17 نوفمبر، 2024 5:30 م
Search
Close this search box.

النظام السوري بين سندان الرغبات و مطرقة التغيير

النظام السوري بين سندان الرغبات و مطرقة التغيير

يبدو أن تصاعد الأحداث بالمنطقة وتسارعها يتيح للمتابعين لتلك الأحداث دراسة وتحليل الأسباب والدوافع الحقيقية لأتخاذ الجامعة العربية موقفاً حازماً تجاه نظام الحكم في سوريا وهذا  الموقف خلق إجماع عربي يذكرنا بموقف الجامعة العربية عام 1990 تجاه العراق والاجماع العربي عام 2011 ضد ليبيا واليوم  تجاه حكومة الاسد يهدف الى عزلته واطلاق رصاصة الرحمة عليه،، ويتجلى ذلك بوضوح ليس فقط من خلال التصويت بالأغلبية على مشروع القرار القاضي بتعليق عضوية سوريا بالجامعة العربية بل في رفض غالبية الدول العربية دعوة الرئيس السوري بشار الأسد الى عقد قمة عربية طارئه لتدارس الأزمة التي يعيشها النظام السوري وفي مقدمة تلك الدول الرافضة هي دول الخليج العربي مجتمعة وكان الرد سريعاً حاسماً وكأنه جرى التحضير مسبقاً.
هناك من يتسائل لماذا لم يتخذ هكذا موقف مع النظام الليبي السابق الذي كان دموياً بأمتياز  أو مع النظام الحــــــالي في اليمن ،، الجواب يكمن في بضع جمل ،، وهو أن  النظام السوري الحاكم هو عزل نفسه طواعيةً عن محيطه العربي منذ زمــــن بعيد ،، حيث أن الرئيس السوري بشار الأسد لم يرث الحكم فحسب بل ورث عن والده التحالف الأزلي مع ايران وهذا ما لايروق للكثير من الحكام العرب سواءً من دول الجوار مثل الأردن التي اطلق ملكها الدعوة علناً لتنحي بشار الاسد سريعاً وتركيا التي تقاسم سوريا (الفرات وهموم الاكراد ) حيث تسلابت انباء بأن بشار الاسد ينوي منح حكماً ذاتياً نكاية بتركيا  او دول الخليج العربي وخاصة السعودية وباقي دول الخليج العربي الأخرى أضافة الى رغبة دول الغرب وخاصةً أمريكا وفرنسا  لتغيير الخارطة السياسية للمنطقة 0 
ويبقى التساؤل قائماً لماذا يعتمد هذا النمط من السيناريوهات بدل التدخل العسكري مثلما حصل في ليبيا ،، الجواب ببساطة ان الغرب أستفادوا من الدروس المستنبطة من التدخل العسكري المباشر أو غير المباشر مثلما حصل  في افغانستان والعراق وأخيرا في ليبيا وكانت الفكرة الجديدة هي عزل النظام السوري عن محيطه العربي والأقليمي ودعم المعارضة سياسياً ومعنوياً لتقويض النظام داخلياً ومطالبته بترك سدة الحكم بأقل الكلف والخسائر ، وحسب تقديرات الكثيرين ان الغرب غير مستعدين لتحمل فواتير حسابية بأرقام ضخمة من خلال التدخل العسكري المباشر هنا أو هناك بل عليهم ايجاد حلول بديلة لطي صفحات أو تواريخ حكومات مخضرمة مثل حكومة الآسد أو صالح أو من سبقهم القذافي ومبارك وبن علي0
واذا ما عدنا قليلاً الى التساؤل آنفا لماذا العرب تخلوا سريعاً عن نظام حكم أو حاكم عربي بهذه الطريقة المباشرة التي خلت من أبسط قواعد الدبلوماسية ،، ولماذا لازالت ابواب الدبلوماسية مفتوحة على مصراعيها مع مايجري في اليمن ،، الجواب هو ان النظام في سوريا عليه أن يحصد ما زرعه من جفاء للعرب وتمسكه بتحالفه الأزلي مع الجمهوريــة الأسلامية فـي ايــران وهـــذا ما لايروق لا لدول المحيط الأقليمي مثل تركيا والأردن  أو لدول الخليج العربي وخاصةً السعودية التي حاولت مراراً ان تقوم بدور في المنطقة وخلق مواقف توافقية بين القوى اللبنانية في الآزمات السياسية التي عاشتها الجارة لبنان التي تحتدم فيها المصالح السياسية والصراعات المذهبية على السلطة والتي لا تخلو من تدخل سوري ايراني على الاطلاق ،، وان التغيير المنشود في سوريا  الآن هو من اهم أحد اهدافه هو تقليم أضافر ايران ومعها وضع المقاومة في لبنان وحزب الله في دائرة مغلقة تسهل معها قراءة حسابات الربح والخسارة على الأمــد القريب  وتحجيم الدورالأيراني  في منطقة الشرق الأوسط وهذا ما تتمناه تركيا برغبة جامحة فـي أعــــادة بناء تركيا الجديــدة بصبغـــة الامبراطورية العثمانية السالفة وهي بذلك تتبارى مع جارتها ايران التي تسعى بنفس الرغبة لأعادة أمبرطورية بلاد فارس وسعي ايران المحموم لدخول النادي النووي والحصول على اسلحة الدمار الشامل الذي يتيح لها تبؤ مكانه أخرى في النظام العالمي الجديد .
ربما ما اسلفناه قد يكون من بين اهم الاسباب التي جعلت المنظومة السياسية العربية تقف هذا الموقف الحازم والحاسم من نظام بشار الأسد في سوريا ووضعه بين سندان الرغبات الغير متوافقة ومطرقة التغيير ، ولكن على ما يبدو ليس من السهولة ان نتنبأ بما سيؤول اليه الحال في سوريا بعد أن هبت عليها  رياح التغيير 0 

أحدث المقالات