8 أبريل، 2024 12:04 م
Search
Close this search box.

النظافة معناها الصحة – وهو ما تفتقر إليه جميع مستشفيات العراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

هذه معادلة تعلمناها ونحن صغار في بيوتنا وفي مدارسنا أيام الزمن الجميل، ويعرفها الجميع ويطبقها الكثيرون، إلا وزارة الصحة والبيئة العراقية….
إضافة لشهادات علمية أخرى، حصلت على الماجستير بالإدارة الصحية (إدارة المستشفيات والمؤسسات الصحية) وعملت في مستشفيات عديدة في عدة مقاطعات بريطانية وبمختلف المواقع إلى أن أصبحت مستشاراً بالإدارة الصحية. شاهدت عن قرب روعة ونظافة المستشفيات البريطانية (وكذلك مستشفيات في العديد من دول العالم ومنها في أفريقيا) وكيفية إدارتها من قبل متخصصين، ليس بالضرورة أن يكونوا أطباء، ذلك لأن المستشفيات في بريطانيا وفي العديد من دول العالم “المتحضر” تدار من مجلس يجب أن يكون فيه طبيب إختصاص واحد على الأقل إضافة إلى آخرين بمختلف التخصصات التمريضية والمالية والإدارية والإقتصادية، ناهيك عن ضرورة وجود متخصص بالإدارة الصحية.

قبل عدة أعوام أغلقت إدارة خدمات الصحة الوطنية NHS في إحدى المقاطعات مستشفيين بسبب إرتفاع حالات الوفيات فيها 2% عن أعدادها في العام الذي سبقه، وقررت إدارة خدمات الصحة الوطنية إجراء تقيم شديد وكبير في جميع مستشفيات المقاطعة وإدخال برنامج معدل جديد لما يسمى بإجراءات التشغيل القياسية (SOPs) Standard Operating Procedures التي يعمل بها عادة في جميع مستشفيات البلاد. إنخفضت حالات الوفيات بعدها بشكل فعال إثر إعادة إفتتاح تلك المستشفيين، مما يعني أنه كان هناك خلل في عملية التنظيف والتعقيم الواجب إجراءها في المستشفيات، إضافة لأمور أخرى.

بعدما حدث في تلك المقاطعة البريطانية، زرت العراق وقمت بجولات معاينة في بعض من مستشفيات بغداد العاصمة. تجولت فيها، وألقيت نظرات فاحصة على كل مرفق من مرافقها وشاهدت سلوك منتسبيها مع المرضى، سواء الراقدين أو المرضى الخارجيين. تفقدت كل شئ إبتداء من المرافق الصحية ولغاية غرف العناية المركزة، وكان إنطباعي بعد انتهاء تلك الزيارات أن معظم مستشفيات بغداد كانت من القذارة والوساخة بشكل لا يؤهلها أن تكون مستشفى يعالج بشر مرضى يتوقعون أن يشفوا من وجودهم في تلك المستشفيات. أضف إلى ذلك أن العلاقة بين منتسبي المستشفيات التي زرتها وبين المرضى كانت تتمثل بأقبح ما يمكن لإنسان أن يعاني منه من سلوك مشين، وكان أسوأها هو عدم إلتزام الكادر الطبي بأخلاقية المهنة وبالقسم الذي أقسموه عند التخرج، ناهيك عن السلوك غير الأخلاقي والذي لا يمكن القبول به من قبل الكادر الصحي والتمريضي مع المرضى؛ وعندي من الأمثلة والشواهد عشرات. وأسباب كل ما نوهت عنه أعلاه هو سوء إدارة المستشفيات في العراق حيث يدير كل مستشفى شخص واحد، هو طبيب لا يمتلك أي مؤهل أكاديمي في إدارة المستشفيات، التي هي علم متطور بحد ذاته.

ومن بين أمور مهمة أخرى تعاني منها مستشفيات العراق هي هذا المثال السئ جداً والذي رأيته بأم عيني:

في عام 2014 كنت في زيارة للعراق حيث قابلت أثناءها وزيرة الصحة آنذاك، الفاسدة عديلة حمود، وكانت قد إستلمت منصبها حديثاً. إقتضى الأمر أن أعرج على مدير مكتبها، فلم أستطع دخول مكتبه لكثرة ما فيه من دخان السيكاير التي يدخنها، وهو طبيب “أخصائي” ويوما ما كان مديرا لإحدى مستشفيات بغداد، على ما أظن. عرفت وقتها من أصدقاء لي هناك أن التدخين مسموح به في بناية الوزارة بالرغم من وجود تعليمات من مجلس الوزراء بمنع التدخين في جميع بنايات مؤسسات الدولة المسقفة.

وحدثني مرة صديق يعمل في إحدى صالات العمليات في مدينة الحسين الطبية في محافظة كربلاء قائلا أن مدير المدينة الطبية، الذي هو جراح، يدخن في صالة العمليات… تصوروا و تخيلوا معي، وزارة تعني بصحة المواطن، والتدخين يعد واحدا من أخطر مسببات الأمراض للمواطن ومنها السرطان، نجد أن تلك الوزارة لا تلتزم هي نفسها بأبسط معايير الصحة فكيف يتوقع المواطن أن يتلقى رعاية صحية جيدة في مؤسسات مثل هكذا وزارة، وأية رعاية طبية جيدة يتوقع هذا المواطن أن يتمتع بها في ظل هكذا نظام صحي تقوده هكذا وزارة صحة؟

زرت الكثير من المستشفيات والمؤسسات الصحية إبتداء من أصغر عيادة شعبية لأكبر مستشفى، فوجدت نفس الشئ…المدير يدخن وعامل النظافة يدخن.

وكان الله بعون المريض في العراق

* بروفيسور متخصص بالإدارة الصحية وخبير دولي بالصحة البيئية

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب