23 ديسمبر، 2024 8:35 ص

النظام الصحي في مواجهة كورونا ومجزرة تقاعد الاطباء الاجباري

النظام الصحي في مواجهة كورونا ومجزرة تقاعد الاطباء الاجباري

يعاني النظام الصحي في العراق ومنذ ايام الحصار من ضعف كبير بسبب النقص الكبير في اعداد الاطباء الممارسين والاختصاص حيث أن نسبة الاطباء الى عدد السكان اقل من 0.9 لكل الف مواطن وحسب ما جاء في تقرير صدر في بغداد شهر مايو (أيار) عام 2019 بعنوان «الوضع الصحي في العراق…التحديات وأولويات العمل» لوزير الصحة والبيئة المستقيل الدكتور علاء الدين العلوان، الذي تطرق فيه إلى كثير من الأمور المتعلقة بصحة المواطن العراقي والأمراض التي تصيب عموم الناس في العراق ومنها نسبة عدد الاطباء الى عدد السكان .وفي الدول المجاورة ومنها الكويت تصعد النسبة لتبلغ 7 طبيب لكل الف من عدد السكان والنسبة في العراق هي من اقل النسب في دول المنطقة بسبب الموجات المتتالية من الظروف التي تعرض اليها الاطباء مثل الاختطاف والابتزاز والقتل والتهجير, والضغوط التي يتعرضون لها بسبب الاعتداءات والفصول العشائرية التي ارغمت الكثير منهم على الهجرة. وهناك عدد كبير من الاطباء العراقيين يعملون في المملكة المتحدة والامارات وقطر وعمان والولايات المتحدة وكندا واستراليا ودول اخرى .
فوجيء المجتمع الاكاديمي والطبي بشمول اساتذة الجامعات لبعض الالقاب العلمية و الاطباء بقانون تعديل قانون التقاعد الموحد رقم 26 لسنة 2019 والذي قلل سن التقاعد الاجباري من 63 سنة الى 60 سنة. وشمل الاطباء بينما القوانين السابقة استثنتهم من السن التقاعدية بسبب الحاجة الشديدة لخدماتهم حيث ان الاطباء واساتذة الجامعات يبلغون قمة الخبرة بعد سن ال60 عاما ولذلك تم اصدار عدد من القوانين في الدورات السابقة كقانون دعم الاطباء وقانون حماية الاطباء رفعت السن القانوني لتقاعد الاطباء الاختصاص الى ال70 عاما(قانون دعم الاطباء رقم 36 لسنة 2016) وفي قانون التقاعد قبل التعديل هناك سماح باستثناء الموظفين ومنهم الاطباء الممارسين والاختصاص من التقاعد الى سن ال66 عاما. تم اصدار القانون الجديد في نهاية عام 2019 مع حزمة اخرى من القوانين والقرارات تحت ضغط المظاهرات الشبابية وقد اصدرمجلس النواب القانون دون مراعاة لمقترح القانون المرفوع الى المجلس من قبل حكومة السيد عادل عبد المهدي والذي استثنى الاطباء وفئات اخرى وحدد موعد الاحالة على التقاعد لجميع الموظفين بعد سنة اي في نهاية ال2020 , الا ان المجلس وفي خطوة مستعجلة وخاطئة وغير مدروسة احدث تغييرات على القانون ليست من اختصاصه والغى جميع الاستثناءات الموجودة في القانون القديم والاستثناءات التي طلبتها الحكومة في التعديل الجديد وسارع باصدار القانون وتنفيذه في 31/12/2019 دون أخذ رأي الحكومة في التعديلات ودون عرضه على مجلس الدولة أملا بالاستفادة من الدرجات الوظيفية لتهدئة المظاهرات مما ادى الى تسريح ما يقارب ال260000 الى 300000من الموظفين من المواليد 57 الى 60 اضافة الى الموظفين الممددة خدماتهم من المواليد الاقدم حسب الصلاحية في القانون الاصلي. وعلى الجانب الاخر لم ينفذ اي من حزمة القوانين والقرارت التي اصدرها المجلس الا قانون تعديل قانون التقاعد ,لأنه شمل الموظفين الذين هم دائما وقود لاخطاء الحكومات المتعاقبة حيث تتجه الحكومات المتعاقبة للضغط عليهم وتقليل رواتبهم كلما واجهت زخما من ضغوطات الشارع ولاننسى تقليل رواتب الموظفين من قبل حكومة السيد العبادي ,وبدلا من اتخاذ اجراءات لدعم القطاع الخاص وتشغيل مصانع ومرفقات القطاع الحكومي في الصناعة والزراعة والخدمات وايجاد فرص عمل من خلالها اتجهت الى تسريح اربعة مواليد في هذا التعديل شملت مواليد 57 و58 و59 و60 لتوفر درجاتهم الوظيفية للمتظاهرين ,اعتقادا منها بان ذلك سيسكت التظاهرات ولكن التظاهرات استمرت لكونها تخص النظام السياسي بكامله الذي يعاني من المحاصصة والتخبط والعشوائية والفساد وافتقاد الرؤية مما ادخل البلاد في الفوضى منذ عام 2003 ولحد الآن وكانت نتيجته خروج الشباب بتظاهرات مستمرة منذ الشهر العاشر ولحد الآن ادخلت البلد في فوضى متواصلة مع استمرار فقدان القدرة على معالجة الازمات المتلاحقة.
حاليا ..بدأت الاصابات بوباء فيروس الكورونا تظهر في العراق والبلدان المجاورة وبلدان العالم بشكل متصاعد. النظام الصحي يعاني من نواقص كثيرة في اعداد الملاكات ومن جملتهم الاطباء وعدد المستشفيات وعدد الاسرة في المستشفيات ووحدات العناية التنفسية وهي من اهم الوحدات التي يحتاجها المصابون بهذا الوباء خلال فترة الالتهاب الرئوي الذي قد يصل الى عجز الجهاز التنفسي الذي يمر به المصاب وهو اهم اسباب الوفيات في هذا الوباء ,ويكون الفيصل في انقاذ حياته هو توفر اطباء وكوادر مدربة ووحدات عناية تنفسية متكاملة التجهيزات وعناية تمريضية عالية لانقاذ حياة المصابين. وقد تصادف ظهور الوباء بعد المجزرة التي حدثت باصدار تعديل قانون التقاعد وتقليل السن الاجباري للتقاعد الى ال60 عاما واحالة الالاف من الاطباء والكوادر التمريضية والصحية القديمة والخبيرة والمتدربة في خطوة غريبة ومفاجئة ليعطي انذارا الى الحكومة ومجلس النواب عن الخطأ الذي ارتكب بحق هذه الكوادر الخبيرة والتي لاتتناسب مع اوضاع العراق في حاجته الشديدة الى هذه الملاكات.علما بأن بعض المؤسسات الصحية اضطرت للاستعانة ببعض الملاكات من المحالين على التقاعد واخذ رأيهم فيما يواجهها من مشاكل وهم خارج الخدمة وخصوصا في حقل الوبائيات فيما يخص الكورونا حيث تم احالة الاطباء المختصين في مركز السيطرة على الامراض الانتقالية وشعب السيطرة في المحافظات على التقاعد وهم من الخبراء وسبق أن تراكمت لديهم الخبرة في السنوات الماضية وخلال موجات اوبئة فيروسات انفلونزا الطيور والخنازير والسارس والميرس وهي موجات وبائية سابقة بانواع من فيروسات الامراض التنفسية سبق ان ضربت العالم والمنطقة واستعد العراق لمواجهتها. تبقى الكرة في ملعب السيد رئيس الجمهورية والسيد رئيس الوزراء ومجلس النواب والسيد وزير الصحة في تلافي الخطأ الذي حدث واتخاذ اجراء سريع بالغاء تقاعد الاطباء وتفعيل العمل بقانون دعم الاطباء لمنع حدوث كارثة لا يعلم الا الله نتائجها.
احمد مغير/ طبيب اختصاص