7 أبريل، 2024 1:28 ص
Search
Close this search box.

النشاط الوطني الشريف للأجهزة الأمنية في زمن صدام حسين

Facebook
Twitter
LinkedIn

مسؤولية كاتب الرأي الأخلاقية والوطنية هي التعبير عن قناعاته ونقل خبراته ومواقفه بنوايا صادقة مجردة من المصالح الشخصية والحزبية والطائفية والقومية .. وكاتب الرأي يفترض ان يكون صاحب مشروع تنويري للرأي العام بغض النظر عما يواجهه من إعتراضات ورفض ، لأن التطابق مع الرأي العام في مجتمع متخلف مثل العراق الوطن العربي وعدم الإختلاف معه والتواطؤ معه يعد خيانة لواجب الكاتب الجاد المبدئي ، ويجعل كاتب الرأي لاحاجة له ، إذ سيتحول الى صحفي عادي يكتب تقارير صحفية مستنسخة من الحياة السائدة ، أو يكتب تعليقات إنشائية ركيكة لاقيمة لها ، بينما كاتب رأي هو منتج للمعرفة بعد إجراء عملية التفكيك والتحليل والتركيب للواقع وثم إنتاج المعرفة ، أكتب هذه المقدمة وأنا أقدر مسبقا حجم الإختلاف معي من قبل الكثيرين حول الكلام الذي سأقوله بخصوص الدور الوطني الشريف للأجهزة الأمنية : المخابرات ، والأمن والإستخبارات بتصديها للتنظيمات التخريبية المعادية للدولة العراقية وأمنها وإستقرارها ، وأقصد بها التنظيمات : الشيوعية والإسلامية والكوردية.

من تجربتي البسيطة في الحياة بوصفا معارضا شيعيا في حينها .. وجدت ان المواقف الوطنية النبيلة قد تواجه معارضة عاطفية داخل الفرد نفسه ، الموقف الوطني هو نتاج عملية عقلية مزجت الأشخاص والأحداث والأفكار في نشاط عقلي تركيبي ، وهذا الأمر ليس بالضرورة يحصل على موافقة الجانب العاطفي لدى الشخص الواحد ، وإنسجام الذات مجرد كلام إنشائي يطلقه من لايعرف طبيعة النفس البشرية ، وهذا ماحصل معي شخصيا من صراع ما بين العقل ومصالح الدولة العراقية من جهة ، وبين العواطف الناتجة عن معارضة نظام البعث وصدام حسين بشأن موضوع إنصاف الأجهزة الأمنية وتجزئة عملها وفرز نشاطاتها التي كانت نتائجها تصب لصالح الدولة حتى لو كانت تلك الأجهزة الأمنية تابعة لنظام صدام ، فمن الضروري جدا حضور المعايير الوطنية عند محاكمة تاريخ العراق ومنع المؤثرات غير الوطنية في التأثير على الأحكام التي نطلقها على الأحداث والأشخاص ، حينما كنت معارضا لنظام صدام حسين .. كنت أقع في منزلق التعميم الإنفعالي الخالي من المعايير الوطنية عند تناول عمل ومسيرة الأجهزة الأمنية ، وكان تعاطفي مع المعارضة شديدا دون التوقف عند أهداف تلك التنظيمات وخطرها على الدولة العراقية ، لم أكن وحدي في إرتكاب تلك الأخطاء ، بل كان معظم العراقيين من المدن الشيعية بلا معايير وطنية واضحة في نقد أجهزة النظام ، وحتى ( سنة العراق ) من الإسلاميين وغيرهم أيضا كانوا يسيرون على نفس النهج الإنفعالي الأيديولوجي في النقد وغياب الوضوح لديهم ، اما الكورد فهم أعداء لكل شيء عراقي حتى السلطة الملكية المسالمة رفعوا السلاح ضدها !

لابد من تحديد حجم الخطر الكبير الذي كانت تشكله التنظيمات : الشيوعية والإسلامية والكوردية على كيان الدولة العراقية سواء كان الحاكم صدام حسين وحزب البعث ، أم جهات أخرى ، فهذه التنظيمات طوال تاريخها قبل مجيء البعث للسلطة هي تقوم بنشاطات هدامة ضد الدولة وليس الحكومات وهنا مكمن الخطر الكبير ، وتفصيل الأمر كالتالي :

– الحزب الشيوعي :
تنظيم تستر بشعارات العدالة والمساواة والتباكي على الفقراء .. وغرر بالكثير من أبناء العراق السذج ، بينما هو في حقيقته تنظيم تابع لجهاز مخابرات الإتحاد السوفيتي السابق كان مكلف بمهام ان يكون أحد أدوات الحرب الباردة بين الإتحاد السوفيتي والمعسكر الغربي ، وكانت مهمة الحزب الشيوعي في العراق شن حملات الدعاية ضد الحكومات والقيام بالإحتجاجات والتظاهرات لتعطيل عمل الدولة وزعزعة الأمن والإستقرار في البلد ، وأول ميليشيا مسلحة في العراق أسسها الشيوعيون ، ثم المشاركة في الإنقلاب العسكري عام في 14 تموز عام 1958 وتدمير مؤسسات الدولة وضرب الإستقرار والتأسيس لتاريخ الإنقلابات الدموية ، بعدها أصبح الشيوعيين أداة لتنفيذ المخططات التخريبية الكوردية وحملوا السلاح ضد الدولة وتعاونوا مع ايران في قتال الجيش العراقي وهذه خيانة وطنية عظمى لاتغتفر !

– التنظيمات الإسلامية الشيعية :
تنظيمات طائفية هدامة عملت تحت إشراف المخابرات الإيرانية منذ زمن شاه إيران الذي أسس حزب الدعوة ، ثم بعد رحيل الشاه عملت هذه التنظيمات تحت إشراف نظام ملالي إيران الحالي ، بل معظم قياداتها من العناصر الإيرانية ، وكانت ولاتزال هذه التنظيمات الشيعية تكره وتحقد على الدولة العراقية وتاريخها ، وحملت السلاح وقاتلت الجيش العراقي في الحرب ، لدرجة أحد الساسة الإيرانيين قال : (( التنظيمات الشيعية العراقية جعلتنا نشكك في سلامة وطنيتنا في حب بلدنا لما أبدوه من إخلاص لخدمة ايران )) فالعميل العراقي الشيعي كان إيرانيا أكثر من الإيرانيين أنفسهم في درجة عمالته وخيانته لبلده العراق وتفانيه في القتال وتعذيب وإعدام الجنود الأسرى العراقيين .
وقد ظهرت خطورة التنظيمات الشيعية التي كان يحذر منها نظام صدام حسين بعد إستلام الشيعة مقاليد الحكم عام 2003 ورأينا كيف انهم مباشرة شكلوا فرق الموت وأخذوا ينفذون حملات إغتيالات للعلماء والضباط العراقيين إنتقاما لهزيمة إيران في الحرب امام الجيش العراقي .. ورأينا كذلك لأول بتاريخ شعوب العالم هذه العمالة الجماعية التي وصلت الى أكثر من مليون عميل شيعي عراقي تابع لإيران يعملون ليل نهار لتعطيل الصناعة والزراعة والكهرباء ومعامل المشتقات النفطية ، لصالح إيران ، وكذلك جيروا المصارف العراقية لتهريب أموال العراق من الدولارات الى إيران ، بل منحوا إيران حقولا نفطية كاملة ، وتنازل الشيعة عن كرامتهم الوطنية وسمحوا لإيران التدخل بتشكيل الحكومات والبرلمان وتعيين الوزراء ، وصار أمر تعيين رؤساء الجمهورية والبرلمان والوزراء يتم من طهران وأصبح العراق بلد مسلوب الإرادة يعيش تحت قبضة العجم الذين يحكمونه بسلاح الميليشيات !

