دخول داعش الارهابي لمدن العراق سبب مآسي كثيرة وويلات واحزان وكوارث في البيئة الاجتماعية فالمجازر الجماعية والاعدامات والتجاوز على حقوق الانسان سلوك يومي اعتاده الناس
في الوقت الذي ترك خرابا كبيرا في حياة النساء من خلال استعبادهن وزواجهن قسرا وحملهن وانجابهن للاطفال اكراها …..فقد سجلت حالات كثيرة ارغام الدواعش للعوائل على تزويج بناتهم من خلال اعتقال رجال هذه العوائل او تعذيبهم او تهديدهم بالاعدام والقتل لينالوا من النساء ضمن زواجات شكلية اقرب هي للاغتصاب كونهم استباحوا جسد المرأة بدون قناعات ورضا واعتبروا جسدها ساحة لمعركتهم الخاسرة مع الحضارة والمدنية .
وقد تستمرالزواجات اسابيع او اشهر والزوجة قد لا تعرف من زوجها غير كنيته ( ابومصعب… او.. ابو بكر..او.. ابوالدرداء …) لا عقد قانوني يحميها ولا شيء يثبت حقها وما ان يقتل او يسافر الى ولاية اخرى او يعود الى بلده هاربا من دولته المزعومة حتى تجد نفسها امام واقع فرض عليها قسرا يسمى الزواج الغير شرعي والاطفال غير الشرعيين …
والان وبعد ان تحركت الجحافل وتوجهت همم الرجال لتحرير مناطقهم وتعالت اصوات الرصاص وبدات تتهاوى قلاع الارهاب واحدة تلوة الاخرى بدأ الاهالي بالرجوع الى مناطقهم …وعندها سندخل فصلا جديدا من الصراع العشائري والعائلي …والذي ستدفع النساء ثمنه غاليا من خلال ظهور العنف الذكوري بحقها فهي اما ستكون ثمنا لصراع الدم من خلال اعتمادها كفصلية ((حيث مازالت اغلب العشائر تؤمن بهذا وتتخذه بديلا عن دفع المال )) …اوستدفع ثمن الزواج القسري الداعشي والذي يصنف تحت فقرة غسل العار ..اوسيقتل ابنها او زوجها بسبب هذا النزاع او يسجن او يختطف فتدفع ثمن اخر وهو ثمن المعانات الانسانية الحياتية
في كل المراحل المرأة العراقية هي ضحية العنف والبطش الذكوري إن كان من المجتمع او من الاهل والعائلة او من بطش الداعشيين من قبل .
مجتمعنا العشائري بطبيعته يظلم المرأة ولا يتعامل معها وفق الشرائع التي تقتضي رفع قيمة المرأة الى أعلى المراتب حتى ان النبي صلى الله عليه واله وسلم اسماهن (القوارير) اي الادوات الجميلة الرقيقة سريعة الكسر…وقد قال في وصيته ((اوصيكم بالنساء خيرا))
وتكريما للمرأة داخل الاسرة فقد اوصى ان تكلف الخادمات لخدمتها واذا ما فعلت فاحشة الزنا وهي باكر فانها تجلد ولا تقتل على شرط وجود اربع شهداء فان كانوا ثلاثة يحاسبون بشهادة الزور
فالمراة في مجتمعنا اليوم هي التي تجلب الحطب وتطبخ الطعام وتخبزالخبز وتجلب الماء وتحلب المواشي وتزرع الزرع وتطعم الابقار وترضع الاطفال وتربيهم وووو…وهذه كلها مسؤوليات الرجال في زمن كانت الشريعة الاسلامية تحكم الناس.
فكيف بها وهي اليوم تدفع ثمن تهورانصاف الرجال والمراهقين والثقافات الهابطة ..في زمن تتعالى فيه الاصوات العالمية المطالبة بحقوق المرأة ورفع الحيف عنها وقد حدد العالم لها يوم 25 تشرين الثاني يوما عالميا لمناهضة العنف ضد المرأة (علما ان الجمعية العامة للامم المتحدة قد عرفت العنف ضد المرأة بانه (اي اعتداء ضد المرأة مبني على اساس الجنس.. والذي يتسبب باحداث ايذاء او الم جنسي او نفسي ))
نحن اليوم امام مسؤولية تاريخية امام حقوق فرضها الله علينا وهو يقول ((واذا الموؤدة سألت باي ذنب قتلت )) ..
واراد تعالى ان يشيع فينا ثقافة المساوات مع الرجل حين قال ((ولهن مثل الذي عليهن ))
فما عسانا فاعلون ؟؟؟
على المجتمع ان يقف موقفا مشرفا في هذه الازمة الاجتماعية التي هي الاصعب في تاريخ العراق …ويتحمل مسؤولياته من خلال نشاط كبيرتقوم به الجهات التالية :
· منظمات المجتمع المدني ودورها في نشر ثقافة السلم الاهلي
· الحكومات المحلية والمركزية ودورها في مجال المصالحة وتثبيت الحقوق واشاعة العدل
· الهيئات الاجتماعية والوجهاء والشيوخ ودورهم في تقليل شد القبلية العشائرية ونشر ثقافة التسامح والعفو والايثار
· المؤسسات الحكومية كالجامعات والمدارس والمؤسسات الاخرى التي تمسك الملف التربوي هي الاخرى عليها ثقل في تقليل مستوى السلبية في تفكير الفرد
· المؤسسات الدينة ودورها في تحريم الثارات والعصبية القبلية والاحتكام الى الشريعة والدعوة لاعتماد مبدا عفا الله عما سلف والدعوة لها في كل المحافل
· وسائل الاعلام التي باتت هي من تحرك الشارع حيث لها الدور الاكبر في تعبئة الجماهيروتثقيفهم
ويجب الاشارة هنا ان من اهم الادوات العاجلة للمحافظة على المراة هي توفير ملاذات امنة للمرأة في مناطق محددة في كل محافظة وهي بمثابة الدورالتاهيلية لحمايتها من غضب الجهل وفورة العصبية القبلية… وبالمقابل تثقيفها حتى تكون اداة ايجابية في معرفة حقوقها وتغيير المجتمع لاحقا كونها الاداة الاقوى في تغيير ثقافات المجتمعات ((الام ..مدرسة ..ان اعددتها .. اعددت شعبا طيب الاعراق))
علما ان هذه التجربة هي ليس الاولى فهناك ستة دور في بغداد لايواء النساء المعنفات تشرف عليها منظمات مجتمع مدني نسائية منها منظمة حرية المراة .وقد اثبتت نجاحات واضحة وممتميزة
وحسنا فعلت وزارة الداخلية اذ اوجدت مديرية الشرطة المجتمعية كواحدة من اهم المديريات التي لها تمثيل في كل المحافظات والتي تتفاعل مع هذه الحالات
وهذه المبادرات يجب ان تعمم بشكل كبيرلان الحاجة لها ستكون كبيرة
فالملاذات الامنة هي محطات للنساء المعنفات تحميها من نار الموت القبلي او العيش الذليل المنزوع الكرامة .