خلال الاعوام السابقة، وتحديدا قبل إستلام الرئيس الامريکي الحالي دونالد ترامب لمهام منصبه، کان النظام يتفرغ دائما لمواجهة التهديد الدولي المحدق به، حيث إنه کان يضمن ولأسباب وعوامل وظروف متفاوتة ومتنوعة ضمان سيطرته على الداخل الايراني وکذلك ضمان هيمنته ونفوذه على بلدان المنطقة والتي وصلت الى ذروتها في عهد الرئيس الامريکي السابق باراك أوباما، بل إنه کان حتى يقوم بإستخدام وتوظيف نفوذه وهيمنته في المنطقة کورقة ضغط ومساومة على طاولة التفاوض مع المجتمع الدولي، ولکن وبعد المتغيرات السياسية التي حدثت بعد تطورين مهمين، هما مجئ ترامب وکذلك إندلاع إنتفاضة 28 ديسمبر/کانون الاول2017، فإن قواعد اللعبة بالنسبة للنظام الايراني قد بدأت تتغير حتى وصلت الى حد إن النظام وبعد أن کان نقطة ضعفه التهديد الدولي ضده فإن التهديد الاخطر عليه صار يتجسد في الاوضاع الداخلية في البلاد وکذلك في تراجع نفوذه إحتمال إنحساره.
الحديث عن إنتفاضة 28 ديسمبر/کانون الاول2017، حديث مهم وحيوي جدا لکون هذه الانتفاضة قد لعبت دورا کبيرا جدا في تغيير أسلوب وطريقة النضال والمواجهة والصراع ضد النظام خصوصا إنها لم تنتهي ويسدل عليها الستار کما حدث مع إنتفاضة عام 2009، مثلا، بل إن آثارها وتداعياتها ظلت مستمرة ومتواصلة بحيث أدت الى إندلاع إنتفاضتين أخريين، إذ وفي خضم هذه الانتفاضة، فقد تم تشکيل معاقل الانتفاضة والتي بدأت بممارسة نشاطات متوزعة على الجوانب العسکرية والسياسية والإنسانية، ومع إن النظام بذل أقصى مابوسعه من أجل التکتم والتغطية على نشاطات معاقل الانتفاضة غير إن إستمرارها وحدوثها في نقاط مختلفة في أنحاء إيران، أجبرت النظام على الاعتراف بذلك والاعتراف کان يشير بأصابع الاتهام لمجاهدي خلق، إذ وکما إتهم المرشد الاعلى للنظام المنظمة بأنها کانت تقف وراء الانتفاضة أعلاه، فإن قادة ومسٶولوا النظام ووسائله الاعلامية إتهموا المنظمة بأنها وراء تلك المعاقل مع ملاحظة إن معاقل الانتفاضة نفسها لم تخف حقيقة کونها مرتبطة بالمنظمة، وهذا الامر کان له معانيه ودلالاته، ذلك إنه وبعد فترة طويلة من الانکار والتضليل عاد النظام ليعترف بدور مجاهدي خلق داخليا.
الحديث الاخير الذي أدلى به خامنئي، وإعترف فيه بشعبية مجاهدي خلق ومن إنها تستقطب الشباب الايراني وتحذيره من ذلك الى جانب تسليط وسائل الاعلام التابعة للنظام على نفس الموضوع، أثبت بأن النظام صار يواجه مشکلة حقيقية في الداخل وإن مجاهدي خلق باتت تشکل رقما صعبا لم يعد بإمکان النظام إخفائه والتستر عليه، والملفت للنظر هنا، إنه ومع تفاقم المشکلة الداخلية للنظام فإن تزايد الرفض والکراهية من جانب شعوب المنطقة للدور السلبي الذي يقوم به النظام الايراني وبشکل خاص في العراق ولبنان، فإن دور ونفوذ هذا النظام في المنطقة صار يشکل عبئا عليه وبات نقطة ضعف في غير صالحه، وهذا مايجعل وضع النظام ليس صعبا بل وحتى بالغ الخطورة فقد أصبح بين ثلاثة نيران!