– التنظيمات الكوردية :
تنظيمات قومية شوفينية تناصب العداء للعرب ، وهي بندقية للإيجار بدون قضية ولامباديء بل مجرد عصابات من القتلة وصلت درجة الإجرام لديها الى حمل السلاح وقتل الشعب الكوردي نفسه ، وكلنا يتذكر كيف إستعان مسعود البارزاني بقوات الحرس الجمهوري لقتل خصومه من الكورد ، وإستعان جلال الطالباني بالحرس الثوري الإيراني لقتل أيضا الكورد ، وقد عانى الشعب الكوردي المسكين من هذه التنظيمات حينما كانت تختبيء بين المدنيين وتطلق الرصاص على الجيش العراقي مما يضطر الجيش الى الرد على مصادر النيران ويكون الضحية الأبرياء المدنيين يقتلون وتهدم قراهم ، بينما أفراد العصابات المسلحة يهربون الى مخابئهم ويورطون شعبهم مع الجيش والأمن والإستخبارات ، وقد وصلت المأساة بالشعب الكوردي الى هدم القرى وتهجير سكانها ، وان بعض الأمهات الكورديات رمت أطفالهن الذين توفوا اثناء الهرب من الضربة الكيماوية من دون دفن !

امام هذه التنظيمات الإجرامية : الشيوعية والإسلامية والكوردية .. كان الواجب الوطني للأجهزة الأمنية العراقية يفرض عليها التصدي لها وقمعها بشتى الطرق دفاعا عن الأمن والإستقرار ، وحسب المعايير الوطنية أي تهاون أو تقصير من الأجهزة الأمنية سيكون خيانة وطنية في مكافحة أعداء الوطن االذين يريدون به الشر ، وهذا قانون عام في جميع الدول ، أي تمرد تخريبي يتم قمعه بقوة بغض النظر عن طبيعة النظام الحاكم لايحق للأفراد أو الجماعات حمل السلاح ضد مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية ، وإذا علمنا ان هذه التنظيمات حملت السلاح بأوامر من الدول المعادية للعراق ستكون الخيانة مضاعفة جدا !

لقد إنكشفت الأمور بعد تغيير نظام صدام لم تكن المعارضة تهدف من معارضتها الحصول على الحرية والديمقراطية و خدمة الشعب ، بل إتضح أنها كانت تعارض من أجل السلطة والمال وتخريب البلد ، وأول خطورة لها بعد إستلام السلطة هي الإنتقام من الشعب وضرب الديمقراطية بالتزوير وسرقة المال العام .

و نؤكد اننا ندين بشدة جرائم الخطف والإغتصاب وتعذيب وقتل الأبرياء على يد عناصر الأجهزة الأمنية وحزب البعث والجيش الشعبي في زمن نظام صدام حسين ، لكن من باب العدالة ووفق المعايير الوطنية يجب إنصاف جهود الأجهزة الامنية والإشادة بها في ملاحقتها تلك التنظيمات .. لقد كان عملا وطنيا شجاعا وشريفا ماقامت به في تلك الفترة ونتائجه كانت لمصلحة العراق وكيان الدولة وليس نظام صدام ، تصوروا لو نجح حزب الدعوة ومن معهم من تنظيمات الشيعة في الإستيلاء على السلطة في العراق عام 1979 مع مجيء الخميني كيف سيكون حال البلد وكيف سيصبح مستعمرة إيرانية مثلما هو الآن ، بينما جهود الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة آخرت سقوط العراق بيد إيران لغاية عام 2003 ، وكذلك أنقذت كركوك و الموصل وصلاح الدين وديالى من السقوط بيد الميليشيات الكوردية ، أما ضحايا تلك التنظيمات هم من يتحمل مسؤولية ما حدث لهم من سجن وتعذيب وإعدامات .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب