشعب الغير مشروط لهم و لنظامهم دون معرفة السبب الذي هو الاساس فالعراقيين كانوا ينتظرون الكثير بعد عام 2003 كانوا ينتظرون الغنى بعد الفقر و الحرية بعد الحبس و احترام الرأي بعد ان كان وجود الرأي لوحدة جريمة و هي اموراً فشل النظام او العملية السياسية حسب ما هو معروف في العراق الجديد في توفيرها للشعب و كأن الخلل كان في وجود النظام السابق فقط و ان اسقاطه سيكون الحل دون النظر الى السياسة التي انتهجها ذلك النظام التي كانت سبباً في الرفض الشعبي له و لذلك نجد ان النظام السياسي الجديد لم يضع سياسية محددة و واضحة للعمل على توفير ما يحتاجه الشعب بل لم يكن للشعب وجودا في حساباته من الاساس وكذلك عمل النظام الجديد و القائمين عليه على تحجيم الشعب بواسطة كتلاً تمثل كل منها المكونات الرئيسية في العراق و اصبحت تمثله في الحصول على المناصب و مكتسبات العملية السياسية او النظام السياسي الجديد دون ان تلزم نفسها بواجبات تجاه الشعب نفسه على اختلاف طوائفه و قومياته و في الوقت نفسه فرضت على الشعب الطاعة و الولاء في جميع الاحوال.