18 ديسمبر، 2024 8:39 م

النظام الايراني وسياق الامور

النظام الايراني وسياق الامور

من يتأمل في طريقة إدارة نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية لأزمتها الخطيرة جدا مع المجتمع الدولي وسعيه بنفس اساليبه وطرقه السابقة للتصدي لها ومعالجتها، ويرى في المقابل المواقف الدولية والتي حتى إن التغيير قد طرأ على موقف روسيا والصين بصورة ليست کما کانت في السابق على الضد من هذا النظام، فإنه يدرك بأن طهران تمشي هذه المرة تحديدا في الاتجاه المعاکس تماما، وإنها ستواجه مالم تواجهه في أزماتها السابقة التي إنتهت لصالحها بسبب من الاوضاع والظروف المختلفة التي خدمته والتي لايمکن أن تجد لها مثيلا في الاوضاع والظروف الحالية بأي وجه من الوجوه.
عدم إستفادة هذا النظام من دروس الماضي وإصراره على تکرار الاخطاء نفسها وتمسکه بها بصورة يظهر فيها وکأنه يتحدى الارادة الدولية ويصر على فرض نفسه ومواقفه التي باتت تبدو غريبة ومتعارضة مع منطق هذا العصر وبشکل خاص بعد تنصيب ابراهيم رئيسي وتعيين حکومته المثيرة للجدل، وإن کثرة المشاکل والازمات التي تسبب بها هذا النظام صارت الى الحد الذي يمکن فيه القول بأنه ليس هناك من مشکلة إلا ويکون للنظام الايراني ضلع فيه، ولعل التصريحات الاخيرة الاستفزازية والمتشنجة للعديد من القادة والمسٶولين الايرانيين، والتي هي أبعد ماتکون عن المنطق والصواب والحکمة خصوصا بعد تصريحات توحي بشکل صريح الى تورط النظام في الاوضاع الداخلية لبلدان المنطقة وبالاخص بعد الاعتراف الاخير بأن الارهابي المقبور قاسم سليماني قال قبل تصفيته بأيام بأنه قد شکل 4 جيوش عقائدية في بلدان المنطقة وإن هذه الجيوش تقاتل نيابة عن النظام وتدافع عنه، کل هذا بالاضافة الى معرفة المجتمع الدولي بما عاناه ويعانيه الشعب الايراني على يد هذا النظام وکيف إن تحرکاته الاحتجاجية متواصلة ضده وتتصاعد أيضا نشاطات معاقل الانتفاضة من أنصار مجاهدي خلق، فإن موقف هذا النظام يبدو ليس ضعيفا وإنما حتى مرفوضا، وإن هناك العديد من الاساليب الديبلوماسية التي يتم التعبير دوليا من خلالها عن الرفض لسياسة ونهج دولة ما، وإننا إدا مالاحظنا المواقف الدولية فإننا نجدها معظمها تسير بهذا الاتجاه.
الاوضاع والظروف الاستثنائية التي يواجهها النظام الايراني، تختلف بصورة کبيرة جدا عن الاوضاع والظروف السابقة إذ بدأت سياسة المسايرة والاسترضاء الغربية مع النظام تشهد مايمکن وصفه بالتراجع وباتت في غير شکلها وصيغتها خصوصا بعد أن باتت البلدان الغربية ترى بأم عينها کيف إن النظام الايراني يقوم بإستغلال ذلك، کما إن هناك نقطة بالغة الاهمية لايبدو إن هذا النظام لايأخذها بالاهمية اللازمة والمناسبة وتتعلق بدخول منظمة مجاهدي في الاوضاع وصارت طرفا في قضية الصراع والمواجهة الدائرة ضد النظام(رغم إنها کانت على الدوام کذلك لکنها الان تحظى بدور وحضور دولي)، وإنها تقوم بالتحشيد ضد النظام داخليا وخارجيا ولعل ماقد قامت به من أجل قوننة مجزرة عام 1988، وتمکنها من إقامة مٶتمرات دولية لفتت أنظار المنظمات الدولية والرأي العام العالمي إليها، ولاسيما فيما يتعلق بدور الرئيس الحالي ابراهيم رئيسي وکذلك التظاهرات الکبيرة لأنصارها في العواصم الغربية بخصوص مجزرة عام 1988 والمطالبة بمحاسبة المشارکين فيها وبشکل خاص خامنئي ورئيسي، والاهم من کل ذلك دورها على الصعيد الداخلي وبروز هذا الدور بصورة بات يقلق النظام، کل ذلك يدل على إن الامور تسير في سياق ليس يقلق النظام وإنما حتى يخيفه الى أبعد حد.