لقد قام الدستور العراقي الذي اقر في 2005 على الفصل بين السلطات والهدف من الفصل كما هو المفروض توزيع العمل بين هذه السلطات ( التشريعية و التنفيذية و القضائية) للوصول لاكبر فائدة من هذا الفصل وضمان عدم التداخل بين عملها وتشابك الاختصاص بينهما ، لكن في العراق _لحداثة هذه التجربة_ حدث العكس تماما فاليوم نرى الصراع على اشده بين هذه السلطات حتى وصل الى التسقيط ومحاولة انهاء دور كل منهما للاخر _ خصوصاً بين السلطة التشريعية و التنفيذية_ ، وللانصاف نجد ان السلطة التشريعية لم تتجاوز اختصاصها في العمل بل ان التجاوز و محاولة الالتفاف كانت من قبل السلطة التنفيذية وخصوصا في عهد توالي السيد نوري المالكي لرئاسة السلطة التنفيذية في واخر ولايته الاولى و بداية ولايته الثانية _واستمر هذا العرف حتى اليوم _ ، لان فكر الانفراد بالقرار و التسلط كان ولا يزال يسيطر على عقلية السلطة التنفيذية ومن يقود دفتها . لذلك عملت هذه السلطة (النتفيذية) بكل قوة على محاولة تشويه السلطة التشريعية واضعاف دورها، الذي يصب في مصلحة السلطة التنفيذية.
ان ضعف السلطة التشريعية و تعطيل دورها الرقابي يفتح السبل بلا رقيب امام السلطة التنفيذية لبلوغ اهدافها _حسب اعتقاد من يتزعمها_، وهنا استدرك واقول انني لست معني بالدفاع عن السلطة التشريعية لان ما فيها يوجد في غيرها من فساد فالعصمة لها اهلها , لكن عندما اجد السلطة التنفيذية تصور نفسها امام الجمهور بما تمتلكة من ادوات لا يمتلكه غيرها (الاعلام و المال و المناصب ) وکأنها خُلقت من طين العصمة و الصواب رغم ان معظم الفساد و التقصير نابع من تحت اقدامها ويدور حولها كدوران القطب من الرحى وكذلك اعتقد أن إسقاط السلطة التشريعية هو اسقاط للعملية السياسية برمتها فكل مخرجات العملية السياسية كانت من نتاج هذه السلطة واحد هذه المخرجات هي السلطة التنفيذية ( الحكومة ).
وعليه يجب العمل باحد الطريقين ، اما العمل على تصحيح المسار لكل السلطات عن طريق إعادة الهيكلية لها و تصحيح العوج فيها و تطبيق نظام الفصل بين السلطات كما نص عليه الدستور العراقي 2005، وأما أن نقوم بالغاء كل هذه العملية وتقوم ببناء عملية سياسية جديدة تقوم على أساس النظام الرئاسي لا البرلماني رغم اني اعتقد ان الدكتاتورية سيعاد إنتاجها بشكل اسهل و اقوى في ظل هذا النظام لما له من فكر متجذر في عقلية الساسة في الشرق الأوسط بشكل عام والعراق بشكل خاص .
فالنظام الرئاسي الذي يفهمه الفاعل السياسي العراقي هو التفرد بالقرار التنفيذي بلا شرط او قيد ،فلا حاكم عليه الا رغبة _الزعيم_ وارادته ( المقدسة) ، فمع النظام الرئاسي يكون انتاج الدكتاتورية اسهل واسرع مما في اي شكل او نظام سياسي آخر .
ولابد من الاشارة في آخر هذا المقال الى ان الشعب هو مصدر السلطات _كما هو مفروض في الدستور العراقي 2005 _ وهو الذي يجب ان يختار نظام الحكم الا اذا اراد الشعب ان يتنازل عن هذا الحق ويعيد انتاج القائد الضرورة وحزبه الأوحد بلباس جديد تكون المسبحة و المحبس بدل السيگار ..و علي وياك علي بدل بروح بدم نفدبك يا …… ؟!
النظام الرئاسي في العراق ضرورة ام إعادة إنتاج دكتاتورية ؟
النظام الرئاسي في العراق ضرورة ام إعادة إنتاج دكتاتورية ؟
علي مدلول الميالي
باحث ومحلل و كاتب سياسي ، حاصل على شهادة الماجستير في العلوم السياسية / العلاقات الدولية و الدبلوماسية ، عضو نقابة الصحفيين العراقيين .
مقالات الكاتب