23 ديسمبر، 2024 1:14 م

النزاهة …ليست نزيهة ؟!

النزاهة …ليست نزيهة ؟!

إعلان قاضي محكمة النزاهة والمشرف على محاكم المحافظات الجنوبية عبد الأمير الشمري , الثلاثاء , استقالته يفتح لنا الباب واسعاً أمام الكثير من التساؤلات ، بالتدخل الحكومي الواضح في القضاء، وتحديداً النزاهة، إذ جاءت هذه الاستقالة بعد الضغوط التي مارستها دولة القانون على القاضي الشمري ، ومحاولة تجنيده لأغراض حزبية ضيقة ، كما أنه أتهم القضاء بعدم حياديته وتدخل الحكومة فيه .
القاضي الشمري كان مسؤولاً عن ملف وزير التجارة الأسبق المتهم في قضية فساد كبرى هزت الوزارة آنذاك .
الأغرب من ذلك أن إجراءات نقل الشمري ، جاءت عبر رسالة من رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود عبر موقع الفيس بوك ، الأمر الذي يعكس هشاشة الوضع السياسي القائم ، ومدى الاستهزاء بالواقع القضائي العراقي ، والذي بالتالي فشلاً سياسياً ، وتشويه لصورة الديمقراطية التي يرفع شعارها دولة القانون في العراق الجديد .
هذه الاستقالة للسيد الشمري فتحت الباب واسعاً أمام التكهنات بردود أفعال يمكن أن تقوم بها الحكومة تجاه منافسيها ، خصوصاً ونحن في اليوم الثاني من الدعاية الانتخابية للانتخابات البرلمانية والتي ستجرى في نهاية نيسان الجاري ، مما يجعلنا أمام معادلة التسقيط السياسي للخصوم اياً كانوا هم ، وسعي بعض أعضاء دولة القانون إلى مهاجمة البرلمان، لإسقاطه في نظر الشارع ، وإلغاء أي دوراً رقابي له على الحكومة ، وإلقاء الفشل الحكومي عليه.
كما أن السلطة القضائية هي الأخرى أصبحت أداة سهلة ومسيطر عليها تماماً من قبل الحكومة ، خصوصاً مع وجود شخصيات مثيرة للجدل ومعروفة بارتباطها بالبعث ألصدامي، مما يجعل هولاء الشخوص أداة سهلة للبيع والشراء، يحركه كيفما شاء، ويؤهلها للبقاء ضمن السلطة القضائية وفق القانون ، خدمة لمصالحة الحزبية ، وضرب المنافسين .
لهذا اُستخدم القضاء كسلاح لضرب الخصوم السياسيين، وضد كل من يقف بوجه سياسة الحكومة الفاشلة من تردي امني وفساد مستشري في جميع مؤسسات الدولة العراقية ، الشيء الذي يعكس واقعاً سياسياً مؤلماً في ظل القراءة الضيقة ، والمصالح الحزبية ، والتمسك بالسلطة ، ومحاولة التأسيس لسيطرة الحزب الواحد والشخص الواحد ، وهي ثقافة تسعى إلى تجذيرها دولة القانون ، عبر أساليب خطيرة منها السيطرة الكلية على القضاء .
تغيير رئيس الهيئة النزاهة خصوصاً مع قرب البت بأهلية المرشحين، وتشكيل هيئة تمييزه من قضاة مقربين من دولة القانون، والقرارات التي صدرت لحد اللحظة كلها تؤشر على سيطرة دولة القانون على السلطة القضائية ومحاولة جعلها أداة لتسقيط منافسيها السياسين ، أذن أصبح رجال القضاء الفاسدون واحداً من أدوات التفرد بالسلطة، والتأسيس لديكتاتورية على أنقاض ديكتاتورية ذاق الشعب منها الويلات والكوارث والمقابر الجماعية …
هذه الخطوات البالغة الخطورة ، التي تسعى دولة القانون في السيطرة على القضاء يجعلنا أمام تساؤل مهم ، عن نزاهة الانتخابات القادمة ، وصدقية المؤسسات والهيئات المشرفة عليها ، كما يجعلنا أمام منعطف خطير في جدية هذه الانتخابات والإجراءات ومدى مصداقيتها أمام التدخل الحكومي في القانون وعمل الهيئات كافة ؟! .