22 ديسمبر، 2024 10:23 م

النظام الإيراني المُنهك

النظام الإيراني المُنهك

المؤشرات الأولية تشير إلى أن إعادة العقوبات الأمريكية على إيران تسبب ألماً حقيقياً للنظام الحاكم. لكن فعالية هذه التدابير التقييدية نادرًا ما تمت مناقشتها. هناك سؤال أكثر إلحاحًا، ما هي اللعبة النهائية؟ هل سيرضخ نظام الملالي للتفاوض في أضعف نقطة، أم سيواصل سلوكه الحالي؟
هناك أمر واحد واضح: الوضع الراهن لا يمكن الدفاع عنه.

إن الاقتصاد الإيراني غارق بالفساد وقد تعرض لإدارة سيئة للغاية لدرجة أن مجموعة من الأزمات – البطالة ، والتضخم ، وتخفيض قيمة العملة ، والفقر – ​​أصبحت تهديدات وجودية للنظام بأكمله اجتماعيًا وسياسيًا.
ومن الناحية الاستراتيجية، يصعب تصور سيناريو يمكن أن تستمر فيه الدكتاتورية الفاسدة في التفوق على سكان فقراء ساخطين تضاعف فقرهم تقريباً في غضون سنوات قليلة. ربما يكون المؤشر الأكثر دلالة على أن الملالي في مأزق والسؤال الأساسي هو «هل يمكن للنظام أن ينجو من هذا الوضع؟».
قبل يوم من بدء سريان العقوبات رسميًا، حاول الولي الفقيه للنظام علي خامنئي أن يعطي أنصاره المحبطين، آمالاً كاذبة وقال إن «أمريكا تعيش حالة انهيار» و«اليوم، الولايات المتحدة أضعف كثيرًا مما كانت عليه قبل أربعين عامًا».

«قوات الحرس» محبطة وفقدت معنوياتها بشكل متزايد وهي قوة أسست خصيصًا لقمع حالات الاستياء والاحتجاج.
في الثاني من نوفمبر / تشرين الثاني، هدّد إمام الجمعة في مدينة مشهد، الملا «علم الهدى» بقوله «إذا تم منع تصدير النفط الإيراني ولو قطرة منه،… فعندئذ في يوم نحن نختاره، يمكننا مصادرة ثلاث ناقلات نفط سعوديّة ؛ سنصادر النفط ونحتجز الكوادر رهائن». كما هدّد بشن ضربات صاروخية ضد عدة مطارات في دول الخليج الفارسي.
إن مثل هذه التهديدات يناقض تناقضًا كاملًا مع وضع نظام منهوك القوى ومحاصر في جبهات متعددة.

هناك مشكلات موضوعية خطيرة مع ذعر كبير حول المستقبل. لن تعود الظروف إلى ما كانت عليه قبل الانتفاضات المستمرة منذ ديسمبر 2017. وهناك أدلة كثيرة على أن الاحتجاجات، باعتبارها السمة المميزة الحاسمة للوضع الداخلي، ستستمر في إضعاف سلطة النظام. الإضرابات والاحتجاجات لآلاف العمال في مصنع هفت تبه لزراعة قصب السكر في شوش وعمال الصلب في الأهواز جرت بشكل متواصل على الرغم من اعتقال أكثر من عشرات العمال. واستأنف عشرات الآلاف من سائقي الشاحنات الجولة الخامسة من إضرابهم، وانضم إليهم آلاف المزارعين في أصفهان.
في 3 أغسطس، اعترف خامنئي بأن «لدينا مشاكل»، فيما يحاول إقناع جمهوره المحبط بأنه «لن نواجه مأزقًا وطريقًا مسدودًا». أصبح من الواضح بشكل متزايد أن الثيوقراطية في طريق مسدود استراتيجيًا، لأنها في الأساس ليس هناك من يرغب في ذلك، ولكن أيضا غير قادرة على حل العديد من الأزمات التي تتورط فيها.

علاوة على ذلك، فإن الأزمات الاقتصادية، والدولية، والاجتماعية والسياسية الناجمة عن أربعة عقود من الإدارة السيئة ليست محركات جزئية يمكن تحمل عواقبها. صحيح أن القوى القمعية تتمتع بمعدات جيدة وتوجد في كل مكان. لكن التاريخ علّمنا أنه عندما تؤدي التحديات البنيوية إلى غضب الجمهور، فإن وجود هيكل حاكم يعتمد على القمع، يعجز عن إخماد واحتواء العصيانات والانتفاضة العامة. وهكذا ظروف تستطيع إسقاط أي دكتاتورية في الوقت المناسب.
إذن، هل يستطيع النظام أن يعيد التفاوض مع الولايات المتحدة؟ لا، نسبيًا. لأنه برأي خامنئي حتى ترويج مثل هذه الأفكار يعد «خيانة». ومن وجهة نظره فهذا يعني ولو نسبيًا حدوث تغيير جوهري مستدام في السلوك والتوجه الاستراتيجي. ستكون أصداءها كارثية داخل قوات الحرس وغيرها من أجهزة القمع، مما يعني أن النظام سيكون ضعيفًا للغاية في مواجهة الانتفاضات الشعبية. وهذا، في حد ذاته، سيؤدي إلى الانهيار. كان للانتفاضات تأثير ضار دائم على توازن النظام.

رئيس جمهورية النظام ورداً على سؤال حول إمكانية تغيير النظام، أشار إلى المعارضة الرئيسية، «مجاهدي خلق» وأكد أنها لعبت دوراً أساسياً في إنشاء «وحدات مقاومة» وقيادة وتنظيم ودعم الاحتجاجات. وقال حسن روحاني: «إن طرح هكذا تصريحات [حول تغيير النظام] بدأت من حفنة من الناس في الولايات المتحدة ممن يتعاملون مع مجموعة من الإرهابيين … منظمة مجاهدي خلق». كما أن هذه الكلمات نشأت من البرلمان الأوروبي، في بيان صدر هذا الشهر من قبل 150 من أعضاء البرلمان الأوروبي.

إن وعد إعادة التفاوض يتلاشى بسرعة. ووصف روحاني تشديد سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران كعلامة دالة لاستياء الشعب الإيراني وانتشار الاحتجاجات، معترفاً بأن الانتفاضة في ديسمبر 2017 دفعت الولايات المتحدة إلى الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني. في غضون ذلك، يشير الكشف عن سلسلة من المؤامرات الإرهابية التي أحبطت مؤخراً في أوروبا والولايات المتحدة إلى الاصطفاف، والموقف الهجومي المتزايد يوميًا من قبل الغرب والشعب الإيراني.

في مثل هذه الظروف، فإن أفضل لعبة نهائية هي نهاية الدكتاتورية الخبيثة التي تتدخل باستمرار في المنطقة وتقمع مواطنيها. لذلك تعتبر المعارضة المنظمة الموثوقة، أفضل آلية لتغيير الوضع، لصالح السلام والأمن العالميين، ووضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان، وإيران غير النووية.