9 أبريل، 2024 1:20 ص
Search
Close this search box.

النظامان”العروبي والطائفي”وجهان لعملة واحدة

Facebook
Twitter
LinkedIn

كان من المؤمل ان يحدث تغيير شامل في البنية السياسية العراقية عقب سقوط النظام البعثي عام 2003 ولكن يبدو ان التغيير لم يتجاوز بعض الشكليات البسيطة مثل ظهور عدد كبير من الاحزاب السياسية الضعيفة التابعة للاحزاب الكبيرة المتنفذة ونشوء بعض مؤسسات المجتمع المدني غير المستقلة والعاجزة عن فعل شيء على ارض الواقع وكذلك افساح المجال لعدد لا يحصى من القنوات الفضائية والمجلات والجرائد”الحزبية”دون ان يكون لها اي تأثير على الحكومة والرأي العام العراقي على حد سواء ، وظلت الاوضاع السيئة على حالها ، بل اتجهت نحو الاسوء ، فبعد ان كانت مشكلة العراق السياسية تنحصر في الفكر الشوفيني العروبي المدمر ، تحولت الى مشكلة اعمق واعقد ، عندما تبنت الحكومة الشيعية التي يهيمن عليها حزب الدعوة استراتيجية المزج بين الفكرين”الطائفي والعروبي الشوفيني”والدعوة اليهما معا ، وهي استراتيجية جديدة مارستها ضد الكرد في نزاعها معهم على المناطق المتنازع عليها عندما ظلت تعزف على اوتار العروبة”الخالدة”وتمجد بها وتدافع عن حقوق العرب الضائعة في هذه المناطق على يد الاكراد”المحتلين !” في محاولة لجذب عواطف العرب السنة وكسب ودهم ودعمهم في صراعها المتواصل مع الاكراد وكذلك بهدف احداث فتنة عرقية بينهم وبين العرب كما كان في السابق ، وهذا اسلوب سياسي خطير يذكرنا دائما بسياسة النظام الدكتاتوري السابق التي كانت تقوم على التهجير والتعريب وبث الكراهية والعداوة بين العرب السنة على وجه الخصوص وبين الكرد المتجاورين وتدمير العلاقة بينهما والذي ادى في النهاية الى تدمير العراق شعبا ودولة ووصوله الى حالة البؤس و التعاسة التي هو عليه الان .. اذن فما الفرق بين النظامين العراقيين القديم”العروبي”والجديد”الطائفي” من حيث الهدف والنتيجة ؟ فاذا كان النظام البعثي البائد سعى الى تكريس سياسة العروبة في العراق وجعله بلدا عربيا خالصا، فان النظام الجديد اليوم يحاول جاهدا تحويله الى بلد طائفي خالص مئة في المئة، وما صراعه المستمر مع السنة بشكل عام منذ توليه الحكم ونزاعه مع اقليم كردستان وفرض الحصار عليه بهدف تركيعه واخضاعه لسياساته وكذلك تشكيله الحشد الشعبي من ميليشيات خارجة عن القانون على اساس طائفي دلائل على توجهه الطائفي وسعيه لتأسيس دولة طائفية ..
لافرق بين النظامين الا في الشكل والصورة ، بل ارى ان النظام القائم على التمدد والتوسع الطائفي اخطر على مستقبل العراق والعراقيين ، فما انجزه النظام البعثي من خراب وشقاء للعراقيين خلال فترة حكمه الذي دام لاكثر من 35 عاما ، حققه النظام الطائفي القائم خلال اثنتي عشرة عاما من حكمه وفي ظل سياسته الفاشلة وصل العراق الى الحضيض ، وتحول الى اسوء وافسد واتعس بلدان العالم بحسب منظمة الشفافية الدولية ، ورغم التباهي بالدستور والديمقراطية والبرلمان وسيادة القانون ، فان القمع مازال سائدا والمفسدون مازالوا احرارا طلقاء وتبؤوا مناصب رفيعة ولا احد يستطيع محاسبتهم والتغيير الديمغرافي والتعريب والتشيع مازال جاريا في المناطق السنية والكردية على قدم وساق ، وحقوق المكونين الذين يشكلان نصف المجتمع العراقي مهضومة وهما مبعدان تماما عن مركز اصدار القرارات السياسية المصيرية وتحولا الى مواطنون من الدرجة الثانية ..كل شيء تغير ولكن للاسوء والاتعس..
نقلا عن جريدة الجريدة

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب