18 ديسمبر، 2024 6:15 م

النزول من البرج العاجي

النزول من البرج العاجي

كثفت النخب السياسية في العراق من زياراتها لمقار زعماء الكتل ورؤساء الاحزاب وتحفل برامجها باجندة من اللقاءات الرسمية وتتمحور هذه اللقاءات على تواصل مستمر بين الزعامات والاحزاب والتعرف على اقكارها ومشاريعها لمرحلة مابعد داعش وتشهد النجف منذ ايام توافداً واسعاً للمسؤولين الذين يحرصون على اللقاء مع زعامات دينية لها تمثيل سياسي في داخل مجلس النواب وفي الحكومة كما يلتقي هؤلاء مع المراجع الدينيين في هذه المدينة ومايلفت الانتباه ان هذ النشاط يتعاظم مع اقتراب موسم الاننتخابات المحلية والنيابية حيث يحرص وزراء واعضاء مجلس النواب واعضاء مجالس المحافظات على تكثيف حضورهم الرسمي وتأكيد تواجدهم من دون الالتفات الى استحقاق انتخابي واخلاقي غابت ملامحه في العراق وحضرت في دول اخرى تحترم العملية الانتخابية وتحترم جمهورها مهما كانت طبيعة العلاقة معه ونقصد هنا اللقاء مع الجماهير والنزول الى الشارع والتعرف على مكنوناته وارهاصاته والانصات لصوت المهمشين والمظلومين والمعوزين ومن تخطتهم بروتوكولات وحفلات النخب السياسية هؤلاء اليوم هم الشريحة الاكبر في العراق التي تستحق الاهتمام وتستحق اللقاء اكثر من غيرهم وللاسف مامن زعيم سياسي في العراق حرص على هذا الاستحقاق الاخلاقي وان حصل ذلك فانه يحصل بنية ليست خالصة لوجه الله بل لاجل حسابات محسوبة وباساليب الخداع والتمويه فهناك من يلبي هذا الاستحقاق في الزمان والمكان الذي يريده هو لاالذي يريده جمهور الناخبين فترى مثل هؤلاء يتجولون بين ناخبيهم في الحملات الانتخابية وقبل التصويت في صناديق الاقتراع يغدقون الوعود ويطلقون الاماني والاحلام ويتحدثون بلسان معسول ويختفون عن المشهد العام بمجرد ان تنتهي الانتخابات حينها يكتفي هؤلاء بما حصلوا عليه من مناصب وامتيازات ولم يعد لجمهورهم الحق والامكانية برؤيتهم الا على شاشات التلفزة وفي الاحتفالات العامة حينها يصح القول ان هذا الانموذج يفضل البقاء في البرج العاجي ويرفض النزول منه والتوجه الى ميدان اوسع وابعد من القلاع الحصينة وفي الوقت نفسه لايود لاحد الاقتراب من هذا البرج ومالم يدرك المتعالون ان هذا الانقطاع وهذا البعد لايجلب لهم سوى النفور والمزيد من العزلة فانهم لن يحصدوا سوى الخسران في الجولات المقبلة وان الشعب العراقي وعى جيداً مثل هذا السلوك وان احجامه وتردده في المشاركة في الانتخابات المقبلة مصدره هذا الجحود وهذا الموقف المشين وهذا الاهمال المتعمد وغير الواعي لمجموعة من السياسيين اتقنت باحتراف الالتفاف والمراوغة ونكث الوعود وفشلت في الاقتراب وكسب ود الناس بصدق واحترام.

نقلا عن الصباح الجديد