23 نوفمبر، 2024 7:06 ص
Search
Close this search box.

النظام السوري ماله وماعليه ؟

النظام السوري ماله وماعليه ؟

” ولا تبخسوا الناس أشياءهم ” قرأن كريم
ألآسلام نظام للحياة , على هذا الفهم نشأنا  وترعرعنا , وعملنا حركيا فكانت حركتنا من أجل ألانسان والحياة , لم نعبأ بما حولنا من عادات وتقاليد يختلط فيها الجهل الذي يكون تارة طائفيا , وتارة أخرى عنصريا وأنانيا لايميز بين الحق والباطل , لذلك كان واجبا علينا نشر الوعي بين أبناء مجتمعنا على قاعدة ” قل هذه سبيلي أدعوا الى الله على بصيرة أنا ومن أتبعني ” والتي تفسرها مقولة نبي الرحمة خاتم ألانبياء والمرسلين الذي لاينطق عن الهوى أن هو ألا وحي يوحى ” ” من أصبح وأمسى لايهتم بأمور المسلمين فليس منهم ” .
كنا مشبعين بهذه الروح , وبذلك ألانفتاح , لذلك جعلنا من جامعات العراق في الستينات مسرحا للنشاط الملتزم بألايمان الذي جعل من قلوب الشباب تهفوا الينا , فحققنا في سنوات قليلة ما لم تحققه أحزاب أخرى خلت من جذوة ألايمان  في عقود من السنين , والذي حققناه يمتاز بالنوعية على طريقة وصية رسول الله “ص” لعلي بن أبي طالب :” ياعلي لو هدى الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس أو غربت ” .
فكانت مواكب الجامعات في الستينات من ثمرات توجهنا الحركي لتغير المجتمع , من خلال تغيير العادات والتقاليد , ولآن مراسم أحياء ثورة ألامام الحسين دخلت فيها شوائب ليست منها , لذلك بادرنا لرسم صورة عصرية لآحياء المراسم يتقبلها ألاخ السني مثلما يتقبلها الشيعي , ويتقبلها ألاخرون  ممن لايعيشون تحجرا في العقل , ولا مرضا في النفس .
كنا معنيين بتقديم المفهوم ألاسلامي في الحياة والعلاقات والمعاملات  , لذلك نظر ألاخرون لنا نظرة شك وريبة , وأحيانا نظرة خوف يؤدي الى  الصدام , ومن ألاخرين الذين يشملهم هذا المعنى , هم الشيوعيون والبعثيون , ولآن الشيوعيين كانوا في مرحلة شيخوخة وتراجع , والبعثيين كانوا في مرحلة تطلع للسلطة , يساعدهم في ذلك أحتضان المخابرات البريطانية وألامريكية لهم لاحبا بهم كما يفعلون ألان في أحتضان القاعدة , وأنما أرباكا للمشهد ألاجتماعي , ومنعا من وصول ألاسلام الى قيادة المجتمع والدولة .
وعندما أستلم حزب البعث في العراق السلطة في أنقلاب معروف من يقف خلفه , وذلك لمعرفة المخابرات الغربية وعلى رأسها ألامريكية : أن مواكب الجامعات في العراق هو عمل منظم أستهوى قلوب الكثير من الناس في العراق , وعرفوا أن حزب الدعوة ألاسلامية الذي يقود هذا العمل التغييري الكبير سيكون مؤهلا لآستلام السلطة , لذلك سارعوا الى تهيئة ألامور لآستلام حزب البعث السلطة في العراق , وهكذا كان , لذلك سارع حزب البعث الى ضرب الحركة ألاسلامية في العراق من خلال ضرب حزب الدعوة وقواعده في الحوزة العلمية في كل من النجف ألاشرف وكربلاء والكاظمية والبصرة , فأصدرت القيادة القومية التي يترأسها في ذلك الوقت مشيل عفلق بيانا تقول فيه : أن حزب البعث نجح نجاحا باهرا ولم يبق من عقبات أمامه ألا حزب الدعوة ألاسلامية , والحوزة العلمية في النجف ألاشرف , فعلى الحكومة وضع الخطط لذلك فكانت أول خطوة أتهام بعض الشخصيات  المحسوبة على المرجعية والمنتمية لحزب الدعوة ألاسلامية أن تتهم بالعمالة للمخابرات ألاجنبية وهي تهم جاهزة أستثمررها حزب البعث كثيرا حتى أنقلب السحر على الساحر , فكان مدحت الحاج سري هدفا لتحقيق ذلك الغرض حيث فرض عليه كما بين لاحقا أخوه رفعت الحاج سري ذلك , فأتهم السيد مهدي الحكيم نجل المرجع السيد محسن الحكيم , ثم أخذ مسلسل ألاتهامات يتوسع ليتهم بعض التجار بالعمالة ومنهم المرحوم التاجر البصري عبد الحسين جيته , ثم بدأ مسلسل تفسير طلاب الحوزة العلمية في النجف من غير العراقيين , ثم بدأ مسلسل ملاحقة الدعاة بألاعدامات والسجون بأحكام أرتجالية حتى أصدر قرار 156 في 31 | 3 | 1980 الصادر عما يسمى بمجلس قيادة الثورة الذي نص على أعدام الدعاة وبأثر رجعي الى القرابة الرابعة , ثم بدأت محاصرة الشعب العراقي وفرض ألانتماء لحزب البعث قسرا ثم أندلعت الحرب العراقية ضد الجمهورية ألاسلامية في أيران بتخطيط أمريكي أوربي أسرائيلي مشترك , وتلاحقت ألامور بعد ذلك من سيئ الى أسوأ حتى فرض الحصار ألاقتصادي المدمر على الشعب العراقي , بعد تورط عصابة صدام حسين بغزو الكويت وأحتلالها
ذكرت كل ذلك لبيان الصورة عندما نتحدث عن النظام السوري الذي أصبحت سورية اليوم مستهدفة بحرب كونية تستثمرها أسرائيل لضرب مراكز القوة الصاروخية في سورية , حيث شنت الطائرات الحربية ألاسرائيلية غارتين ضد المراكز البحثية في جمرايا بالقرب من دمشق بعد أن وجدت فرصتها بأنشغال الجيش السوري بملاحقة الجماعات المسلحة التي تضم غير السوريين بدعم من تركيا وقطر والسعودية وبعض أمارات الخليج , ودول مايسمى بالربيع العربي .
ولوضوح أطراف الهجمة على سورية التي لايمكن لعاقل وطني أن يصدق بأهدافها ويطمئن لمشاريعها , ولوضوح هوية الجماعات المسلحة منذ أحداث درعا والتي شوهت كثيرا وقلبت فيها الحقائق , ولمعرفتنا بأن المنطقة كلها ومنها العراق هي المستهدفة في هذه الحرب الكونية , ولآن النظام السوري كان طيلة السنوات الماضية داعما حقيقيا للمقاومة الفلسطينية , وللمقاومة اللبنانية , ولمواقف أخرى تميزت بعدم التهور كما في موقفه من الحرب العراقية ألايرانية , وموقفه من غزو الكويت وأحتلالها , وعدم خضوعه للمطالب ألامريكية والغرربية , ثم أن النظام السوري الذي نعرف الفساد فيه وفي أجهزته ألامنية , كما نعرف الفساد ألاداري والمالي , وكنا ضد هذا السلوك نقوله علنا ولم نجامل فيه النظام حتى عندما كنا معارضين لنظام صدام حسين الذي فرض علينا ألاعدام فأضطررنا للتواجد في سورية ” والضرورات تبيح المحضورات ” ومن خلال تواجدنا في سورية وأحتكاكنا بالمجتمع السوري أكتشفنا البون الشاسع بين نظام البعث في العراق ونظام البعث في سورية , حيث لمسنا عدم قيام حزب البعث في سورية بأجبار السوريين على ألانتماء لحزب البعث قسرا كما كان يفعل صدام حسين , ثم لمسنا عن قرب عدم تورط حافظ ألاسد وأبنائه ومنهم بشار الذي يقود سورية اليوم ضد الحرب الكونية ضد سورية وهو يحظى بولاء الجيش العربي السوري بعد أكثر من سنتين من الحرب المدمرة ومعه الحواضن الدينية من مسلمة ومسيحية بولاء شعبي كثير أعترفت به الصحافة الغربية ومراكز البحوث وهي ضده , ثم أن النظام السوري على عكس نظام صدام حسين سارع للآعتراف بوجود ألاخطاء , كما أعترف بالحاجة للآصلاح , فألغى المادة ” 8 ” وهي التي تجعل القيادة حصرا لحزب البعث , ثم دعا الى التعددية الحزبية , واليوم هناك أكثر من ” 11″ حزب مجازة في سورية , ثم دعا الى الحوار , ولكن أمريكا رفضت على المعارضة المرتبطة بها من الحوار مع النظام .
