20 مايو، 2024 2:40 ص
Search
Close this search box.

النشيد الوطني .. رمز ودلالة ..ومبادرة وطنية … 

Facebook
Twitter
LinkedIn

هناك رموز ودلالات ثابتة ، ولا علاقة لها بالانظمة ، أو الحكومات ، لانها تعبر عن البلاد كلها ، وليس مكونات بذاتها ، أو حكام بشخوصهم .. والنشيد الوطني أحد هذه الرموز ، ويمثل الشعب بكل تنوعه ، والبلاد بكل عمقها ، وتاريخها ومستقبلها من خلال تعبيره عن المشتركات الوطنية … وحسنا فعلت الاعلامية القديرة رقية حسن عندما استضافت في برنامجها ( ظهيرة الجمعة ) في قناة الشرقية الفنان الموسيقار نصير شمة ، وتحيتها لمشاهديها بعرض مقترح للنشيد الوطني العراقي من تلحينه ، وهو من كلمات الشاعر سعد جاسم ، عله يعود الى الصدارة من جديد ، ويحظى بالاهتمام بعد أن لفه النسيان منذ عام 2003 ، وينتهي ذلك السجال والجدل بشأن هذا الرمز الوطني .. فهل ستحفز هذه المبادرة الشخصية المهمة من فنان مبدع زملاؤه المبدعين لتقديم نماذج أخرى بمضامين يلتقي عليها العراقيون جميعا ، ويكون الشعب هو الحكم ، من خلال طرحه للاستفتاء عليه ، بدل الدخول في دوامة اللجان ، بعد أن أخفقت على مدى السنوات الماضية ، بسبب الخلافات السياسية ، لان كل كيان أومكون يريد أن تكون له حصة فيه..
تقويم النشيد ليس بالامر العسير ، لا يحتاج الى رؤية فنية فقط ، بل الى روح وطنية تسبقها ، لانه يخاطب جميع المواطنين ، مثقفين ، وعلماء ، وعامة الناس ، بما فيهم الامي ، وروحه المشتركات ، وهي حب الوطن واعلاء شأنه ، والموسيقى تعبر عنها أجمل تعبير .. ولذلك إختارت بعض الدول الموسيقى فقط ، لتمثل نشيدها الوطني بدون كلمات .. فلعل اوتار عود الفنان شمه تبعث الروح من جديد في هذا الرمز ، و تخرجه من شرنقة المحاصصة التي دخل محبسها سنوات طويلة .. ولا اعتقد أن العراقيين من مختلف كياناتهم وإنتماءاتهم يختلفون على المضامين التي استمعنا اليها في ( الظهيرة ) .. وهي قيم ( السلام والمحبة والتسامح وقبول
الاخر ) ، وقد اعطتها الموسيقى بعدها الوطني ، ونجحت الاوكسترا بضخامتها في تجسيد قوة العراق ، لأن النشيد اذا لم يكن بتلك الهالة والعنفوان ( وتقشعر له الابدان لا يصل الى الناس ) على حد ما يرى الفنان شمه الذي شرح تلك المضامين وأجاد في توصيلها من خلال ذلك اللحن الجميل .. وهناك من يتساءل من أين جاءت هذه القوة والضخامة في اللحن ، لفنان عرف بوداعته وهدوئه وصوته الهامس ..؟.. أنها من العراق بالتأكيد ، لانه لا يليق به غير أن يكون هكذا ، كما هو شانه دائما قويا عزيزا .. والنشيد الحماسي يعمق الاحساس بالوطن ، ويعزز الانتماء اليه ، وقد تعودنا أن نأخذ شحنة معنوية ، ودرسا روحيا في الوطنية في بداية يومنا الدراسي من النشيد الذي يعزف ، ونشنف اسماعنا به ، ، بطقوس ومراسم واداب الاحترام والتعظيم ، ونمر من أمام علم العراق ، ونحن في طريقنا الى الصفوف وهو يرفرف عاليا وسط ساحة المدرسة .. وكانت الاذاعة تبدأ بثها بعد ذكر الله بالنشيد العراقي وتختتمه به ايضا ، وكذلك التلفزيون .. ولم يقل أحد من هذا المكون ، او ذاك ، او غيره أنه لم يتضمن ما يشير اليه ، لان النشيد كان يجمعهم ، والعراق خيمتهم الواسعة التي يستظل بها الجميع .. والنشيد الوطني ليس أداة تعريف بالبلاد فقط ، بل يتعدى حدودها في التواصل بين الشعوب أيضا من خلال الموسيقى وهي لغة انسانية عالمية ..فمن لا يعرف لغة تلك البلاد يمكن أن يفهم مضمون نشيدها من الموسيقى ، ولم يدر في خلده أن يسأل عن مكونات ذلك البلد .. والعراق ليس استثناء من دول العالم ، فهو يتكون من الوان ، وليس لونا واحدا ، لكنها بمجموعها تشكل لوحة جميلة ، او حديقة زاهية ، على خلاف الحال عندما تكون الزهور كلها بلون واحد ، فقد لا تظهر بذلك الجمال عندما تكون بألوان متعددة متناسقة تسر الناظر وتريح النفس .. الوطن للجميع ، ويسع الجميع ويفترض أن يكون رمزا للجميع ، وليس لنظام ، مهما كانت هويته ملكيا .. جمهوريا ..برلمانيا .. رئاسيا .. لقد مضى من الوقت ما يكفي ويزيد ..ومن غيرالمعقول أن تمتد المحاصصة الى هذا الرمز ، وتكون البلاد بدون نشيد متفق عليه الى الان ، لان كل مكون يريد
حصة في النشيد ، وكأن العراق باسمه الكبير وتاريخه العميق ، لا يعبر عن الجميع .. وجسد الفنان نصير شمة في هديته ( بظهيرة الجمعة ) ، ولحنه الجميل ، تلك الرمزية ، وذلك الاحساس بالوطن ، والفخر به ، واهمية وحدته الوطنية ، والالتقاء على المشتركات في ظرف نحن بامس الحاجة الى العودة الى تلك الثوابت الوطنية .. وما احلى الموسيقى عندما تعزف على اوتار الوطن ..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب