يقع المحللون والمراقبون السياسيون في خطأ کبير عندما يتصورون بأن العوامل الخارجية هي الاهم والاقوى تأثيرا على النظام الايراني من العامل الداخلي، بل وإن بعضا منهم لايعطون أي حجم أو قوة أو دور للعامل الداخلي، في حين إن العامل الداخلي هو أسقط النظام السابق کما إنه کان أيضا بمثابة الزلزال الذي عصف بالنظام وکاد أن يطيح به لأکثر من مرة ولاسيما إذا ماتذکرنا إنتفاضة 2009 وإنتفاضة أواخر عام 2017 ومانجم عنها، کما يجب على أولئك الذين يستهينون بالعامل الداخلي أن يعيدوا الى الذاکرة النشاط الارهابي الذي حاول النظام القيام به بتفجير التجمع السنوي للمقاومة الايرانية في عام 2018 وکذلك سلسلة النشاطات الاخرى التي إستهدفت أيضا المقاومة الايرانية في بلدان أوربية ولاسيما في ألمانيا وفرنسا وألبانيا والولايات المتحدة الامريکية، وهذا الترکيز على المقاومة الايرانية لکونها المحرك والداينمو الاساسي للإنتفاضتين ولکل مايمکن أن ينتظر من تحرکات إحتجاجية من جانب الشعب الايراني.
لئن کانت هناك معارضة إيرانية من مختلف المشارب والاتجاهات والاطياف، لکن المجلس الوطني للمقاومة الايرانية بما يعبر عن تمثيله لمعظم أطياف وأعراق ومکونات الشعب الايراني الى جانب طرحه کبديل سياسي ـ فکري جاهز لنظام الجمهورية الاسلامية الاسلامية وإمتلاکه لديناميکية متميزة في تحرکاته ونشاطاته السياسية والاعلامية والفکرية ولحضوره المستمر على الصعيد الدولي، فإنه يشکل صداعا وأرقا مزمنا لطهران ينقلب أحيانا الى کابوس مرعب عندما تتناقل وسائل الاعلام الاقليمية والعالمية لنشاطاته وتحرکاته وتصريحات زعيمة المعارضة الايرانية، مريم رجوي.
مراجعة الاعوام الماضية، حافل بسجل طويل عريض من الحملات المشبوهة التي قادها نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية ضد المقاومة الايرانية في سبيل التشکيك بها و النيل من دورها وحضورها الدولي، خصوصا من خلال شبکة من الجواسيس والعملاء الذين تم إفتضاح عدد ملفت للنظر منهم، غير أن الذي يجب أخذه بنظر الاعتبار هو أمرين مهمين:
أولهما: النظام لايکف ولايتخلى أبدا عن محاولاته ومساعيه المشبوهة عبر حربه الخاصة ضد المقاومة الايرانية ويستمر فيها رغم الفشل و الاخفاق الذي يحققه بهذا الصدد.
ثانيهما: المقاومة الايرانية متيقظة ومنتبهة على الدوام ازاء الحملات النفسية والامنية وغيرها التي يشنها نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية ضدها وبشهادة الاعداء بل وحتى بشهادة قادة النظام أنفسهم فإنها ليس صمدت بوجه هذه الحرب وانما أيضا إنتقلت من اسلوب الدفاع الى الهجوم، خصوصا بعد إنتفاضة 28، ديسمبر/کانون الاول 2017، التي کانت لها دورا إستثنائيا فيها بشهادة المرشد الاعلى الايراني نفسه.
أهمية و جدية حرب طهران ضد المقاومة الايرانية يأتي من کونها کما أسلفنا تشکل وبإعتراف مختلف المراقبين والمحللين السياسيين، البديل الجاهز للنظام ومن إنها تحمل برنامجا سياسيا ـ إجتماعيا ــ إقتصاديا ـ فکريا شاملا للأوضاع في إيران، ومن هنا فإن طهران تعطي أغلب جهدها لمواجهة وکبح جماح الصعود والتألق لهذه المقاومة والسعي للحد من دورها ونشاطها، غير إنه وبعد الانتفاضة الاخيرة والطورات الدولية ولاسيما العقوبات الامريکية المفرضة على النظام الايراني وإدراج الحرس الثوري ضمن قائمة المنظمات الارهابية فقد صار واضحا بأن هذه المهمة ليست سهلة أبدا على طهران خصوصا وإن کل المٶشرات تٶکد بأن المجلس الوطني للمقاومة الايرانية قد إقترب من الحصول على إعتراف رسمي به کبديل للنظام.