ثم ظهر واضحا مقدار ترحيب أسرائيل بتدمير وأسقاط الدولة السورية وتفتيتها , ومن ذلك مثلا قيام أسرائيل بأستقبال علاج جرحى الجماعات المسلحة في المستشفيات ألاسرائيلية وهو دليل لايمكن تبريره مهما كانت ألاسباب , يضاف الى ذلك الموقف التركي الذي يتزعمه أوردغان ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو , ثم أمارة قطر التي تقود الحملة ضد سورية بصورة ملفته مما جعلها تفرض على الجامعة العربية تجميد عضوية سورية في الجامعة وهو قرار لاينسجم مع النظام الداخلي للجامعة , وأخيرا قادت قطر مع أمين عام الجامعة العربية ووزير خارجية البحرين وألاردن التوقيع مع وزير الخاررجية ألامريكية قبول التنازل عن حدود عام 1967 لصالح أسرائيل , وبذلك أنكشف قناع هذه ألانظمة التابعة بذل لآمريكا , وقد أنكشف قناعها قبل ذلك عندما قام الرئيس ألامريكي أوباما بعقد مصالحة بين أوردغان التركي ونتنياهو ألاسرائيلي ,كل ذلك من أجل توحيد الجهود لضرب سورية .
ثم أن النظام السوري وهذا واقع لايمكن نكرانه وهو أن النظام السوري لم يكن مدينا لاي دولة خارجية وهي ميزة يتفرد بها النظام السوري , ثم أنه النظام الوحيد في المنطقة المكتفي زراعيا , ولذلك رغم شدة ألازمة والحصار ظل النظام السوري قادرا على تقديم رغيف الخبز ؟
ثم أن كل الطوائف وألاديان كانت تعيش في سورية  بحرية مقبولة , حيث كانت المساجد تعيش حرية العبادة والعمل ولم تفرض عليها القيود كما فعل صدام حسين في العراق , كل ذلك لايمكن للمراقب المنصف أن ينكره ولا يأخذه بالحسبان .
ثم أن الذين ظهروا معارضين للنظام السوري لم يكن لآغلبهم تواجد مع الشعب السوري وأغلبهم من المرتبطين بالمخابرات الغربية مثل “بسمة قضماني ” التي كتبت كتابا تهاجم فيه القرأن أسمه ” هدم الجدران ” قامت بطباعته جمعية يهودية عام 2008
أما الجماعات المسلحة فأعمالها لاتنتمي للمعارضة الوطنية , فهي بألاضافة الى  تمسكها بالطلب العلني للتدخل ألاجنبي , فضلا عن أعمالها التي أصبحت دراية وليس رواية كما يقال , فألاغتصاب , والخطف , والقتل على الهوية , والذبح بالسكين والسيف , وحتى بالمنشار الكهربائي , وأستعمال الغاز السام ضد المواطنين كما حدث في خان العسل في حلب لتتهم به النظام كما كانت تفعل في بداية ألاحداث حيث كانت تقتل المتظاهرين لتتهم به  النظام , ثم أن أستهداف المصانع ألاهلية ونهبها ونقلها الى تركيا , ثم  أستهداف خطوط الكهرباء وسكك الحديد ومخازن النفط والبنزين , وأستعمال التفجيرات في ساحات المدن والشوارع والمدارس والمستشفيات , كل ذلك يجعل المراقب المعتدل لايمكنه تأييد مثل هذه المظاهر وألاعمال , لآنها لاتنتمي لروح المعارضة , وأنما هي تنتمي لهوية التمرد والعصيان .
من هذا كله فأن النظام السوري الذي ذكرنا ماله وماعليه , فهو يحظى بتأييد دول كبرى , ودول البريكس , ودول أقليمية , ومجموعات المقاومة ضد أسرائيل التي ثبتت مصداقيتها , ونتيجة للمواقف العدوانية الواضحة لآمريكا وبريطانيا وفرنسا بألاضافة الى أسرائيل , بعد كل هذا ألاستعراض بأختصار نرى  ومن موقف شرعي وأخلاقي , أن رفض العدوان والحرب الكونية على سورية , هو موقف وطني أنساني نحتاجه نحن في العراق , حتى لايشغل البلد بما سمي بتظاهرات الغربية التي تطبل لها فضائيات الفتنة والتحريض لتفتيت العراق , فهل بعد ذلك من تخرص وقد حصحص الحق , وأسفر الصبح لذي عينين ؟
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات